توترت العلاقة بين نواب المعارضة الإسلامية في البرلمان الجزائري وحزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى، إلى التلاسن وتبادل التهم والشتائم.
جاء ذلك في استحضار لمشاهد الصراع الإيديولوجي، الذي شهدته البلاد في تسعينيات القرن الماضي.
وأعلن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" دعمه المُطلق لوزير الثقافة وأحد قيادييه، في مواجهة حملة سياسية امتدت لمواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية اتهام الوزير للأحزاب الإسلامية بتوظيف الدين في السياسة.
وذلك عقب مقترح طرحته عليه برلمانية إسلامية تُدعى سامية بلدية خمري، لنقل تمثال "أنثى عارية" في حي "عين الفوارة" بولاية سطيف 300 كم شرقي البلاد، إلى المتحف تجنّبًا لخدش حياء الأسر الجزائرية.
وتحدّى الوزير، عز الدين ميهوبي، خصومه النواب بأن "المرأة العارية لن تذهب إلى المتحف مهما حدث، والأولى بدخول المتحف هم هؤلاء النواب المطالبون بنقل التمثال من مكانه الأصلي".
وتلقى الوزير عاصفة من الانتقادات وهجمات معاكسة نفذها على مواقع التواصل الاجتماعي، عشرات النواب الإسلاميين من أحزاب مختلفة.
ووصلت الحملة إلى حدّ اتهامه بالعداء لمقومات الأمة وثوابتها المُكرّسة في الدستور، بينما جرى تداول اسم ميهوبي ضمن قائمة الوزراء المغادرين، في تغيير حكومي يلوح في الأوفق.
وهاجمت كتلة "التجمع" الذي ينتمي إليه وزير الثقافة، النواب الإسلاميين وأحزابهم، بكونهم "يدينون بالولاء لجهات خارجية، تُموّل أنشطتهم".
وخاطب رئيس كتلة حزب أويحيى (الأرندي)، بلعباس بلعباس، النواب "الأعداء" بقوله: "إنكم قبضتم نصيبكم مقابل هذه المهمة، وحصلتم على تمويل خارجي لأنشطتكم".
ودعا بلعباس هؤلاء النواب إلى وقف "الخطابات المتطرفة، والعابثة بالدين، لأن الجزائر في غنىً عنكم".
وشدد بلعباس أن "تخلّي الدولة عن محاربة هذه الأفكار المتطرفة في نهاية الثمانينيات، واحتجاز الإسلام من طرف بعض المغامرين، هو ما أدّى بالجزائر إلى حرب أهلية".
وفي ذلك إشارة واضحة إلى الأزمة الأمنية التي لا يرغب الجزائريون في إعادتها بعد مجازر ومآسٍ ، أطلق عليها مصطلح "العشرية السوداء"،
وقبل شهور، أقدم شاب ملتحٍ على تخريب أجزاء من تمثال "عين الفوارة" في مركز مدينة سطيف الجزائرية، والذي يعود إنجازه إلى العام 1889.
وفاجأ الملتحي الشارع المحلي بتدمير أجزاء حساسة "أثداء" من تمثال السيدة المنحوتة، حتّى تمكّن من تشويهها.
وظلت "الأنثى العارية" أكثر التماثيل المثيرة للجدل، وقد شيّده الاستعمار الفرنسي قرب أحد مساجد المدينة ليغيظ به المصلين وعيونهم ترصد "الجسد العاري" لحظة دخولهم الجامع.
وردًّا على الخطوة، حرّم شيوخ ودعاة جزائريون شرب ماء النافورة التي تقع أسفل التمثال، بحسب الروايات المتداولة لدى السكان المحليين.