هل وصلت العلاقات بين الصين والهند إلى نقطة "اللا عودة" في عام 2020؟
هل وصلت العلاقات بين الصين والهند إلى نقطة "اللا عودة" في عام 2020؟هل وصلت العلاقات بين الصين والهند إلى نقطة "اللا عودة" في عام 2020؟

هل وصلت العلاقات بين الصين والهند إلى نقطة "اللا عودة" في عام 2020؟

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن العام 2020 ربما يكون هو الوقت الذي وصلت فيه العلاقات الصينية الهندية إلى نقطة "اللا عودة".

وفي عام 2020 رجح السياسيون أن يكون مسار مواجهة الهند والصين في جبال الهيمالايا أحد أهم التطورات ذات العواقب الطويلة الأمد في منطقة المحيط الهادي.

ولم تبد القوات الصينية أي إشارة للميل للتراجع عن المواقع التي احتلتها على طول خط السيطرة الفعلية، الذي يقسم الأراضي التي يسيطر عليها البلدان في منطقة لداخ، منذُ شهر نيسان/ أبريل.

ومن ناحية أخرى، تحتشد القوات الهندية على الحدود المتنازع عليها، وتطالب نيودلهي بإعادة الوضع إلى ما كان عليه من قبل، وفشلت عدة جولات من المحادثات العسكرية والدبلوماسية في تحقيق أي نتائج، ما يؤكد خطورة الوضع على الجانبين.

وفي حين ترجح "فورين بوليسي" أن تكون العلاقات الهندية الصينية قد وصلت في عام 2020 إلى نقطة "اللا عودة"، أعرب كثيرون في نيودلهي عن اعتقاد ساذج بأنه على الرغم من كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك، فإن الهند سوف تكون قادرة على إدارة علاقتها مع الصين دبلوماسياً، وأنه من الممكن منع النزاع الحدودي من التأثير على العلاقة الأكبر.



خطط أخرى لبكين

وعلى الرغم من المواجهة بين الجيشين في دولكام الواقعة على الحدود الهندية الصينية في عام 2017، التي قام فيها جيش التحرير الشعبي بتجريف مخابئ حجرية كان جيش بوتان الملكي قد بناها، فإن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي حاول بناء علاقة شخصية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وتعود تلك المحاولة إلى الضرورة العملية للتعامل مع جار الهند الأقوى بكثير، فضلا عن تشكيل المشاركة الثنائية بعيدا عن النزاعات. وعلى الرغم من نجاح الجهود لفترة من الوقت، فإنه سرعان ما اتضح أن بكين لديها خطط أخرى.

وفي محاولة لإعادة رسم منطقة خط السيطرة الفعلية لصالحها هذا العام، تجاهلت بكين المبادئ المركزية لجميع الاتفاقيات، التي وقعتها مع الهند منذ عام 1993 للحفاظ على السلام على الحدود، ومن شأن سلوكها أن يغير مسار العلاقة الثنائية، التي قامت على أساس أنه حتى مع بقاء المسائل الحدودية دون حل، يمكن للدولتين المضي قدماً في مجالات أخرى من المشاركة العالمية والإقليمية والثنائية، لكن يبدو أن هذا المبدأ الأساسي قد تم تقويضه بشكل خطير.

ويعتبر حزم الصين أمرا مفهوما من بعض النواحي، فما دامت الصين هي الطرف المهيمن على طول الحدود، تستطيع التظاهر بالتمسك بالسلام والهدوء، الذي سيكون على قائمة شروطها.



نقطة حرجة

والواقع أن تأكيد الهند على مصالحها في المنطقة في السنوات القليلة الماضية هو الذي برز كنقطة شائكة، حيث تجري عسكرة منطقة خط السيطرة الفعلية اليوم بوتيرة غير مسبوقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البنية التحتية الهندية باتت في وضع أفضل بكثير، وأصبحت الدوريات الهندية أكثر فاعلية، حيث بات للجيش الهندي وجود في المناطق التي لم يكن الجيش الصيني معتاداً على رؤيته فيها.

ويبدو أن الهند مستعدة الآن أيضاً لمواجهة العدوان الصيني وجهاً لوجه، ولذلك تستعد لحدود أكثر تقلباً، وإذا لم يتم التوصل إلى حل دائم لمشكلة الحدود، فقد تصبح الاضطرابات على خط السيطرة الحالة الطبيعية الجديدة.

وتنبه المجلة أن الصين لا تزال الطرف الأكثر قوة في النزاع، وبنيتها التحتية في حالة أفضل بكثير من الهند، ولكن تطور البنية التحتية الهندية قد وصل إلى نقطة حرجة، ولم ترفض الصين المشروع الهندي بهذه القوة من عدم، حيث يعتبر طريق "دربوك-شيوك-دولت بيغ أولدي" الاستراتيجي، الذي يبلغ طوله 160 ميلاً، وسيربط مدينة ليه الهندية بممر قراقرم، وهو الطريق التجاري التاريخي عبر سلسلة جبال قراقرم، التي تربط لداخ بالمناطق الغربية في الصين، التحدي الهندي الأكبر للخطط التوسعية الصينية في المنطقة.

وعلى الرغم من الاعتراضات الصينية، واصلت الهند متابعة المشروع، ويبدو أن الصدامات الحدودية، هي وسيلة الصين للضغط على الهند ومنعها من المضي قدماً بالمشروع.

وكانت السياسة الخارجية الهندية على مقدمة التحديات العالمية للخطط الصينية، حيث كانت نيودلهي أول دولة تحذر العالم من مخاطر مبادرة الحزام والطريق الصينية، في وقت كانت فيه كل دولة أخرى تقريبا مقتنعة برواية بكين بأن المشروع كان يهدف إلى تحفيز تطوير البنية التحتية العالمية بدلاً من إثراء الشركات الصينية.

لكن اليوم، ترى أغلب القوى العالمية مشروع الحزام والطريق كما رأته الهند، وبالنظر إلى أن المشروع يهدف أيضا إلى تمجيد الزعيم الصيني شي، فمن المنطقي أن يكون دور الهند في تشكيل المعارضة العالمية له مثيراً لغضب النظام بشكل خاص.



التضحيات الهندية

وتمكنت الهند من تشكيل الخطاب العالمي بشأن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي تعمل الآن بشكل وثيق مع الأطراف الإقليمية التي تشاركها وجهات النظر، لدعمها في النزاع.

وفي الوقت الذي تحاول فيه إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب فض الترابط التجاري والتكنولوجي الأمريكي مع الصين، باتت واشنطن ونيودلهي أقرب من أي وقت مضى.

ولم تنجح المحاولات الصينية لتهميش الهند على الساحة العالمية، وازدادت مكانة نيودلهي منذ ذلك الحين، وهو ما دفع الصين لاستخدام القوة الغاشمة، على أمل تلقين الهند درساً، ولكن الأمر أدى إلى نتيجة عكسية، وأصبح الرأي العام الهندي، الذي كان سلبياً بالفعل تجاه الصين، الآن مناهضا للصين بقوة.

وفي الهند، واجه الذين كانوا يتحدثون عن الحفاظ على مسافة متساوية مع الصين والولايات المتحدة، صعوبة في الحفاظ على هذا الموقف، وأصبحت نيودلهي أكثر حرية في اتخاذ خيارات سياسية، استراتيجية واقتصادية مناهضة للصين.

وكانت استجابة الهند واسعة النطاق، من الحد من الاعتماد التجاري على الصين في القطاعات الاستراتيجية الرئيسية ومنع الصين من دخول القطاعات الحيوية، إلى حشد الدعم العالمي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ويشير تقرير فورين بوليسي إلى أن أيا من تلك الخيارات لا يخلو من التضحيات الهندية، ولكن الإجراءات التي اتخذتها الصين ضمنت أن الهند اليوم مستعدة لتحمل الثمن. لقد أوضحت ردود الهند العسكرية والدبلوماسية على العدوان الصيني أن نيودلهي ليست بلا خيارات ولا يمنعها شيء من اختيارها.

واختتم بالقول إن على الصين الآن أن تقرر ما إذا كانت تريد الهند كعدو دائم أم شريك تجاري، وأيا كان القرار الذي تتخذه بكين، فسيحدد ذلك المشهد الاستراتيجي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com