تصريح محمود عباس حول "50 محرقة" يشعل حربا بين معسكر نتنياهو ومعارضيه

شنت شخصيات إسرائيلية سياسية وإعلامية، فضلًا عن رواد مواقع التواصل الاجتماعي هناك، هجومًا حادًا ضد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس؛ على خلفية تصريحه، بأن إسرائيل ارتكبت "50 محرقة" بحق الفلسطينيين.

إلا أن هذه المقولة أفرزت تراشقًا سياسيًا حادًا بين اليمين واليسار، لا سيما بين أنصار زعيم "الليكود" بنيامين نتنياهو، وبين معارضيه.

وبينما قام أنصار نتنياهو بتوظيف تصريح عباس ضمن حملة انتخابية مبكرة، عبر اتهام خصومه السياسيين بالتعاون مع رئيس السلطة الفلسطينية واعتباره شريكًا سياسيًا، وجد معارضو نتنياهو أيضًا دلائل على اتجاه مماثل، اتبعه زعيم "الليكود" حين كان رئيسًا للحكومة.

وخلال زيارته إلى برلين، الثلاثاء، اتهم عباس إسرائيل بارتكاب "50 محرقة"، قبل أن يصدر بيانًا توضيحيًا، أكد خلاله على أنه "يعيد التأكيد على أن الهولوكوست أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث".

ولفت إلى أن كلامه لم يحمل إنكارًا للهولوكوست، إنما "إدانة للمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي جرائم لم تتوقف حتى يومنا هذا".

انتقادات حادة 

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد قد كتب عبر حسابه على "تويتر"، تعقيبًا على تصريح رئيس السلطة الفلسطينية إن "مقولة أبو مازن عن الـ50 محرقة، بينما كان على أرض ألمانيا، لأمر مشين أخلاقيًا، بل إنه بهتان كبير. إن ستة ملايين يهودي قضوا في المحرقة، منهم مليون ونصف المليون طفل، ولن يصفح التاريخ عنه (أبو مازن)".

وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، عبر حسابه على "تويتر" اليوم الأربعاء، أنه حين كان رئيسًا للوزراء لم يوافق على عقد اجتماع مع عباس أو الدخول في مفاوضات سياسية معه، حتى مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تعرض لها.

وأضاف بينيت أن "الشريك الذي ينكر المحرقة، ويلاحق جنودنا أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، ويدفع رواتب للإرهابيين، لا يعد شريكا"، على حد قوله.

ورأى وزير القضاء الإسرائيلي جِدعون ساعَر، أن ما صرح به عباس "جزء من حملة فلسطينية ممنهجة"، ورأى أنه يندرج تحت معاداة السامية ويهدف إلى سلب الشرعية عن إسرائيل.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الأربعاء، عبر حسابه على "تويتر"، قول عباس بأنه "بذيء وكاذب"، وقال "إن عباس يحاول إعادة صياغة التاريخ بشكل مشوَّه".

"الليكود" يستغل

ورد الإعلامي شِمعون ريكلين، من قناة "الآن 14" الداعمة لزعيم "الليكود" نتنياهو، على تغريدة غانتس، وكتب عبر حسابه أن "أبو مازن يتهم إسرائيل بارتكاب 50 محرقة، بينما يقول غانتس أن كلامه بذيء وكاذب (..)، وإذا كان الأمر كذلك، لماذا دعا غانتس شخصا ينكر الهولوكوست لاحتساء القهوة في منزله؟".

وسخر الإعلامي يِنون ماغال، الداعم لنتنياهو أيضًا من رد غانتس على تصريحات عباس، وكتب عبر حسابه على "تويتر" تعقيبًا على هذا الجدل إن "رد غانتس على كلام أبو مازن ونفيه للمحرقة هو: أدعوك لوليمة عشاء رومانسية في منزلي وسنرى كيف يمكن حل الخلافات والوصول إلى توافقات. أنا أتحدث مع الجميع".

وعقّب الإعلامي والناشط الإسرائيلي روعي عيدان، على تغريدة سابقة في الموضوع نفسه، لرئيس الوزراء لابيد، كما ورد آنفًا، منتقدًا إياه وغانتس وليبرمان (وزير المالية)، وكتب: "أمَّا أنت وغانتس وليبرمان، فلن تصفحوا عنه فقط، إنما ستغدقون عليه من أموالنا".

كما شن النائب المتطرف ايتامار بن غِفير، هجومًا على غانتس، وكتب عبر حسابه "من العار أن يُدخل غانتس ناكر الهولوكوست أبو مازن إلى منزله في روش هاعاين (مدينة في وسط إسرائيل)".

وكان حساب "الليكود" على "تويتر" قد نشر تغريدة في الساعات الأخيرة، جاء فيها أن "إنكار الهولوكوست من جانب أبو مازن أمر مفزع وخطير. إن التعاون المفرط من جانب لابيد وغانتس مع أبو مازن، ومن هم على شاكلته أمر خطير بشكل لا يقل. الليكود وحده قادر على تشكيل حكومة مستقرة غير مرهونة بمؤيدي أبو مازن".

نتنياهو متهم

إلا أن الناشط غيل سولومون، رد بنشر صورة قديمة لنتنياهو بينما يصافح عباس، وكتب "لن ننسى من أدخل أبو مازن والعلم الفلسطيني إلى مكتب رئيس الوزراء".

ولحق به حساب يحمل اسم يوسيف هاروئيه، ونشر مقطع فيديو بينما يظهر فيه نتنياهو وزوجته سارة التي صافحت عباس وأعربت عن سعادتها بلقائه.

ونشرت الناشطة سيما أهارون، العديد من الصور التي جمعت بين نتنياهو وبين عباس.

وعقّب طالب في كلية الحقوق جامعة حيفا، يدعى شاكيد بأن كتب "نعم، بالطبع، التقى بيبي (نتنياهو) أبو مازن 200 مرة، وأدار معه مفاوضات لإقامة دولة فلسطينية، لكن الليكود لن يكون رهينة له".

وبينما نشر الصحفي الشهير بن كسبيت، تغريدة تضم العديد من الصور التي تظهر نتنياهو مع عباس، وكتب "مجموعة ملصقات مع ناكر الهولوكوست"، ذكّر الصحفي روعي كايس بالبيان التوضيحي الصادر عن السلطة الفلسطينية والذي رأى أن الهولوكوست أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث.