خزفية لأنشطة الإنسان القديم
خزفية لأنشطة الإنسان القديمCNN

الزهايمر والتصلب اللويحي.. هل هما من تركة الإنسان القديم؟

كشفت دراسة علمية حديثة نشرتها شبكة CNN عن الروابط الوراثية للأمراض العصبية المنتشرة اليوم بين الأوروبيين، مثل التصلّب اللويحي المتعدد، ومرض الزهايمر، مع جينات البشر قبل آلاف السنين.

وبحسب المصدر، فقد قام علماء بتجميع أكبر قاعدة بيانات للحمض النووي القديم استنادًا إلى عظام وأسنان نحو 5000 إنسان عاشوا في جميع أنحاء أوروبا الغربية وأجزاء من آسيا الوسطى، منذ 34 ألف عام حتى العصور الوسطى.

ويشير تحليل هذه المجموعة من المعلومات الوراثية القديمة إلى أن الجينات التي ربما كانت تحمي الصيادين وجامعي الثمار في عصور ما قبل التاريخ، أو رعاة العصر البرونزي من مسبّبات الأمراض الضارة، قد تزيد اليوم من خطر الإصابة بالأمراض التنكسية العصبية، مثل: التصلّب المتعدد، ومرض الزهايمر لدى الأوروبيين.

وجمع المشروع الطموح، الممتد على خمس سنوات ويضم فريقًا مكونًا من 175 خبيرًا دوليًّا، الجينومات القديمة المعروفة سابقًا، مع الحمض النووي المتسلسل حديثًا من مئات العينات الهيكلية التي تم الحصول عليها من المتاحف والمؤسسات الأخرى في جميع أنحاء أوروبا. وتشكّل هذه البيانات معًا أكبر بنك للجينات القديمة في العالم، بحسب العلماء المشاركين في المشروع.

أخبار ذات صلة
ثورة طبية قد توقف التصلب اللويحي في مراحله المتقدمة

وبحسب الدراسة التي نشرتها CNN، فقد استخدم الباحثون قاعدة بيانات لرسم خريطة لانتشار الجينات، والأمراض، تبعًا للتقدم الزمني مع هجرة السكان وتكاثرهم، وكشفوا عن تأثير التغيرات المحددة والدراماتيكية في البيئة، كالتحول من نمط حياة الصيد وجمع الثمار إلى الزراعة، في بعض متغيرات الجينات الوراثية.

ومن خلال مقارنة الحمض النووي القديم بعينات العصر الحديث، اكتسب الباحثون فهمًا بيولوجيًّا جديدًا للاضطرابات المنهكة، والمشاكل الجسدية في يومنا هذا. ونُشرت النتائج الأولية للمشروع بأربع أوراق بحثية في مجلة الطبيعة العلمية، الأربعاء.

وقال أستاذ علم الوراثة راسموس نيلسن، الذي ساعد بالإشراف على المشروع، خلال مؤتمر صحفي عُقد هذا الأسبوع: "الأمر اللافت للنظر في مجموعة البيانات، يتمثّل بأنه في وسعنا الآن أن نرى فعليًّا ما حدث في الماضي، يمكننا أن نرى في الواقع ما المتحوّرات الجينية التي تغيرت بالتواتر في الماضي، بسبب الانتقاء الطبيعي. إنَّ هذا (المشروع) يمنحنا هذه الصورة الدقيقة للغاية".

جمجمة
جمجمة CNN

رعاة العصر البرونزي

كانت إحدى النتائج الرئيسة للدفعة الأولى من الأبحاث، المستندة إلى أكثر من 1600 جينوم في قاعدة البيانات، مرتبطة بمرض التصلب العصبي المتعدد، وهو مرض مناعي ذاتي لمدى الحياة، يصيب الجهاز العصبي ويؤثر على نحو 2.5 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.

وأشارت الدراسة التي نشرتها شبكة CNN، إلى أنّ الأوروبيين الشماليين، بين الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، لكن الأسباب ما زالت مبهمة.

واستخدم الباحثون قاعدة البيانات لاستكشاف الأصول الوراثية لمرض التصلب العصبي المتعدد. ووجدوا أن الخطر الوراثي للإصابة بهذه الحالة يرتبط بنسبة النسب لمجموعة من الرعاة القدماء الذين أدخلوا الحيوانات الأليفة إلى أوروبا، قبل نحو 5000 عام.

هؤلاء الرعاة الرحّل للماشية والأغنام، المعروفون باسم يامنايا، نشؤوا في سُهوب بونتيك الممتدة من جنوب شرق أوروبا إلى كازاخستان. ويُعتقد أنهم كانوا أول راكبي الخيول؛ ما جعلهم كثيري الحركة.

ووجدت الدراسة أنه عندما انتقلوا غربًا إلى أوروبا، جلبوا متغيّرات جينية محددة، يعتقد الباحثون أنها تطورت لحماية البدو من مسببات الأمراض التي تحملها الحيوانات الأليفة.

نقوش بجبال أكاكوس - ليبيا
نقوش بجبال أكاكوس - ليبيامتداولة
أخبار ذات صلة
بعد مرض يحيى بيازي.. ما التصلب اللويحي؟ ومَن أصيب به؟

نتائج مذهلة

ونقلا عن ذات التقرير، علّق ويليام باري، المشارك في إحدى الأوراق البحثية، بأنّ "هذه النتائج أذهلتنا جميعًا.  فهي تشكل قفزة كبيرة إلى الأمام لجهة فهمنا لتطور مرض التصلب العصبي المتعدد، وأمراض المناعة الذاتية الأخرى". وتابع: "إن تبيان كيف أثرت أنماط حياة أسلافنا على مخاطر الأمراض الحديثة يسلط الضوء على مدى كوننا متلقين لأجهزة المناعة القديمة في العالم الحديث".

ومن جهته رأى أستريد إيفرسن، المؤلف المشارك، أن الفوائد الوقائية لهذه المتغيرات الجينية لم تعد مفيدة اليوم؛ لأننا "نعيش حياة مختلفة تمامًا عن تلك التي عاشها أسلافنا من حيث النظافة والنظام الغذائي وخيارات العلاج الطبي، هذا بالإضافة إلى تاريخنا التطوري؛ ما يعني أننا قد نكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض معينة مقارنة بأسلافنا، منها أمراض المناعة الذاتية، مثل: مرض التصلّب العصبي المتعدد.

الرابط مع الزهايمر

كما رسم الباحثون خريطة لأصول المتغير الجيني، APOE ε4، المعروف بزيادة خطر الإصابة بمرض الزهايمر. ووجدت إحدى الدراسات الأربع أن هذا الجين مرتبط بالمجموعات السكانية المبكرة التي كانت تسكن أوروبا ما قبل التاريخ، وفق تقرير CNN.

وقال باري: "الحمض النووي المأخوذ من الصيادين موجود بمستويات أعلى في شمال شرق أوروبا، ما يعني أن المنطقة لديها خطر وراثي مرتفع للإصابة بمرض الزهايمر".

وبالمثل، تسلّط المعلومات الوراثية القديمة الضوء على التاريخ التطوري لصفات، مثل: الطول، وتحمل اللاكتوز.

وفي تعليق مصاحب للبحث، طالبت أستاذة علم الوراثة سميرة أصغري، بتوسيع هذه الأنواع من الدراسات خارج أوروبا، من أجل "فهم أفضل" لمساهمة الاختلافات بتاريخ السكان في خطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، مثل: التصلب العصبي المتعدد.

وكتبت أصغري: "رغم أن البيولوجيا البشرية مشتركة، فإن كل مجموعة سكانية لها تاريخ فريد، والتركيز على مجموعة سكانية واحدة يحد من فرص الاكتشافات التي يمكن أن تعطي معلومات تسهم بتقدم الطب".

أخبار ذات صلة
"دونانيماب".. دواء أمريكي جديد لمرضى الزهايمر

جذور التصلب العصبي

وقال كابرا أستاذ علم الأوبئة غير المشارك في البحث، لـCNN: "، إن قاعدة البيانات الجديدة توفر "الآراء الأكثر شمولاً للتاريخ الجيني لمنطقة ما حتى الآن".

وأضاف: "لقد مكّن ذلك المؤلفين من ملء التفاصيل المفقودة في فهمنا لكل من عاش، وأين، ومتى، وكذلك كيف شكّل الانتقاء الطبيعي سمات الأفراد المعاصرين".

ومع ذلك، حذّر كابرا من أنه "نادرًا ما تكون هناك إجابة بسيطة عن سبب امتلاك مجموعة سكانية لمتغير جيني، فيما لا تمتلك مجموعة أخرى ذلك".

وقال: إن التاريخ التطوري لجنسنا البشري يقدم العديد من المساهمات لصحتنا وسماتنا اليوم".

وخلص إلى أنه "في ذلك الوقت والآن، يتم تعديل كل هذه التأثيرات الجينية بواسطة البيئة. وبالنسبة لمعظم السمات، لمثل مرض التصلب العصبي المتعدد، فإن التأثيرات الجينية هي نتيجة للمتغيرات الجينية المتعددة".

وأضاف "في النهاية، لا يمكننا القول إنّ مرض التصلب العصبي المتعدد جاء من سكان العصر البرونزي، ولكن تحركات هؤلاء السكان وبيئاتهم أسهمتا بالتباينات لجهة خطر مرض التصلب العصبي المتعدد اليوم".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com