هدوء وترقب على جبهات إدلب السورية.. هل يصمد وقف إطلاق النار في المنطقة الملغومة؟
هدوء وترقب على جبهات إدلب السورية.. هل يصمد وقف إطلاق النار في المنطقة الملغومة؟هدوء وترقب على جبهات إدلب السورية.. هل يصمد وقف إطلاق النار في المنطقة الملغومة؟

هدوء وترقب على جبهات إدلب السورية.. هل يصمد وقف إطلاق النار في المنطقة الملغومة؟

تشير دلائل عدة إلى أن وقف إطلاق النار، الذي أعلن الجيش السوري الالتزام به، بدءًا من صباح اليوم السبت، لن يصمد طويلًا، في منطقة إدلب "الملغومة"، والمهيأة للتصعيد، مجددًا، عند أول شرارة.

ويرى خبراء أن الهدن تصمد، عادة، حين تبرم بين جيوش نظامية، تحتكم إلى مرجعية عسكرية محددة، أما في إدلب فالأمر مختلف تمامًا، ذلك أن وقف إطلاق النار أعلن من طرف واحد، أي الجيش السوري النظامي، وهو ما يعني أن الطرف الآخر، المتمثل في الفصائل الجهادية، قد يخرق الهدنة الهشة في أية لحظة.

وتسيطر جبهة النصرة، المصنفة إرهابيًا، والتي غيرت اسمها إلى هيئة تحرير الشام، على غالبية منطقة إدلب، وهو سبب كاف لحدوث اختراقات، بحسب الخبراء الذين أوضحوا أن جبهة النصرة لم تعلن عن أي التزام إزاء وقف إطلاق النار.

وما يزيد من تعقيد الموقف هو أن الفصائل الجهادية المقاتلة في منطقة إدلب، والتي تتلقى غالبيتها دعمًا من أنقرة، باتت تشعر أن الأخيرة قد خذلتها، ولم تمنع روسيا والنظام السوري من شن هجمات مدمرة على آخر جيب للمعارضة السورية، مع ما يعني ذلك من تراجع النفوذ التركي لدى تلك الجماعات، بحيث لم يعد في مقدور تركيا التحكم بتحركاتها، وخصوصًا في الميدان العسكري.

الخذلان التركي

وكان عشرات الآلاف من السوريين الذي يقطنون مناطق سيطرة المعارضة المسلحة في إدلب ومحيطها قد انتفضوا، أمس الجمعة، ضد سياسة تركيا "المتخاذلة"، حسب وصفهم، وقاموا بإحراق صور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أول مؤشر قوي على انفراط عقد الوئام بين أنقرة والفصائل الجهادية الموالية لها.

ورغم أن الحكومة السورية أعلنت التزامها بوقف إطلاق النار، بضغط روسي، غير أنها حافظت على خط الرجعة، إذ أكد مصدر عسكري سوري لوكالة (سانا) الرسمية، أن الجيش السوري سيلتزم بالهدنة، لكنه يحتفظ بحق الرد على أي خرق.

وإلى جانب جبهة النصرة، ثمة فصائل ناشطة في إدلب، وإن كانت أقل نفوذًا، لكنها قادرة على إحداث "تشويش ميداني" قد يدفع الجيش السوري إلى التذرع به لاستئناف عملياته العسكرية.

رشوة مؤقتة

وعلى المستوى السياسي، يعرب خبراء عن اعتقادهم أن الوضع الهش والفوضوي في إدلب لا يمكن أن يستمر على هذا النحو إلى الأبد، مشيرين إلى أن وقف إطلاق النار هو مجرد حيلة لشراء الوقت، ذلك أن الحل يكمن في عملية سياسية شاملة تعيد الأوضاع إلى طبيعتها على كامل التراب السوري.

ويرى خبراء أن تعقيدات الوضع في المنطقة وكثرة اللاعبين الإقليميين المؤثرين في الملف السوري، ستؤثر على وقف إطلاق النار، وعلى الواقع العسكري الميداني الذي يضم فصائل عدة تتأهب للانتقام عندما تحين الفرصة المناسبة.

ويضيف المراقبون، أن وقف إطلاق النار أعقب زيارة قام بها أردوغان إلى روسيا، مشيرين إلى أن هذا الوقف لإطلاق النار يعد بمثابة "رشوة مؤقتة" من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لضيفه أردوغان الذي أتم صفقة الصواريخ الروسية إس 400، وأفصح عن رغبة في شراء مقاتلات روسية، بعدما أغضب حليفه واشنطن، ليتقرب من القيصر الروسي.

ويتابع الخبراء، أن هذه الجرعة الروسية المؤقتة للتهدئة، والتي قدمها للجانب التركي، سينتهي مفعولها سريعًا عند أول طلقة تطلقها الفصائل المعارضة، مشيرين إلى أن بوتين سيرد، عندئذ، على أردوغان بأن الجانب السوري التزم بالاتفاق، لكن المتشددين لم يلتزموا به.

وكان بوتين طالب الأسبوع الماضي بضرورة القضاء على نشاط التنظيمات الإرهابية في إدلب والقضاء عليها، وهو ما يتعارض كليًا مع الرؤية التركية التي ترى أن الهجمات تهدد المدنيين، وتنذر بتدفق موجة جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها.

توقف الغارات

وكانت الغارات الجوية على إدلب قد توقفت، منذ صباح اليوم السبت، مع دخول وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ، إذ أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "الطائرات الحربية غائبة عن السماء والغارات الجوية قد توقفت".

وكانت الحكومة السورية أعلنت مطلع آب (أغسطس) الجاري، العمل بهدنة مماثلة، لكن الهدنة انهارت بعد ثلاثة أيام فقط بعدما اتهم الجيش السوري الفصائل الجهادية المعارضة بخرقها، إذ يلاحظ خبراء أن مصير الهدنة الحالية لن تكون أفضل من سابقتها.

يشار إلى أن الجيش السوري النظامي حقق منذ بدء التصعيد العسكري في إدلب أواخر نيسان (إبريل) الماضي، تقدمًا عسكريًا نوعيًا، عبر السيطرة على عدة مدن وبلدات وقرى كانت خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، بينها مدينة خان شيخون الاستراتيجية.

ومحافظة إدلب ومحيطها مشمولة باتفاق روسي تركي تمّ التوصل إليه في سوتشي في أيلول (سبتمبر) 2018، ونص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، تفصل بين قوات الحكومة السورية، وفصائل المعارضة المسلحة، لكن من دون أن يُستكمل تنفيذه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com