فيلم درامي حول غراميات آخر القياصرة يعرّي روسيا ويكشف انقساماتها السياسية والثقافية
فيلم درامي حول غراميات آخر القياصرة يعرّي روسيا ويكشف انقساماتها السياسية والثقافيةفيلم درامي حول غراميات آخر القياصرة يعرّي روسيا ويكشف انقساماتها السياسية والثقافية

فيلم درامي حول غراميات آخر القياصرة يعرّي روسيا ويكشف انقساماتها السياسية والثقافية

ما زالت أصداء فيلم "ماتيلدا" الدرامي الذي يصور غراميات آخر قياصرة روسيا، وصراع المادة والحب ما قبل الثورة البلشفية، تعكر صفو روسيا وتكشف عن الانقسام الثقافي والسياسي العميق الذي ما زال يحكم البلاد المتأرجحة بين تراثها الديني الضارب في جذورها الأرثوكسية، وتاريخها الثوري الذي أرسته الثورة البلشفية.

وتدور أحداث الفيلم التاريخي الروسي الذي أخرجه ألكسي أوتشيتيل، حول علاقات غرام إنساني ملتهب بين ولي العهد الروسي آنذاك، الإمبراطور نيكولاي الثاني آخر القياصرة وراقصة الباليه البولندية الأصل ماتيلدا كشيسينسكايا.

وجرى تصوير مشاهد الفيلم في الأماكن الحقيقية لوقوع أحداثه على مسارح "البولشوي" الشهير في العالم، ومسرح "المارينسكي" و"ألكساندروفسكي"، وكذلك في قصور حقيقية جرت فيها الأحداث الواقعية لهذه القصة التاريخية.

وأدى الممثل الألماني لارس أدينغير دور القيصر نيقولاي الثاني، بينما أدت الممثلة البولندية ميخالينا أولشانسكايا دور ماتيلدا كشيسينسكايا.

لكن قصة الفيلم وما تتطرق إليه من مشاهد تشويق وإغراء، أثارت حفيظة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية وأنصارها، وكذلك ممثلي حركة "الصليب القيصري" التي طالبت بالتحقق من شبهات احتواء الفيلم على موضوعات معادية لروسيا، وشائعات استفزازية مناهضة للدين، كذلك أرسلت نائب رئيس مجلس الدوما لشؤون الأمن ومكافحة الفساد في روسيا طلبا إلى المدعي العام الروسي من أجل التحقيق في الفيلم.

مظاهرة مناهضة

وتحول الموكب الديني في ذكرى القديس ألكسندر نيفسكيفي بمدينة بطرسبرغ في 12 أيلول/سبتمبر الجاري إلى مظاهرة مناهضة لفيلم "ماتيلدا"، حيث حمل المتدينون في الموكب الذي يقام سنويا منذ عام 2013، أعلاماً وشعارات تندد بالفيلم وبممثليه وبمخرجه وبكل من شارك فيه.

وبسبب الاحتجاج الذي أحدثه هذا الفيلم، تقدمت الممثلة البارزة ونائب رئيس مجلس النواب الروسي "الدوما" يلينا درابينكو، بمشروع قانون تطلب فيه عرض فيلم "ماتيلدا" داخل أروقة المجلس على نحو عاجل، واتخاذ موقف واضح منه ومن عرضه في دور السينما في البلاد،  نظرا لما أثاره الفيلم من ضجة مجتمعية لا تهدأ.

ورد رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين على درابينكو، بأنه "لن يناقش القضية الخاصة بفيلم ماتيلدا للمخرج أليكسي أوتشيتيل، ولن يصدر تعليماته للجنة الثقافة بالمجلس بهذا الصدد، الأمر لا يتعدى كونه اختلافًا في وجهات النظر، وفي المجتمعات الديمقراطية لكل حقه في الدفاع عن وجهة نظره".

من ناحيتها، رفضت الشبكة الروسية الكبرى لدور السينما "فورميولا كينو" عرض الفيلم، بسبب تلقيها تهديدات من أنصار الكنيسة والملكية في روسيا، على حدّ قولها.

كما أثارت الضجة التي اندلعت بهذا الشأن، غضب وزير الثقافة الروسي فلاديمير ميدينسكي الذي قال إن "صبره قد نفد"، واصفا التهديدات الموجهة إلى دور السينما بأنها "انتهاك للدستور الروسي".

الكنيسة تحتج

بدورهم، يحتج ناشطو الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على الفيلم، في الوقت الذي اعتبروا فيه الفيلم مسيئًا  للقيصر الذي رفعته الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى مرتبة الشهداء ومتكبدي الآلام.

وبالرغم من لجنة "أوسكار" الروسية، الفيلم على قائمة الأفلام الروسية المرشحة للتنافس على تمثيل روسيا في مسابقة جوائز "الأوسكار"، إلا أن مجهولا أقدم على حرق سيارة محامي المخرج أليكسي أوتشيتيل مؤخرًا، انتقاما لتصوير الفيلم.

لم يقف الجدل حول الفيلم على الداخل الروسي، بل وصل إلى الشيشان التي يدين غالبية مواطنيها بالإسلام  فصرح رئيسها رمضان قديروف، في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر"، قائلا إن"أحدًا لن يمنع عرض الفيلم في جمهورية الشيشان".

لكن قديروف استدرك مضيفا أن "الشعب الشيشاني لن يضيع وقته في مشاهدة فيلم ليس أخلاقيًا، وليس دينيًا وليست له قيم في علاقته بوطنه"، ردًا على النصائح التي يقول إنها قدمت له بحظر الفيلم على أراضي جمهورية الشيشان.

وكان قديروف قد توجه بخطاب إلى وزير الثقافة الروسي، فلاديمير ميدينسكي، يطلب منه حظر عرض الفيلم في جمهورية الشيشان.

كما صرح وزير القوميات والاتصالات الخارجية والإعلام والنشر في الجمهورية جامبولاط أوماروف، بأن "سكان الجمهورية يتفقون تمامًا مع وجهة نظر رئيسهم".

وسيطرح فيلم "ماتيلدا" للعرض الأول في مسرح "ماريينسكي" في مدينة سان بطرسبورغ في 6 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وليس من الصدفة اختيار المسرح المذكور موقعًا للعرض الأول لفيلم "ماتيلدا"، لأن الراقصة الأولى في الباليه ماتيلدا كشيسينسكايا بطلة الفيلم، أبهرت الجمهورعلى خشبة مسرح "ماريينسكي" في القرنين الـ19 و20.

وسيرى المشاهد في هذا الفيلم أيضًا، مراسم تتويج الإمبراطور في كاتدرائية رقاد السيدة العذراء التي بني ديكور فريد من نوعه لأجل تصويرها، وكذلك مشاهد التدافع المأسوي في حقل "خودينسكويه" أثناء رمي قطع نقدية  للناس التي صورت بمشاركة أكثر من ألفي ممثل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com