في يومها العالمي.. كيف نحافظ على حيوية اللغة العربية؟
صور غيتي

في يومها العالمي.. كيف نحافظ على حيوية اللغة العربية؟

"متطلبات سوق العمل باتت تفرض الابتعاد عن العربية وإتقان الإنكليزية والفرنسية والألمانية وغيرها"

لعل أهم الأسئلة التي تدور حول واقع اللغة العربية في يومها العالمي، المصادف اليوم (18 كانون الأول/ديسمبر)، تتمحور حول قدرتها على مواكبة العصر، وتفعيل حيويتها، واستعادة جاذبيتها بالنسبة للجيل الجديد، وسط الاعتماد على لغات أجنبية.

يهدد تنامي حالات الغربة والاستلاب عن اللغة العربية جيلَ مواقع التواصل الاجتماعي، سواءٌ لصالح لغات أجنبية أو عامية تُفرِّق أكثر مما تجمع، فالإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل تفرض قِيَم صانِعها ولغته أحياناً.. ودون وعي تلك الخطورة، ستخسر اللغة العربية شيئاً فشيئاً هويتها.

كما أن متطلبات سوق العمل باتت تفرض الابتعاد عن العربية وإتقان الإنكليزية والفرنسية والألمانية وغيرها، بحيث يشعر الكثير من الشباب العربي بأن لا حاجة لهم لإتقان اللغة العربية وتالياً لا داعي للحفاظ عليها، وهذا ما جعل كثيرا من المثقفين يرون أنّ أبواب الغد باتت شبه مغلقة على اللغة العربية، ولم يبقَ أمامهم سوى التأسّف على ما جرى، والإعلان عن فقدان خارطة طريق الأمل.

نتيجة كل ذلك، باتت الحاجة اليوم ملحة إلى عقد شراكة بالتراضي، بين حراس اللغة العربية وحراس العالم الرقمي، بعدما تزايد الاعتماد على التقانات الحديثة ووظائفها وخدماتها في الميادين المتنوعة، وفي الوقت ذاته أصبح من الضرورة بمكان التعاضد بين علماء اللغة العربية وغيرهم من أصحاب الاختصاصات العلمية المختلفة للمساهمة في إحياء لغتنا واجتراح مصطلحات جديدة تواكب العصر.

أخبار ذات صلة
إدخال 4 كلمات جديدة لقاموس اللغة العربية.. تعرف عليها

وكل مَن يقول بأن اللغة العربية أصبحت مُتْحَفيّة، وغير قابلة للتطور، مُخطئ، لأنها تمتلك العديد من مكامن الحيوية والفرادة والخصوصية، وأبرز دليل على ذلك القرآن الكريم بلغته التي تخطت الإعجاز نحو مفازات مُبهِرة في قدرتها على حمل المعنى وإيصال القِيَم عبر مئات السنين.

ويعد إحياء اللغة العربية في العصر الحالي قضية وجود وهوية لملايين البشر وليس قضية مرحلية، ولا يكفي أن ينحصر أمر الدفاع عنها بفئة محددة من العلماء والخبراء والمثقفين ووقوف الباقين كمتفرجين، بل ينبغي أن يحصل ما يشبه الثورة الجَمعيّة لتحصين اللغة العربية وإبراز جمالياتها وقدرتها الفذة على التَّجدُّد والتَّطوُّر.

الموضوع يبدأ من العائلة ثم المدرسة والجامعة، وينبغي أن يتعمم على كافة مفاصل الحياة، فمن المخجل أن نسمع إحدى مقدِّمات البرامج تنصب الفاعل وتجزم المجرور، وأن تعزز المذيعات الـ"ca va" و"الـOK" والـ"Hi" بدل مرحباً وعِمْتَ صباحاً وأسعد الله أوقاتكم.

مثل تلك الممارسات ما هي إلا مؤشرات على الواقع الذي وصلت إليه اللغة العربية وإهمالها، ومن الواجب ألّا نرضخ لمآلات الواقع الرقمي الجديد بذكائه الاصطناعي القادر على إنشاء نصوص بلغة عربية سليمة وقراءتها بطريقة صحيحة.

لابد من تأسيس جيل قادر على ابتكار تلك النصوص وبرمجة جمله العصبية وعصبونات دماغه على محبة اللغة العربية والإبداع فيها ومن خلالها، وتكريس الفكر الجميل الذي تتضمنه والقيم السامية التي تحملها، فمن دون ذلك لا تستطيع مقاومة الزمن بأفعاله المضارعة المستمرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com