"لنصُم معاً".. تفاعل غير مسبوق مع المسلمين خلال رمضان في هولندا

تشتهر هولندا بوجود الكثير من المساجد والمؤسسات الإسلامية التي تساعد على الحفاظ على التقاليد الدينية والثقافية للمسلمين والتي تحتفل هذا العام بالشهر الفضيل بإقامتها الموائد الرمضانية والفعاليات الروحانية وصلوات التراويح.

وتشهد هذه المؤسسات والمساجد إقبالاً كبيراً للجاليات المسلمة في هولندا، التي تطوف أيضاً في الأسواق المخصصة للمنتجات التقليدية التي تستخدم في الإفطار والسحور في أمستردام ولاهاي وروتردام وأوترخت، لكن المشهد اللافت هذا العام هو تفاعل الهولنديين مع الصائمين والمحتفلين في شهر رمضان المبارك.

المشاركة بالاحتفالات وصلاة التراويح

وقال وسيم قوق (61 عاماً) لـ "إرم نيوز": "أعيش في هولندا منذ عشرة أعوام، والأعوام الماضية كنا نرى في عيون أبناء البلاد نظرات الاستهجان والامتعاض بعض الأحيان عندما يمرون بجانب الخيم والمراكز التي تنظم في الشوارع والحدائق والمراكز التجارية خلال الشهر الفضيل".

وأضاف قوق، وهو سوداني يعيش في روتردام: "اليوم أصبحنا نرى الهولنديين يأتون لحضور الأنشطة والفعاليات والعروض الفنية الخاصة بالشهر الفضيل وفي بعض الأحيان يشاركون في المحاضرات الدينية".

حضور أبناء البلد في الأسواق الرمضانية في هولندا شكل فرصة للتواصل والتفاعل بين المسلمين وغير المسلمين وتعزيز التعايش السلمي والتفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة في هولندا، بحسب تجربة قوق.

وهنا يقول قوق: "قمنا أيضاً في مسجد الفاتح في أمستردام بتنظيم صلاة التراويح باللغة الهولندية لتسهيل فهم المقاطع القرآنية، لذلك صار المجتمع الهولندي ينظر لشهر رمضان بشكل إيجابي في المجمل".

ولا تغيّب عن الحالة التي تحدث عنها قوق حول احترام الهولنديين لحرية العبادة بعض المظاهر السلبية والأصوات التي تنتقد الصيام وتروج لعدم الصيام خلال شهر رمضان، وتدعو إلى تطبيق القانون على المسلمين الذين يصرون على الصيام خلال ساعات العمل أو الدراسة.

لكن مظاهر هذا العام تشير إلى تنامي التيار المؤمن بأن شهر رمضان هو جزء من التراث الثقافي والديني للمسلمين يجب احترامه.

وخصص التلفزيون الهولندي هذا العام نشرة أسبوعية باسم "نشرة رمضان"، يعرض فيها تجربة شخصيات مشهورة للصيام ليوم واحد، وقدرتهم على التحمل، إضافة لاستعراض أخبار تتعلق بشهر رمضان في هولندا والعالم.

لنصُم معاً

من جهته، قال مسعود شهاب (37 عاماً) لـ "إرم نيوز": "عموماً يتعامل المجتمع هنا في هولندا بشكل إيجابي ومتسامح مع صيام المسلمين خلال شهر رمضان، ويحترم حرية الديانة، وذلك لأن حكومته تحترم الحقوق الدينية للمسلمين وتحميها".

وأضاف شهاب، وهو من أصول فلسطينية: "نظمنا عدداً من الفعاليات والأنشطة المختلفة خلال الشهر الكريم، وقمنا بدعوة الهولنديين إليها ومشاركتهم النشاطات والأطعمة والإفطارات الجماعية".

يروي شهاب لـ "إرم نيوز" كيف يقوم بعض زملائه الهولنديين في العمل بالتضامن معه في الصيام خلال ساعات العمل، لا بل يقوم بعضهم بالصيام معه طيلة فترة العمل كنوع من التضامن والتآخي.

وهنا قال: "أعمل في Malu Poke في هارلم ونحن 25 عاملاً 12 منا مسلمون، ومع ذلك يشارك الجميع تقريبًا في رمضان، البعض لا يستطيعون المتابعة، فيقومون بشرب الماء والبعض الآخر يبقى بلا طعام وشراب حتى الذهاب إلى المنزل".

وقال زميل شهاب في العمل عيسى أرسلان لـ "إرم نيوز": "وجدناها مبادرة جميلة، أن نشعر بزملائنا في العمل رغم أننا غير مسلمين، لكنها تجربة جميلة، وتنم عن احترام الزملاء وعاداتهم".

وأضاف أرسلان: "وددت أن أجرب الصيام بعد أن حدثني زملائي عن فوائده في تنظيف الجسم من السموم، إضافة لزيادة القدرة على التحمّل، وكما هم يشاركوننا أعياد الميلاد ورأس السنة، واجب علينا أن نحتفل معهم".

وكشفت هيئة الاتصال بالمسلمين في هولندا أن الهولنديين هذا العام قدموا العديد من الأمثلة على مشاركة غير المسلمين في الصيام بدافع التضامن مع الآخرين، ولأنهم مهتمون بالصيام ورمضان، كما نظمت العديد من الشركات المتعددة الجنسيات مبادرة صيام ليوم واحد لجميع موظفيها.