في الذكرى السابعة للثورة.. سيناريو الإطاحة ببن علي يُخيّم على احتجاجات التونسيين
في الذكرى السابعة للثورة.. سيناريو الإطاحة ببن علي يُخيّم على احتجاجات التونسيينفي الذكرى السابعة للثورة.. سيناريو الإطاحة ببن علي يُخيّم على احتجاجات التونسيين

في الذكرى السابعة للثورة.. سيناريو الإطاحة ببن علي يُخيّم على احتجاجات التونسيين

تتسارع الأحداث في تونس بشكلٍ لافتٍ عشية إحياء الذكرى السابعة لإسقاط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 يناير/كانون الثاني 2011، وهو الحدث الذي شكّل  نقطة تحوّل مفصلية في المنطقة، وأطلق شرارة ما سُميّ إعلاميًا بـ"ثورات الربيع العربي" التي زحفت إلى دول أخرى.

وليس جديدًا على التونسيين أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد لم يتحسن منذ إسقاط نظام بن علي، لكن نشوب موجة الاحتجاجات بشكل متفرق ومتزامن، أعطى الانطباع بوجود ثورة جديدة استغلت حالة الاحتقان الشعبي، ويأس الشباب من التغيير.

وفي الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري، فجّر متظاهرون في ضاحية ساقية سيدي يوسف التابعة لمحافظة الكاف قرب الحدود الجزائرية، حركة احتجاجية للتنديد بالتوزيع "غير الشفاف لإعانات حكومية موجهة لصغار المزارعين"، ثمّ توسعت لائحة المطالب لتشمل تحسين الخدمات، والوضع التنموي، وإيجاد فرص للمتعطلين عن العمل.

عدوى الاحتجاج.

وبشكلٍ مفاجئٍ، انتقلت "عدوى" الاحتجاج إلى مدن أخرى في المنطقة الحدودية وحتى الساحل التونسي الذي يشهد عناية حكومية منذ زمن زين العابدين بن علي، وبعدما حظيت حركة الغاضبين على التماس الحدودي بموجة تضامن واسع تعاملت معه السلطات بليونةٍ وحذرٍ شديدين، انقلب الوضع بانزلاق المظاهرات نحو العنف، وأعمال النهب، والتخريب بمنشآت عامة وخاصة.

ولكن حدّة العنف أخذت في التراجع منذ حادثة وفاة "الخمسي اليفرني" في ضاحية البطان في محافظة منوبة، وقد اتضح لاحقًا أن المعني مصاب بمرض ضيق التنفس، إذ جرى استغلال الحادثة من طرف جهات سياسية، وحقوقية، لاتهام قوات الأمن بارتكاب تجاوزات بالتزامن مع إطلاقها حملة اعتقالات مكثفة في نواحٍ متفرقة من البلاد.

وقال العميد، خليفة الشيباني، الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إنّ عدد المعتقلين بلغ 328 شخصًا بكامل الجهات منذ بدء الاحتجاجات، مبرزًا أنّ ذلك "تمّ في كنف القانون ومراجعة السلطات القضائية، خاصة حينما يتعلق الأمر بعمليات مداهمة أمنية لبؤر تجمّع المنحرفين والمشتبه بتخطيطهم لأعمال شغب".

وأضاف الشيباني في حصيلة أولية عرضها، اليوم الخميس، أنّه "جرى تسجيل إصابة 21 عون أمن بجراح متفاوتة، وإلحاق أضرار بـ10 مركبات إدارية بعد رشقها بالحجارة"، كاشفًا عن" توقيف من وصفهم بالمنحرفين والمخرّبين خلال الاحتجاجات الليلية بعدد من المحافظات".

مساندة اتحاد الشغل.

من جهته، صرّح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، وهي أكبر منظمة نقابية في البلاد، أن اجتماعًا عقده ليل الأربعاء/الخميس، برئيس الحكومة يوسف الشاهد، لبحث آليات معالجة الوضع الملتهب في البلاد بــ"قراراتٍ سياسية جريئة".

وأعلن الطبوبي أن منظمة العمال التونسيين "تساند الاحتجاجات السلمية ضد غلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية"، رافضًا أن "تتم الاحتجاجات تحت جنح الظلام، وأن تتحول إلى عمليات نهب وتخريب".

ودعا الطبوبي السلطات إلى البدء في اتخاذ قرارات سياسية جريئة لامتصاص الغضب الشعبي المتنامي في مدن وقرى حدودية مع الجزائر، وأخرى في الشمال التونسي، مبرزًا أهمية أن تأخذ القرارات الحكومية "بعين الاعتبار الفئات المهمّشة المتضرّرة من قانون الموازنة لسنة 2018، ورفع رواتب الموظفين، وزيادة الأجر القاعدي لشبكة الأجور، ومنح الأسر الفقيرة، ومنح المعاشات والعناية بالشباب المتعطل عن العمل".

اتهامات متبادلة.

ومع توسع بؤرة التوتر، واستنفار الأمن، والمس بالممتلكات العامة والخاصة، خرج السياسيون لاتهام بعضهم البعض بأنهم وراء تحريك الاحتجاجات لأغراض سياسية.

 وفتحت جبهة تبادل الاتهامات بين اليسار الممثل في الجبهة الشعبية، واليمين الإسلامي الممثل في حركة النهضة، خاصة بعد حديث الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية عن القبض على عنصر في محافظة القصرين بصدد توزيع أموال على المتظاهرين دون الإعلان عن انتمائه الحزبي.

وانتقل التلاسن بين النهضة والجبهة من مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية إلى مجلس نواب الشعب.

وكان هذا التلاسن  قد بدا بشكل علني وصريح تتهم فيه النهضة الجبهة أنها "وراء تحريك الشارع" لأن نواب الجبهة سبق أن دعوا للتظاهر لمراجعة بعض فصول قانون المالية.

ووسط تبادل اتهامات بين الحكومة وقوى معارضة، تتعالى أصوات تونسية لكبح موجة العنف التي تخللت الاحتجاجات الشعبية، ما يعزّز المخاوف من نشوب ثورة ثانية، أو دخول البلاد في أزمة خطيرة قد تلقي بظلالها على دول الجوار.

ووصفت حركة النهضة بقيادة راشد الغنوشي الوضع الحالي في البلاد، بـ"التطور الأمني الخطير" عقب الاحتجاجات الشعبية في بعض المناطق والتي "حادت عن السلمية وصاحبتها اعتداءات، ونهب، وتخريب للممتلكات العامة والخاصة".

ويتناغم موقف الحركة مع الموقف الرسمي الذي عبّر عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد حين وصف الوضع الحالي بـ"جرائم الشغب" وهدّد بتطبيق القانون على مثيري أعمال العنف، مع تحميله مسؤولية ذلك إلى "الجبهة الشعبية" وهي مجموعة أحزاب يسارية، وقومية، معارضة للائتلاف الحاكم.

ولم يتأخر حمّة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية في الردّ بحدة على اتهامات الشاهد، منتقدًا سياسته الحكومية التي تسببت –بحسبه رأيه- في فرض ضرائب، ورسوم إضافية أثقلت كواهل المواطنين في قانون موازنة العام الجديد.

ودعا الهمامي إلى "تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تضم شخصيات وطنية مشهودًا لها بالنزاهة والكفاءة للتحقيق في أحداث الشغب التي رافقت الاحتجاجات الليلية بمختلف الجهات والضواحي".

وقال  الهمامي، إن تصريح الشاهد يعكس حالة التخبط التي تعيشها الحكومة والائتلاف الحاكم، مشددًا على أن قانون الميزانية لسنة 2018، يتضمن إجراءات مدمرة، وفق رأيه.

وأكد أن الجبهة الشعبية دعت المواطنين للاحتجاج والتظاهر ضد قانون المالية، لكن "بوجوه عارية وصفوف منظمة"، موضحًا أنها لم تدع إلى التظاهر ليلًا.

إلى ذلك، توقعت مصادر مسؤولة في الحكومة التونسية خلال إفادة لــ"إرم نيوز" أن يلجأ الرئيس الباجي قايد السبسي إلى فرض حالة الطوارئ بعد جمع تقارير المجلس الأعلى للأمن، وهو إجراء لجأ إليه السبسي في حالات مشابهة حينما شهدت البلاد هجمات إرهابية وأعمال عنف خلال السنوات السابقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com