عودة معارضة موريتانيا للمشاركة الانتخابية.. بداية تشكل أقطاب جديدة أم استغلال للحظة؟
عودة معارضة موريتانيا للمشاركة الانتخابية.. بداية تشكل أقطاب جديدة أم استغلال للحظة؟عودة معارضة موريتانيا للمشاركة الانتخابية.. بداية تشكل أقطاب جديدة أم استغلال للحظة؟

عودة معارضة موريتانيا للمشاركة الانتخابية.. بداية تشكل أقطاب جديدة أم استغلال للحظة؟

تعيش الساحة السياسية في موريتانيا هذه الأيام حراكًا لإعادة التشكل أو التموقع قبيل عام تقريبًا على استحقاق رئاسي موعود، يتوقع أن يترك فيه الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز السلطة لخليفة لما تتحدد هويته بعد.

موريتانيا ما بعد فترتين من رئاسة ولد عبد العزيز، موضوع سجال سياسي محتدم منذ سنوات يشهد مدًا تارة وجزرًا تارة أخرى، غير أن اللافت أن الأقطاب السياسية في البلاد، كانت تعيش ما يشبه "حالة القطيعة" بين الأغلبية الحاكمة وقوى المعارضة التي غيرت كياناتها عدة مرات للتأقلم مع الوضع القائم، فمن جبهة للدفاع عن الديمقراطية تأسست العام 2008 مع انقلاب ولد عبد العزيز إلى منسقية للمعارضة تطالب برحيل النظام العام 2011، وصولًا إلى المنتدى الوطني للديمقراطية الذي يضم غالبية الأحزاب المعارضة باستثناء حزب تكتل القوى الديمقراطية.

وبين النظام الموريتاني ومعارضته جولات من الحوار نجح في كل واحدة منها في شق صف هذه المعارضة، حتى بات هناك ما يعرف بـ"المعارضة المحاورة"، والتي تصف نفسها بالمعارضة "المسؤولة"، غير أن اللافت هذه المرة هو الكشف عن دخول المنتدى في حوار "سري" مع النظام، تم وأده بمجرد تسريبه بواسطة وسائل إعلام محسوبة على المعارضة، ليعقبه إعلان المنتدى عن مشاركته في الاستحقاقات المقبلة.

إعلان المنتدى بدا مفاجئًا للبعض، لكن قادته برروا القرار بأن "المنتدى لم يأخذ قرار المشاركة من فراغ وإنّما بعد مشاورة شركائه"، وفق تعبير يحيى ولد أحمد الوقف، القيادي بالمنتدى ورئيس حزب عادل.

وقال ولد الوقف، في تظاهرة مساء أمس، إن "المنتدى نواة حقيقية للمعارضة وبه انسجام حقيقي وتتقاطع أطرافه في رؤيته الواضحة".

وأكد أن "أهداف المنتدى ليست حزبية ضيقة، وإنما هي السعي لإحداث تغيير وخروج من هذا الانسداد، وقناعة المنتدى أن الانتخابات القادمة مجرد سلم للانتخابات الكبرى عام 2019، وعندما ننجح في كسب مقاعد في البرلمان؛ سيؤسس ذلك للتغيير الحقيقي المرتقب".

في انتظار "التكتل"

وبغض النظر عن تبريرات المنتدى لهذا القرار، فإنه يعد معطى جديدًا في المشهد السياسي سيحاول كل طرف استغلاله بما تمليه الظرفية، ففي الوقت الذي يرى المنتدى فيه مشاركة يراد منها حصد النتائج وقطع الطريق أمام تزوير الانتخابات، رحب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم بالقرار، مؤكدًا أنه "رسالة صريحة إلى من لم يحسم قراره بالمشاركة بعد". في إشارة ضمنية إلى حزب تكتل القوى الديمقراطية، أحد أكبر أحزاب المعارضة الراديكالية في البلاد، والذي يرى بعض نشطائه على مواقع التواصل الاجتماعي، أن قرار المنتدى وقبله الحوار السري "يراد منه إقصاؤه من الانتخابات والحياة السياسية".

ويتوقع أن يحسم الحزب موقفه بشكل نهائي من المشاركة في الانتخابات خلال الأسابيع المقبلة، وإن رجحت بعض المصادر أن يشارك مرغمًا حتى لا تتجاوزه الأحداث.

ويقول الصحفي الموريتاني "عبدالله ولد اتفاغ المختار"، معد برنامج "قابل للنقاش" بتلفزيون دبي، إن "حزب تكتل القوى الديمقراطية العريق، ليس أمامه من خيار سوى المشاركة أو مغادرة الحلبة، خاصة أنه تضرر كثيرًا من المقاطعة، ولديّ قناعة راسخة بأنه لن يُفوتَ الفرصة هذه المرة".

وأكد عبدالله في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "للمعارضة الموريتانية تاريخًا طويلًا مع مقاطعة الانتخابات، يعود إلى نيابيات 6 مارس 1992، وفي كل مرة تقاطع فيها المعارضة تفقد الكثير من حضورها في الشارع، ومن الزخم الإعلامي، خاصة أنها تعود للمشاركة في الموسم الانتخابي اللاحق".

وتابع، "اعتقد أن كل القوى سوف تشارك هذه المرة، لا على أمل تحقيق نتائج كبيرة أمام الحزب الحاكم، بل لانعدام الثقة بين مكونات المعارضة، من جهة، ولوضوح المكاسب التي حصلت عليها تشكيلة سياسية معارضة شاركت في آخر انتخابات".

سقوط حلم التغيير من الشارع

ومن جانبه، يرى الصحفي "أحمد ولد محمدو"، الناشط  في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، أنه "بعد تسع سنوات من التذبذب ما بين المشاركة والمقاطعة في الاستحقاقات الانتخابية من الطبيعي جدًا أن يعيد المنتدى حساباته، ماذا حقق بالمقاطعة؟ وماذا حققت له المقاطعة؟"

وقال في تصريح لـ" إرم نيوز"، "بالتأكيد لا يمكن نفي أن هذه المقاطعة لم تكن ذات تأثير، لكن النزيف الذي شهده هذا التحالف على مدى السنين الماضية خصوصًا في قواعده التي كانت ترفض سياسية المقعد الشاغر، اعتقد أنه كان المحدد الرئيس لمواقف المنتدى في المرحلة الراهنة.. طبعًا سقوط حلم التغيير من خلال الشارع أيضًا كان هو الآخر عاملًا مهمًا في مراجعة حسابات المنتدى".

وأكد ولد محمدو، أن "هذه العوامل مجتمعة جعلت المنتدى يعلن عن مشاركته في الانتخابات القادمة قبل أن يطلب منه أحد ذلك"، مشيرًا إلى أن "المعطيات الجديدة في المشهد السياسي الوطني ستحمل تشظي أقطاب وتحالفات كانت قائمة مما سيعيد ترتيب المشهد ويدفع للواجهة بتشكيلات جديدة، ربما سيكون له الدور الأبرز فيما بعد 2019، كما سيتم تغييب البعض الآخر بشكل لم يكن متوقعًا".

تمارين الاستحقاق

ويرى "يعقوب ولد باهداه"، الصحفي بقناة سكاي نيوز عربية، أن "الحراك الحالي بموريتانيا في مجمله هو تمهيد لما قبل التحضير للانتخابات الرئاسية منتصف العام المقبل".

وتوقع ولد باهداه، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "يلتحق حزب تكتل القوى الديمقراطية بالمنتدى الوطني في خوض الانتخابات الرئاسية، وسيحاولان جاهدين الدخول بقوة في السباق، وإن كان من الصعب عليهما توحيد مرشح المعارضة، لهذه الانتخابات ذات الخصوصية، فهي أول تجربة للانتقال السياسي من رئيس انتهت ولايتاه الرئاسيتان، إلى رئيس لم تتحدد أي ملامح له".

وأضاف، "لم تكشف الأحزاب الداعمة للرئيس محمد ولد عبدالعزيز عن مرشحها للرئاسة، وأتوقع أنه سيكون هناك سباق بينها والمعارضة للكشف عن أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية. مع إمكانية كبيرة لوقوع مفاجآت بهذا الشأن، خصوصًا إذا ظهر مرشح مستقل".

أخيرًا.. فهمت المعارضة

وبدوره، اعتبر الناشط السياسي في صفوف الأغلبية، "عمارو ولد ذو النورين"، أن "المعارضة فهمت أخيرًا بعد تصريح فخامة رئيس الجمهورية بوقف الحوار معها، وأن لا حوار بعد الحوار الشامل 2016، وأن لا سبيل لها إلا الدخول في اللعبة الديمقراطية ومحاولة كسب ما يمكنها كسبه".

وقال ذو النورين في تصريح لـ "إرم نيوز"، إن المعارضة "وقعت في تناقض غريب، حيث كانت تعاتب المعارضة المحاورة وقتها وتصف المشاركة في أي انتخابات بتشريع للنظام، في حين أن النظام شرعي بصناديق الاقتراع في 2009 و 2013 و2014 ولا يزيده مشاركة أي حزب".

وشدد الناشط السياسي، على أن " المعارضة وهي تخوض غمار الانتخابات القادمة تجاوزت الكثير من الباركماتية، وهي لا شك فرصة لمعرفة حجمها قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي لا شك ستفتح المجال لكثير من الأسئلة والتحالفات السياسية".

ويقول متابعون للشأن السياسي في موريتانيا، إن إعلان المنتدى موقفه من المشاركة في الانتخابات لن ينهي الجدل القائم بين القوى السياسية، خصوصًا بعد أن طفت على السطح مخاوف هذا الكيان السياسي، بشأن عدم نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وشواغل استغلال موارد الدولة وغياب المراقبين الدوليين.

ومن المرحج أن يشكل الحراك الحالي بداية تشكل أقطاب سياسية قد تتحدد معالمها من خلال النتائج التي سيحققها كل فريق، وإن كانت كل الترجيحات تصب في صالح الحزب الحاكم، الذي يسيطر حاليًا على الغرفة البرلمانية الوحيدة في البلاد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com