رغم دعم ترامب السخي لإسرائيل.. بايدن يستأثر بأصوات اليهود في الانتخابات الأمريكية
رغم دعم ترامب السخي لإسرائيل.. بايدن يستأثر بأصوات اليهود في الانتخابات الأمريكيةرغم دعم ترامب السخي لإسرائيل.. بايدن يستأثر بأصوات اليهود في الانتخابات الأمريكية

رغم دعم ترامب السخي لإسرائيل.. بايدن يستأثر بأصوات اليهود في الانتخابات الأمريكية

يتفق كثير من المراقبين والمحللين على حقيقة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعُتبر أحد أكثر الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية سخاء تجاه الدولة العبرية ومتطلبات أمنها القومي، إذ شهدت ولايته، التي امتدت 4 سنوات، العديد من الإجراءات التي تردد من سبقوه في تنفيذها، سواء من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي.

وفي الوقت نفسه تركز معاهد الفكر ومركز الدراسات ودعم صناعة القرار والعديد من المحللين في إسرائيل على محاولة فهم السياسات المحتملة للرئيس المنتخب جو بايدن، داعية إلى ضرورة إصلاح العلاقات مع الحزب الديمقراطي، ولا سيما في ظل المواقف الإيجابية، التي أعرب عنها بايدن خلال مشواره السياسي الطويل.



عطايا ترامب 

وأحصى رئيس معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والدفاع، افرايم عينبار، "العطايا" التي منحها ترامب لإسرائيل، وعلى رأسها الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية ونقل السفارة الأمريكية إليها، وقبل ذلك الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي لعب دورا مهما للغاية في توقيع "اتفاقات إبراهيم" مع الإمارات والبحرين، فضلًا عن تشجيع السودان نحو السلام مع إسرائيل.

واتفقت السياسات الأمريكية بشكل شبه كامل مع السياسات الإسرائيلية في جملة من القضايا منها ما يتعلق بإيران ومكافحة الإرهاب وقضايا الأمن القومي والدفاع، إضافة إلى الملف الفلسطيني.

وسارت سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل منسق مع سياسات الرئيس الأمريكي ترامب، ونظرت إسرائيل إلى "صفقة القرن"، التي أعلنها ترامب في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، على أنها تحمل مزايا عديدة وتعد الأفضل على الإطلاق لحل الصراع، وحصلت إسرائيل على مواقف أمريكية داعمة في المؤسسات الدولية والأممية.

 

"شماتة" اليسار

وعلى الرغم من كل ذلك، رصد الكاتب والمحلل أريئيل كاهانا بصحيفة "إسرائيل اليوم" ظاهرة طفت على السطح بمجرد بدء فرز أصوات الناخبين الأمريكيين، وحتى قبل إعلان النتائج عبر وسائل إعلام أمريكية، وبدء حالة الجدل بشأن حدوث خروقات أو تلاعب وفق الرئيس الأمريكي ترامب، والذي يتمسك برواية أن الديمقراطيين "سرقوا الانتخابات".

وتحدث كاهانا، يوم أمس الجمعة، عن ظاهرة أسماها "الكراهية التي تشوش التفكير المنطقي"، التي انتابت العديد من الصحافيين والسياسيين الإسرائيليين المحسوبين على اليسار، على غرار ما حدث في وسائل إعلام أمريكية، لدرجة نقل أخبار وانطباعات خارجة عن المنطق، حول "خسارة ترامب وانتصار بايدن" حتى قبل إعلان النتائج.

وانتقد الكاتب الأصوات التي أبدت حالة من "الشماتة" إزاء نتائج الانتخابات الأمريكية، ومنها الإعلامية شيلي يحيموفيتش، زعيمة "حزب العمل" السابقة، التي كتبت تغريدة عبر حسابها على "تويتر" جاء بها "تخلصنا من هذا الغبي المضطرب الكاذب، الذي احتقر كل ما هو حق وصحيح، واحتضن كل ما هو شر وحقير"، وذكرها بأن ترامب "احتضن دولة إسرائيل التي تدفع لها راتبها".

وكتب زعيم حزب "ميرتس" اليساري عضو الكنيست نيتسان هوروفيتش عبر حسابه على "تويتر" متحدثا عن سنوات حكم ترامب "4 سنوات من الروح الشريرة، والأكاذيب، والبلطجة"، ما دفع كاهانا للقول إن إسرائيل ليست على رأس أولويات اليسار، وكذلك السلام، إنما "الكراهية هي القاسم المشترك لهذا المعسكر"، على حد قوله.

ويعتقد مراقبون أن المعسكر الإسرائيلي، الذي عبر عن ارتياحه لعدم فوز ترامب، هو نفسه المعسكر الذي يقود الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته، إذ يرى هذا المعسكر أن نتنياهو تلقى صفعة قوية، وأنه كان قد حصل على دعم كبير على المستوى الشخصي في ظل إدارة ترامب، التي منحته نقاطا عديدة ساهمت في استمرار وجوده على رأس الحكومة، وأن رحيل ترامب من وجهة نظر هؤلاء ربما يقصر عمر حكومة نتنياهو الحالية، ويكتب النهاية لمستقبله السياسي.



الصوت اليهودي

ويرى مراقبون أن السؤال الأهم يتعلق بموقف اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية، والذين يملكون حق التصويت بالانتخابات، ما يعني أن موقفهم يدخل دائرة التأثير على خلاف وجهات النظر داخل إسرائيل.

وتشير غالبية الاحصائيات إلى أن 4% فقط من يهود أمريكا يرون ملف الدعم الأمريكي لإسرائيل كملف مهم يحمل تأثيرا على موقفهم خلال التصويت، ما يعني أن كل ما قدمه ترامب لصالح إسرائيل لا يحمل تأثيرا يذكر على الناخب اليهودي والذي يحمل ميولا ديمقراطية وليبرالية.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مؤخرا نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد الانتخابات اليهودي الأمريكي (JEI) أظهر تفوق بايدن بين اليهود الأمريكيين بواقع 67% مقابل 31% فقط لصالح ترامب.

وذكرت أن الجالية اليهودية في أمريكا لا تشكل أكثر من 2% فقط من حجم الناخبين الأمريكيين، وأنها حتى ولو صوتت جميعا لصالح مرشح واحد فإن الأمر لن يحدث الفارق، مشيرة إلى أن لدى الجالية هناك ميولا نحو الليبرالية تفوق حتى نظرتها للمواقف الداعمة لإسرائيل.

صحيفة "إسرائيل اليوم" بدورها أشارت إلى أن استطلاعًا للرأي أجري عشية الانتخابات الأمريكية أظهر أن 70% من أبناء الجالية اليهودية سيصوتون لصالح بايدن، مقابل 30% فقط لصالح ترامب، مشيرة إلى أن غالبية اليهود في أمريكا يحسبون أنفسهم "صهاينة ليبراليين" ويرون قيما مشتركة مع الحزب الديمقراطي.

وأوضحت أن نتائج الانتخابات الأمريكية تتأثر في الغالب بما يدور في الولايات الأساسية المتأرجحة مثل فلوريدا، وأوهايو، وبنسلفانيا، وميشيغان، في وقت يعيش غالبية اليهود في تجمعات كبرى في ولاية كارولينا الجنوبية، وفي مدينة كليفلاند (بولاية أوهايو)، ومدينة فيلادلفيا (بولاية بنسلفانيا)، ومدينة بيتسبرغ (بولاية بنسلفانيا)،)، وضواحي مدينة ديترويت (بولاية ميشيغان)، مضيفة أن 95% من أصوات اليهود تتركز في مناطق استراتيجية بالنسبة للانتخابات، وهو ما يوضح أين ذهبت أصواتهم.



الحركة الإنجيلية 

وعلى خلاف الصوت اليهودي في أمريكا، وميوله الليبرالية، تثار علامات استفهام حول موقف التيار الصهيوني المسيحي في الولايات المتحدة الأمريكية ممثلا في الحركة الإنجيلية، والتي تنبثق عنها العديد من المنظمات والجمعيات التي ينتمي إليها قرابة 60 مليون أمريكي.

والحركة الإنجيلية، هي حركة دينية مسيحية تتبناها جماعات من المحافظين البروتستانت، وتزدهر في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، وتشكل أكثر من 13% من معتنقي الديانة المسيحية في المجمل، لكنها تحظى بنفوذ قوي للغاية في الولايات المتحدة.

وتُوصف الحركة الإنجيلية، بأنها حركة مسيحية صهيونية، تدعم إسرائيل والصهيونية الدينية واليهودية بشكل كامل، وتعمل على حشد تبرعات طائلة لصالح إسرائيل، وتمارس تأثيرا سياسيا كبيرا داخل الكونغرس الأمريكي ومراكز صنع القرار لصالح إسرائيل.

وفي شهر نيسان/أبريل الماضي أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حوارا عبر الفيديو مع ممثلي الحركة، خلال تنظيم مؤتمر للاحتفال بمرور مائة عام على عقد مؤتمر "سان ريمو"، الذي عقد بمدينة "سان ريمو" الإيطالية بين 19 إلى 25 نيسان/أبريل 1920، وأسفر عن قرارات منها وضع سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، ووضع العراق تحت الإنتداب الإنجليزي، ووضع فلسطين وشرق الأردن تحت الانتداب الإنجليزي مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور.



ادعموا ترامب!

وخلال الحديث بين نتنياهو والمشاركين في المؤتمر، تلقى رئيس وزراء إسرائيل سؤالا حول إذا ما كان يعتقد أن ترامب سيفي بوعوده بشأن "صفقة القرن"، وأنه سيعمل على تطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.

وذكرت قناة "أخبار 12" العبرية، في 26 من شهر نيسان/أبريل الماضي أن نتنياهو أكد أنه يثق بأن ترامب سيبارك مخطط ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأعرب عن خشيته من خسارته بالانتخابات الرئاسية، وحث أنصار الحركة الإنجيلية على دعمه، إذ بمقدور هذه الحركة حسم نتائج الانتخابات لصالح أحد المتنافسين نظرا لنفوذها وتأثيرا الشديد في الولايات المتحدة الأمريكية.



أبعاد دينية

وكانت مسألة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان قد لاقت استحسان الإنجيليين من النواحي الدينية، واعتبرت مسألة ضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن ذات أبعاد دينية بشكل أساسي، وهو ما عكسه نتنياهو في كلمة ألقاها في 29 حزيران/يونيو الماضي.

وأشار نتنياهو أمام المؤتمر السنوي لمنظمة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل (CUFI) الإنجيلية الأمريكية، إلى "العلاقة التوراتية" بين إسرائيل والمناطق التي يعتزم ضمها بالضفة الغربية.

وقال "ستفرض إسرائيل السيادة على مستوطنة بيت إيل شمال شرق البيرة، ستطبق إسرائيل السيادة على بيت إيل حيث حلم يعقوب بالذهاب إلى جنة عدن، سنطبق السيادة على شيلوه حيث كان التابوت المقدس".



تحوّل جذري 

وبحلول شهر تموز/يوليو الماضي، لم تعلن إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى سيادتها، وهو الأمر الذي وضع نتنياهو أمام انتقادات حادة، ومن ذك الهجوم الحاد من قبل مورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأمريكية (ZOA)، التي مولت حملات داخل إسرائيل وخصصت موارد طائلة من أجل إنجاح مخطط الضم.

وقال كلاين في 20 تموز/يوليو الماضي "بيبي ليس يمينيا، يبدو من يمين الوسط، منذ أن أصبح رئيسا للوزراء لم يؤسس نتنياهو ولو مستوطنة واحدة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، لم يطبق السيادة بداية هذا الشهر، نتنياهو ليس يمينيا إنه في الأغلب من اليسار".

وصرح دان ايلوز، مندوب المنظمة في إسرائيل، مطلع شهر تموز/يوليو الماضي، أن المنظمة "تستهدف تشجيع نتنياهو على المضي في خطة الضم من خلال التأكيد على أن اسمه قد يصبح ضمن سلسلة من الأسماء التاريخية التي ترسخت مواقفها في التاريخ الصهيوني، وأنه لو نفذ الضم سيدخل التاريخ".

وارتبط إرجاء مخطط الضم بسياسات الرئيس الأمريكي ترامب، وكثيرا ما تردد أن نتنياهو ينتظر الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية لتنفيذ هذا المخطط، وهو الأمر الذي لم يحدث، ولا سيما مع التطورات اللاحقة التي حدثت بعد ذلك، لتؤكد أن هذا المخطط ربما لن يرى النور مجددا، وهو الأمر الذي شكل خيبة أمل لمؤيدي مخطط الضم في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ويبدو وأنه أثر على موقف ترامب الانتخابي بعد ذلك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com