"العفاسي".. عذوبة المدائح وجلال الأناشيد

فيوضات روحانية تتدفق، وحروف مغمورة بالنور تهز الوجدان. هذا بالضبط ما يستشعره من ينصت بقلبه قبل أذنية لحروف تفيض بالعذوبة وتنعش القلوب، يلقيها الرجل الذي حمل لواء التجديد وانطلق به بعيدا تحت سماء المدائح والأناشيد.

ورغم أنه بلغ في تلاوة القرآن الكريم مبلغا عظيما من حيث البراعة والإتقان، إلا أن دوره في الابتهالات الدينية يكاد يكون غير مسبوق من زاوية تسخير وسائط الحداثة والتكنولوجيا لخدمة هذا الفن الروحاني، ونشره في أرجاء المعمورة.

يبدو وهو يبتهل إلى الله أو يردد بيتا في مديح سيد الخلق، وكأنه انفصل عن دنيانا وحلّق في آفاق أخرى بعيدا عن الحواس والهموم وكل ما يتعلق بالشواغل الأرضية، وكأنه يريد أن يكون في تماس مباشر مع كل ما يتجاوز حدود التراب والطين وصولا إلى النور والصفاء.

إنه مشاري راشد العفاسي، مواليد دولة الكويت 5 سبتمبر 1976، الذي ضرب موعدا منذ اللحظة الأولى مع عذوبة الصوت وخشوع الأداء وصفاء النبرة. له العديد من الإصدارات التي عبرت الوطن العربي والإسلامي لتصبح عالمية الطابع. تخصص في القراءات العشر والتفسير متتلمذا على أيدي كبار علماء ومقرئي علماء المدينة النبوية في كلية القراءات. أجيز في قراءة "عاصم" بروايتيه "حفص" و"شعبة". سافر إلى مصر للحصول على إجازات من كبار مقرئي العالم الإسلامي أصحاب الباع الكبير في علوم القرآن.

من أبرز الشيوخ والعلماء الذين أخذ عنهم الشيخ العلامة عبد الرافع رضوان الشرقاوي، والشيخ العلامة إبراهيم السمنودي والشيخ العلامة أحمد عبد العزيز الزيات.

كانت البداية في عام 2003 حيث قدم قصيدة بعنوان "أيا من يدعي الفهم"، وقتها فوجىء المستمعون بروعة الأداء وصدق الإحساس ورهافة المشاعر. نجحت القصيدة على نحو مدهش لتصبح شهادة ميلاد في دولة الخشوع. بعدها انطلق ليقدم ألبوما إنشاديا حمل عنوانا لافتا هو "عيون الأفاعي". من أبرز ألبوماته الإنشادية الأخرى "عناقيد"، "حنيني"، "ذكريات"، "قلبي الصغير"، "تراحمي يا قلوب".

واستطاع العفاسي نقل فنون التلاوة وأسرار الابتهالات وفنون الأناشيد إلى آفاق أكثر رحابة من خلال توظيف الحداثة ومنجزات العصر عبر البرامج التلفزيونية كما في برامج "مقامات" الذي سبق وقدمه في شهر رمضان على كل من mbc وتلفزيون الكويت و"خلونا معاه" و"رتل مع العفاسي"، بل إنه كان صاحب أول قناة إسلامية في الكويت هي "قناة العفاسي" الفضائية.

ويشرف على مشاريع متنوعة تستهدف خدمة دينه ونقل خبراته إلى الأجيال الجديدة مثل "وقفية العفاسي"، "حافظ القرآن الكريم" ، "الأكاديمية البريطانية لعلوم القرآن". ومن أشهر محاضراته "علم القراءات" و"القراءات العشر وأثرها في حياتنا".

ونال العفاسي العديد من الجوائز والألقاب وأوجه التكريم مثل "وسام مجلس التعاون الخليجي"، و"أوسكار المبدعين العرب" و"الشخصية الفنية المثالية"، كما حصلت "قناة العفاسي" على المركز الأول كأكثر القنوات الدينية مشاهدة.