حرائق بنكهة سياسية تجتاح "سلة غذاء" سوريا
حرائق بنكهة سياسية تجتاح "سلة غذاء" سورياحرائق بنكهة سياسية تجتاح "سلة غذاء" سوريا

حرائق بنكهة سياسية تجتاح "سلة غذاء" سوريا

بات اندلاع الحرائق حدثًا شبه يومي منذ بدء موسم الحصاد في منطقة شرق الفرات بسوريا، إذ التهمت النيران مساحات واسعة من حقول القمح والشعير في هذه المنطقة، التي عادة ما توصف بسلة غذاء سوريا.

ويرجح مسؤولون في الإدارة الذاتية الكردية، أن تكون هذه الحرائق المتكررة، مفتعلة؛ لضرب الاقتصاد وخلق فتنة بين سكان المنطقة، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن.

وكان تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن إضرام الحرائق في بعض المناطق، مبررًا بأن هذه الأراضي الزراعية تابعة لمن وصفهم بـ"المرتدين".

ويرى خبراء أن هذه الحرائق هو أسلوب عسكري جديد تتبعه خلايا داعش النائمة؛ وذلك انتقامًا للهزيمة التي تعرض لها التنظيم على يد قوات سوريا الديمقراطية، التي أعلنت القضاء على داعش في آذار/ مارس الماضي، في آخر جيب له بريف دير الزور الشرقي.

ولم تقتصر الأضرار على الخسائر المادية، إذ تسببت الحرائق بمقتل نحو عشرة أشخاص، إضافة إلى إصابة البعض بحرائق متفاوتة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقتل الضحايا العشر، ونصفهم مدنيون، بينما كانوا يحاولون، وفق المرصد، إخماد عدد من الحرائق امتدت من شرق مدينة القامشلي حتى ريف مدينة الحسكة.

ووفقًا لمئات الصور والفيديوهات التي تتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، فإن عبء إطفاء الحرائق يقع على عاتق الأهالي الذين يطوقون النيران بأكياس خيش مبللة بالماء، أو بحراثة الأرض بالجرارات كي لا تتسع رقعة الحريق، وذلك في ظل الإمكانيات المحدودة للإدارة الذاتية الكردية التي فوجئت بهذه النيران الضخمة.

وفي أحدث حصيلة عن خسائر الحرائق، قدرت الإدارة الذاتية قيمة الخسائر بنحو 19 مليار ليرة سورية، (الدولار الأمريكي يعادل نحو 550 ليرة سورية).

وأوضحت هيئة الزراعة والاقتصاد في الإدارة الذاتية أن النيران التهمت منذ بدء الموسم، أواخر شهر أيار/ مايو الماضي وحتى 16 حزيران يونيو الجاري، أكثر من 41 ألف هكتار، علمًا أن المساحة الكلية المزروعة بالقمح والشعير في منطقة الجزيرة تبلغ نحو 980 ألف هكتار.

ونظرًا للخسائر الفادحة التي تعرض لها الفلاحون في منطقة تعتمد بشكل أساسي في معيشتها على الزراعة، شكلت الإدارة الذاتية لجانًا خاصة لتسجيل أسماء المتضررين من حرائق المحاصيل من أجل تعويضهم لاحقًا.

وكان مسؤولون في الإدارة الذاتية الفتية، ذات الإمكانيات المتواضعة، قد دعت التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، إلى مساعدتهم على إطفاء الحرائق التي خرجت عن السيطرة.

واتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" قوات سوريا الديمقراطية بالوقوف خلف إضرام النيران في حقول الحسكة، معتبرة أنها "تعمد إلى افتعال الحرائق للضغط على المزارعين لمنعهم من تسليم محاصيلهم إلى مراكز الحبوب" التابعة للحكومة.

وتتنافس الإدارة الذاتية الكردية والحكومة السورية هذا الموسم على شراء محاصيل القمح الوفيرة هذا العام من المزارعين في محافظة الحسكة، إذ يعوّل الطرفان على القمح، وفق خبراء؛ لأهميته في تحديد سعر مقبول لرغيف الخبز، بما يسدّ احتياجات السكان في مناطق سيطرة كل منهما.

وكانت الحكومة السورية، التي تحتفظ بمقرات رسمية في مناطق قوات سوريا الديمقراطية، حددت سعر شراء الكيلو غرام الواحد من القمح ب 185 ليرة سورية، بينما حددت الإدارة الذاتية السعر بـ 160 ليرة سورية، أي أقل من السعر الحكومي بـ 25 ليرة سورية، وبالتالي هناك توجه من قبل الكثير من الفلاحين بتسليم محاصيلهم لمراكز الحكومة السورية.

وفي ظل الاتهامات المتبادلة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية حول المسؤولية عن الحرائق، برز احتمال آخر يفيد بأن أثرياء وتجار الحروب هم من يفتعلون هذه الحرائق؛ ليتسنى لهم استيراد المحاصيل من الخارج، وكسب المزيد من الأرباح، بدلًا من استخدام المحاصيل السورية في موسم يعتبر الأفضل منذ سنوات بسبب الأمطار في الشتاء الأخير.

ويقول المركز السوري لدراسات البحوث، إنه منذ بدء الأزمة السورية عام 2011 انتشرت التعديات على الأراضي الزراعية بصورة مدمرة، وأدت إلى خروج الأراضي الخصبة من الاستثمار، كما تعرضت المروج والمراعي ومناطق الغابات والمناطق الحرجية إلى حرق وقطع.

ورغم ذلك بقيت الحبوب مصدرًا رئيسيًا في الاقتصاد السوري، حيث كان الإنتاج بحدود أربعة ملايين طن قبل 2011، مع احتياطي مخزون استراتيجي قدره نحو ثلاثة ملايين طن.

وبحسب خبراء، كان متوقعًا أن يصل الإنتاج لهذه السنة إلى نحو ثلاثة ملايين طن، غير أن الحرائق الأخيرة عصفت بهذه التوقعات، وقضت على أحلام الفلاحين البسطاء الذين أملوا في محصول وفير، لكنهم لم يحصدوا سوى الرماد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com