لقطة جوية من طائرة بدون طيار فوق بحر مدينة الإسكندرية المصرية - قلعة قايتباي - أرشيفية
لقطة جوية من طائرة بدون طيار فوق بحر مدينة الإسكندرية المصرية - قلعة قايتباي - أرشيفيةغيتي

نوّة "قاسم" تضرب سواحل مصر.. هل ستختفي الإسكندرية بفعل علو الأمواج؟

تضرب نوّة "قاسم" مدينةَ الإسكندرية المصرية برياح قوية مصحوبة بأمطار غزيرة، وهي واحدة من أصعب نوّات الشتاء على عروس البحر الأبيض المتوسط، والتي تبدأ الثلاثاء وتستمر لمدة 3 أيام.

والنوّة هي ظاهرةٌ مناخية يحدثُ فيها هبوبٌ شديدٌ للريح؛ ما يُثير اضطراب البحر، وقد تشمل أمطارًا غزيرةً يتبعها سيولٌ وارتفاعٌ في موجِ البحر.

لقطة من الإسكندرية
لقطة من الإسكندرية

سر التسمية

ترجع تسمية "قاسم" إلى أحد أبناء الصيادين كان يحمل الاسم نفسه. كان الرجل في رحلة صيد خلال أيام النوّة، وتعرض للغرق؛ ما أدَّى إلى إطلاق اسمه عليها، بحسب الصيادين.

واستبعد الخبير المصري في التغيرات المناخية، الدكتور أحمد عبد العال، وجود أي سند علمي لمسميات النوّات المتعددة، لافتًا إلى أن "أسماءها تعود لبعض البحارة القدامى الذين كانوا يتابعون حالة الطقس خلال رحلاتهم ويتنبؤون بها".

أخبار ذات صلة
التلوث الصناعي يهدد الجزائر بكارثة بيئية ويسبب أمراضًا خطيرة

وتتوقع هيئة الأرصاد الجوية المصرية حدوث منخفض جوي على البحر المتوسط، مركزه قبرص، مصحوب بأمطار غزيرة على السواحل الشمالية، وقد يقترب من مصر، وفق تقدير عبدالعال الذي يشير، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن "المنخفضات الجوية شديدة الخطورة ترتبط بالتغيرات المناخية".

وقال: "رغم قلة وقوع المنخفضات الجوية في مصر، فإن شدتها أصبحت أقوى من ذي قبل، وتتوقف زيادة حدتها من عدمها على عوامل عدة، أهمها: عمق المنخفض الجوي، واقترابه من السواحل المصرية، وتغذيته من الهواء البارد في طبقات الجو العليا".

وتتوقف خطورة هذه الموجة المحتملة على المنخفضات الجوية التي تطال المحافظات الساحلية وعلى نوعيتها وشدتها؛ فإذا كانت الأمطار غزيرة جدًا، فإن المدن الساحلية ستتأثر بنحو كبير، خصوصًا إذا كانت غير مستعدة لهذه التقلبات الجوية الضارة، وفق الخبير المصري.

 د. أحمد عبد العال
د. أحمد عبد العالالخبير المصري في التغيرات المناخية

غرق الإسكندرية

خلال قمة المناخ "كوب 26" التي استضافتها مدينة غلاسكو الإسكتلندية، حذّر رئيس الوزراء البريطاني السابق، بوريس جونسون، من اختفاء ثلاث مدن بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، من بينها مدينة الإسكندرية في مصر.

الأمر الذي استبعده الدكتور أحمد عبد العال في الوقت الراهن، على أساس أن غرق المحافظة يتوقف على ارتفاع سطح البحر المتوسط بمقدار متر على الأقل، لذا تُجابه الدولة هذا الارتفاع بإجراءات عدة، لحماية الشواطئ والممتلكات من المخاطر المحتملة.

ويتوقع تقرير التنمية البشرية لعام 2021 الصادر عن وزارة التخطيط المصرية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أنه "بحلول عام 2050، قد يرتفع منسوب البحر المتوسط بمقدار متر واحد نتيجة الاحترار العالمي؛ ما ينتج عنه غمر بعض المدن الصناعية والمدن ذات الأهمية التاريخية، مثل الإسكندرية ودمياط ورشيد وبورسعيد".

وحال ارتفاع منسوب البحر بمقدار نصف متر، "قد تغرق 30% من مدينة الإسكندرية؛ ما سيؤدي إلى نزوح ما يقرب من 1.5 مليون شخص أو أكثر"، بحسب التقرير.

وفي عام 2015، أدَّت الأمطار الغزيرة غير المسبوقة إلى مقتل العديد من الأشخاص، وتشريد مئات الأسر وأضرار بملايين الدولارات في الممتلكات الخاصة في جميع أنحاء المناطق الساحلية بالإسكندرية.

د.  محمود شاهين
د. محمود شاهينمدير عام الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية

تحليل بيانات الطقس

يشير مدير عام الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية، الدكتور محمود شاهين، إلى أن "علم الأرصاد الجوية يعتمد على تحليل بيانات الطقس، سواء من سطح الأرض أو من طبقات الجو العليا".

ورغم توقعات حدوث منخفض جوي يُعرف باسم "نوّة قاسم" في بعض المحافظات الساحلية المطلة على البحر المتوسط، ومنها الإسكندرية التي تتعرض لـ18 نوة في الشتاء، فإن الأجواء حاليًّا مستقرة، وتقل فرص سقوط الأمطار على السواحل الشمالية، لتصبح خفيفة جدًّا، الثلاثاء 5 ديسمبر، وفق شاهين.

وأوضح، خلال تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الطقس في مصر حاليًّا غير مستقر، لكنه ليس شديدًا مثل النوّات القوية على السواحل الشمالية"، وأشار إلى إمكانية وجود فرص لشبورة مائية كثيفة تصل إلى حد الضباب على بعض الطرق، مع انخفاض درجات الحرارة".

وتوقع سقوط أمطار متوسطة الشدة بالمناطق الشرقية، وأمطار رعدية على مناطق من سلاسل جبال البحر الأحمر وجنوب سيناء وخليج العقبة، وقد تصل إلى حد السيول في بعض المناطق الجبلية.

لقطة من الإسكندرية
لقطة من الإسكندرية

أسباب تكوين النوّات

وتتشكل النوّات من اتحاد ثلاثة عوامل رئيسة: رطوبة عالية في سطح الأرض، حيث تؤدي الرطوبة إلى تكثف البخار وتكوين السحب، ومنخفض جوي في طبقات الجو العليا؛ ما يساعد على تبريد طبقات الجو العليا، ويؤدي إلى تكثف البخار بنحو أسرع.

أما العامل الثالث، وفق شاهين، فهو تيار هوائي نفاث، حيث يساعد التيار النفاث على تبريد طبقات الجو العليا؛ ما يؤدي إلى تكثف البخار، ومن ثم، فإن النوّات هي عبارة عن حالة من عدم الاستقرار في الغلاف الجوي، تؤدي إلى تكوين السحب الممطرة.

وتشير الدراسات إلى أن التغيرات المناخية تؤدي إلى زيادة حدة النوّات، خاصة في فصلي الخريف والشتاء.

ولمواجهة هذه النوّات، تتعاون هيئة الأرصاد الجوية المصرية مع الجهات المعنية في المحافظات كافة، عبر إرسال النشرات الجوية اليومية للجهات ذات الاختصاص، ومدّ المحافظات بصور الأقمار الصناعية الخاصة بحالة الطقس.

د. وحيد إمام
د. وحيد إمامأستاذ العلوم البيئية بجامعة عين شمس

وأعلنت شركة الصرف الصحي بمحافظة الإسكندرية الدفع بنحو 186 سيارة لتوزيعها في المناطق الأكثر تجميعًا لمياه الأمطار، ورفع أي مخلفات لتسهيل سريان مياه الأمطار وتصريفها.

وتتضمن استعدادات شركة الصرف الصحي بالإسكندرية، وضع حواجز رملية لحجز مياه البحر عن الخروج إلى طريق الكورنيش، إضافة إلى توزيع معدات شفط مياه حسب الحاجة وبناءً على بلاغات المواطنين الواردة إلى غرفة عمليات الشركة، لمتابعة أزمة الطقس المتقلب.

جهود غير كافية

لكن أستاذ العلوم البيئية بجامعة عين شمس، الدكتور وحيد إمام، يعتقد أن "المدن والمحافظات الساحلية التي تنخفض عن سطح البحر تواجه خطر الغرق، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الذي يتسبب فيه تغير المناخ".

ورغم أن الدولة نفّذت مشروعات كبرى لحماية سواحلها الشمالية، فإن هذه المشروعات لا تعالج المشكلة بنحو كامل، وفق تقدير إمام الذي يتوقع استمرار ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل؛ ما يجعل مصر من أكثر الدول المهددة بغرق مدنها الشمالية.

ويرى، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الجهود الدولية المبذولة لمواجهة تغير المناخ غير كافية؛ لأن الأزمة تحتاج إلى تمويل بقيمة 800 مليار دولار سنويًّا".

لقطة من الإسكندرية
لقطة من الإسكندرية

ورغم ذلك، فإن تخصيص الإمارات لصندوق للاستثمار في الحلول المناخية، الذي من المتوقع أن يصل إلى 250 مليار دولار، يُمثّل خطوة مهمة لمواجهة الأزمة؛ لأنه سيوفر قروضًا استثمارية بفوائد قليلة وتسدد على المدى الطويل؛ ما سيساعد الدول في التغلب على التداعيات المناخية، وفق تقدير إمام.

وأثنى الخبير على إعلان رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إنشاء صندوق للاستثمار الأخضر بقيمة 30 مليار دولار، معتبرًا أنها "خطوة مهمة جدًا لمجابهة مخاطر التغيرات المناخية التي تزداد يومًا بعد يوم".

وقال: "إن العالم إذا سار على وتيرة الإمارات في مكافحة تغير المناخ، ستحل 90% من المشكلة بحلول عام 2050، بالحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com