الأمم المتحدة تضيق ذرعًا بسطوة الميليشيات في طرابلس الليبية
الأمم المتحدة تضيق ذرعًا بسطوة الميليشيات في طرابلس الليبيةالأمم المتحدة تضيق ذرعًا بسطوة الميليشيات في طرابلس الليبية

الأمم المتحدة تضيق ذرعًا بسطوة الميليشيات في طرابلس الليبية

تأخرت بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا في الإعراب عن "إدانتها الشديدة لأعمال العنف والتخويف وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قبل رجال الميليشيات"، الذين يشكلون ما يعرف بـ"كارتيل طرابلس"، في مقاربة مع وفاق الوطني، المؤسسات السيادية ويمنعونها من أداء عملها بشكل فعال"، مؤكدة أن "التدخل في عمل المؤسسات السيادية وفي الثروة الوطنية الليبية أمر خطير ويجب أن يتوقف على الفور".

وحتى لحظة صدور البيان بدت البعثة متناغمة مع عمل حكومة الوفاق، وراضية عن أداء ميليشياتها، لدرجة أن عادت أدراجها وافتتحت مكاتبها في طرابلس في شباط/ فبراير من العام الجاري، على اعتبار أن العاصمة عادت آمنة، بل إن مدير إدارة العمليات لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة جون جنج، أشاد غداة افتتاح المقر، بما تقوم به حكومة الوفاق على المستوى السياسي والإنساني رغم التحديات التي تواجهها، مؤكدًا أن "هناك فرصًا لإحداث تغيير خاصة في مجال حقوق الإنسان"؟.

 ويتبين من بيان البعثة فشلها الذي يعني فشل حكومة الوفاق أيضًا في تحقيق ذلك، أو أنها خدعت بتصريحات مسؤولي الرئاسي والوفاق الذين صوَّروا لها أن الأمور تحت السيطرة، واحتاجت وقتاً لاكتشاف الحقيقة المرة، فقد دعت في بيانها، حكومة الوفاق إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لمقاضاة المسؤولين عن هذه الأعمال الإجرامية، محذرة من أن الأمم المتحدة سوف تقدم تقريرًا بهذا الشأن إلى المجتمع الدولي وستعمل مع جميع السلطات المختصة للتحقيق في إمكانية فرض عقوبات ضد أولئك الذين يتدخلون أو يهددون العمليات التي تضطلع بها أي مؤسسة سيادية تعمل لصالح ليبيا والشعب الليبي.

وظاهريًا، تتبع ميليشيات طرابلس إلى وزارة داخلية حكومة الوفاق، وتنفذ أوامرها وتدافع عنها من جهة، من جهة آخرى تمارس كل ما يصب في صالحها، دون اعتبار لقانون أو عرف أو حقوق إنسان  .

وتبدأ نشاطات هذه الميليشيات من التجارة غير الشرعية إلى الخطف على الهوية إلى استعباد المهاجرين والمتاجرة بهم، إلى التحكم في عمليات صرف الأموال من البنوك وقرارات المؤسسات السيادية وحتى ساعات وصول التيار الكهربائي وطرح الأحمال بالقوة.

وقال  تقرير محايد لمؤسسة Small Arms Survey السويسرية بعنوان "طرابلس عاصمة الميليشيات"، إن "الميليشيات في طرابلس تسيطر على الدولة الليبية وتؤثر على قراراتها السياسية".

وأشار التقرير إلى "تغلغل  شبكة من العصابات الإجرامية المسلحة في الإدارات الحكومية والمصارف لتمويل مشاريعها، وتساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية وتعبث بمستقبل الليبيين في إقامة دولة مدنية، مشيرة إلى أن الحكومة في طرابلس عاجزة عن فعل أي شيء أمام تغوّل الميليشيات".

والأخطر الذي يقوله التقرير إن "سياسات الأمم المتحدة والدول الغربية هي السبب في هذه الأزمة السياسية والأمنية، لمعرفتها مسبقًا أن أي حكومة يكون مقرها في طرابلس ستكون بين فكي الميليشيات وتحت سيطرتها".

ويشير التقرير الى أن هذه الميليشيات التي يسميها  "كارتل طرابلس" أصبحت شبكة إجرامية تضم ميليشيات أهمها ما يعرف باسم "قوة الردع الخاصة" بقيادة عبد الرؤوف كارة، و"كتيبة ثوار طرابلس" بقيادة هيثم التاجوري، و"كتيبة أبوسليم" التي يتزعمها "اغنيوة"، بالإضافة إلى "كتيبة النواصي" بزعامة علي قدور.

 وعدا عن هذه الميليشيات الكبيرة نسبيًا، عدديًا، وجميعها تتقاضى رواتبها من حكومة الوفاق باعتبارها " أجهزة أمنية"، توجد في طرابلس حوالي 60 ميليشيا أخرى.

وتقول مصادر إعلامية ليبية تحدثت إلى " إرم نيوز" من العاصمة طرابلس بلهجة ساخرة " كل الأشاوس رواتبهم جيدة بل ممتازة" ، وهم على خير حال، في ظل الأوضاع الحالية التي يرزح تحت وطأتها المواطن الليبي.

وحسب المصادر، فإن الغريب أن الصراع بين الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق والأخرى التابعة للجبهة الليبية المقاتلة والإخوان، ينصب فقط على توسيع النفوذ والمكاسب وأحيانًا محاولة إطلاق سراح معتلقين من ميليشيا لدى الأخرى وليس التصادم الوجودي، فكتيبة النواصي مثلا، التابعة للمقاتلة لها مقر يبعد 2 كم فقط عن مقر قوة الردع الخاصة، والحال نفسها تتكرر في مدينة تاجوراء، التي يتجاور بها مقر ميليشيا "البقرة" ذات النهج الإسلامي المتشدد والمدعومة من خليط من المتشددين "المقاتلة والمفتي المعزول الصادق الغرياني"، مع ميليشيا كتيبة ثوار طرابلس؛ إنه واقع عجيب حقاً، فقد اعتادوا على التعايش والتقاتل أحيانًا، حسب تبدل مصالحهم الخاصة، ويتقاسمون في كثير من الحالات غنائم تأتي من مناطق سيطرتهم المشتركة.

ورأت المصادر أن بعثة الأمم المتحدة كانت خلال سنوات، ومنذ وصول حكومة الوفاق، تعمل على تصدر المشهد في أي حدث يبدو ظاهره إيجابيًا، وفيه دعاية لحكومة الوفاق أو لهم ليهللوا، وإذا كان الحدث غير ذلك "يصدرون الطرشة"، في تعبير ليبي كناية عن صم الآذان.

وبرأي المصادر، فإن "بيان البعثة الأممية المناوئ للميليشيات، هو الأول الذي يتناول جوهر الأزمة في طرابلس وليبيا، بعد آلاف البيانات التي كانت تتعامل فقط مع قشرة الأزمة وتركز على ما هو غير جوهري، متساءلة بقولها، هل بإمكان البعثة التصدي حقاً لكارتيل الميليشيات؟.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com