مهاجرون عرب يشكون "واقع الطبابة" في أوروبا

مهاجرون عرب يشكون "واقع الطبابة" في أوروبا

يعاني مهاجرون عرب في أوروبا من "تردي الخدمات الطبية" في مستشفيات القارة العجوز، رغم السمعة الكبيرة التي تحظى بها وتجعلها مقصدًا للباحثين عن العلاج.

ويقع كثير من هؤلاء ضحية للأخطاء الطبية أو للتمييز في المعاملة وطول الانتظار، أسوة بمواطني تلك الدول.

أخطاء طبية يسترها الرداء الأبيض

وقال الهولندي وجيه الكود (51 عاماً): "أعاني منذ عام تقريباً من تسارع في ضربات القلب، وفي كل مرة أزور فيها الطبيب يقدم لي ذات التشخيص، وهو الضغوطات اليومية والتوتر".

وأضاف الكود وهو من أصول عربية لـ"إرم نيوز": "بعد إلحاح كبير مني قام بإجراء تخطيط قلب لي، وكتب في تقريره أن قلبي قلب شاب عشريني ولا توجد أي مشاكل".

استمرت معاناة المهندس الكهربائي إلى أن أرهقته آلام الرئة فقصد المستشفى، وهناك تم اكتشاف ثقب في أذين القلب، ليجري بشكل إسعافي عملية قلب مفتوح.

واستكمل حديثه: "الطبيب في المشفى قال لي إنه لو اكتشف الأمر في بدايته لكان العلاج اقتصر على علاج ليزري، وعندما طلبت منه كتابة ذلك في التقرير رفض، خوفاً من لجوئي إلى القضاء".

وتابع: "منذ تلك الحادثة قاطعت الطب الهولندي وأذهب إلى طبيب في بلجيكا لتلقي العلاج، وعندما يمرض أحد أفراد أسرتي نقصد المشافي الألمانية أو البلجيكية، حتى لو اضطررنا لدفع مبالغ كبيرة".

وختم قائلًا: "جميع العرب يعانون من هذه المشكلات، ليس بسبب عائق اللغة فقط، كما يدعي الأطباء الأوروبيون، وإنما بسبب الأخطاء الطبية في هولندا وغيرها".

لا يعقل أن تكون الوصفة الطبية لآلام الرأس مثلها لآلام البروستاتا وذاتها لالتواء الكاحل، لذلك توجهت لسؤال طبيب آخر، وللأسف كان رأيه موافقاً لرأي الطبيب الأول
مواطن ألماني من أصول عربية

وبينت دراسة استقصائية حول الأخطاء الطبية في هولندا أجرتها جمعية المرضى الهولنديين "Patientenfederatie" أن واحدًا من كل خمسة مرضى قد تعرضوا لأخطاء طبية في هذا البلد.

وأكدت الجمعية أن "الأخطاء كانت إلى حد كبير بسبب صعوبات التواصل بين مقدمي الرعاية الصحية والمرضى".

أخبار ذات صلة
النمسا.. قطاع صحي يعاني وخبرات مهاجرين مغيبة
يموت نحو 12 ألف مريض سنويًا في بريطانيا ضحية أخطاء يمكن تفاديها منها ضعف الرعاية والوصفات الخاطئة والعمليات الجراحية غير المناسبة وسوء تشخيص المرض

وكشفت آخر دراسة طبية نشرتها مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن قائمة تضم أفضل عشرة مستشفيات في العالم، ولم يرد ضمن القائمة سوى مشفيين أوروبيين، الأول مشفى شاريتيه في ألمانيا واحتل المرتبة الخامسة، فيما جاء في المرتبة قبل الأخيرة مشفى جامعة لوزان السويسري.

تعدد الداء والدواء واحد في ألمانيا

إلى ألمانيا التي كشفت فيها أكبر شركات التأمين الصحي "تشنيكر كرانكينكاسه "وصول عدد الشكاوى من أخطاء الأطباء في ألمانيا لأرقام قياسية بمعدل 6000 شكوى في العام.

يأتي ذلك على الرغم من أنه وفقاً للقانون الألماني، تخضع المستشفيات والمراكز الصحية لبرامج مراقبة جودة تشرف عليها الحكومة، وتتضمن هذه البرامج شهادات واعتمادات من الجهات المتخصصة المشرفة على ذلك.

وقال الألماني صبحي مخول (46 عاماً) لـ"إرم نيوز": "تتفاوت جودة الخدمات الطبية في ألمانيا بحسب المدينة والمشفى، يوجد مشاف وعيادات تسجل عددًا أكبر من غيرها في الأخطاء الطبية".

وأضاف مخول وهو ألماني من أصول عربية: "لا يقوم الطبيب في ألمانيا بإجراء الفحص الذي يطلبه المريض، لذلك يمتعض معظم المرضى العرب، بسبب اكتفاء الطبيب بنصائح يومية أو التوجيه بتناول بعض المكملات الغذائية والفيتامينات، إضافة لصعوبات التواصل بين العرب والأطباء الألمان".

وعن تجربته تحدث سائق سيارة الأجرة مخول: "ذهبت إلى الطبيب العام أكثر من 4 مرات وفي كل مرة كانت شكايتي مختلفة عن المرة التي قبلها، لكن العلاج هو ذاته، وهو شرب كميات أكثر من الماء وفيتامين د إضافة لتناول مسكن عام عند اللزوم".

وتابع: "لا يعقل أن تكون الوصفة الطبية لآلام الرأس مثلها لآلام البروستاتا وذاتها لالتواء الكاحل، لذلك توجهت لسؤال طبيب آخر، وللأسف كان رأيه موافقاً لرأي الطبيب الأول".

يلجأ بعض المهاجرين العرب إلى الحصول على الخدمة الطبية في بلجيكا عبر طلب سيارة الإسعاف حتى لو لم تكن الحالة تستدعي ذلك، أو بتحويل إسعافي من الطبيب العام، لتفادي الانتظار الطويل
لبناني مقيم في بلجيكا
أخبار ذات صلة
بريطانيا تعتزم ترحيل المهاجرين القادمين عبر المانش.. ما مصير اللاجئين العرب؟

تفاوت العناية بين الأوروبي واللاجئ

ووفق مخول، يوجد تفاوت بين الخدمة الطبية التي تقدم للألماني، وتلك التي تقدم للمهاجرين.

وهنا قال: "عندما تسأل أي ألماني عن ذلك يجيبك بصراحة وتشعر من خلال رضاه الكامل عن الكفاءة الطبية في بلده، بهذه الهوة بين ما يقدم لهم وما يقدم لنا".

وكشف التقرير السنوي الأخير لمنظمة الصحة العالمية حول صحة اللاجئين والمهاجرين الغطاء عن ما أسماها "أدلة واضحة حول مواجهتهم ظروفاً صحية صعبة وواقعًا طبيًا سيئًا للغاية في أوروبا، فيما أكد الغياب التام للبيانات القابلة للمقارنة بينهم وبين السكان الأصليين".

ففي إيطاليا مثلاً "هناك حالات من عدم المساواة بين اللاجئين والمواطنين الطليان، إضافة لبعض التأخير في الاستجابة في مجال الحماية بحق المهاجرين"، بحسب تقرير إيطالي حول الهجرة أعدته منظمات دولية.

وأظهرت دراسة أخرى أجريت على 553 طفلاً أن "تسوس الأسنان كان موجودًا في 77.5 ٪ من المهاجرين وفي 55.9 ٪ من الأطفال الإيطاليين".

أما في بريطانيا، "فيموت نحو 12 ألف مريض سنوياً ضحية أخطاء يمكن تفاديها منها ضعف الرعاية والوصفات الخاطئة والعمليات الجراحية غير المناسبة وسوء تشخيص المرض"، بحسب الدراسة.

أخبار ذات صلة
مستشفيات سويسرية تستخدم صلاة من العصور الوسطى لحماية المرضى

الموت انتظارًا في بلجيكا

تأخذ المشكلة أو الشكوى أحيانًا أبعادًا متعلقة بالبيروقراطية والانتظار الطويل الناجم عن قلة الكوادر الطبية في بعض البلدان والضغط الكبير، خاصة بعد سنوات وباء كوفيد 19.

وفي بلجيكا يعاني المرضى من الانتظار الطويل للحصول على موعد فحص طبي في حال لم تكن الحالة إسعافية أو تستدعي تدخلاً عاجلاً، وقد تصل مدة الانتظار أحياناً لنصف عام.

وقال يوسف الشمالي (34 عاماً) وهو لبناني مقيم في بلجيكا: "طلبت موعدًا لزيارة طبيب العيون في الشهر الماضي نوفمبر فأعطوني موعدًا في العاشر من الشهر الخامس العام القادم، أي يتوجب عليّ الانتظار ما يقارب الـ 6 أشهر".

أخبار ذات صلة
تقرير: المهاجرون غير الشرعيين يخرقون "جدار" لقاح كورونا في أوروبا

وأضاف الشمالي الذي يدرس مهنة النسيج والحياكة في بروكسل: "العام الماضي طلبت موعدًا للمراجعة فمنحوني إياه بعد 4 أشهر، لدرجة أنني نسيت الموعد، ولم أذهب، ففرضوا علي غرامة مالية".

يلجأ بعض المهاجرين العرب بحسب الشمالي إلى "الحصول على الخدمة الطبية في بلجيكا عبر طلب سيارة الإسعاف حتى لو لم تكن الحالة تستدعي ذلك، أو بتحويل إسعافي من الطبيب العام، لتفادي الانتظار الطويل".

وتابع: "لا يمكن اللجوء إلى هذا الأسلوب في مراجعة طبيب العينية، لذلك لا جدوى أمامي سوى الانتظار للحصول على الخدمة الطبية بشكل مجاني مستفيداً من التأمين الصحي".

وتمتلك بلجيكا أحد أفضل أنظمة الرعاية الصحية في أوروبا، لكن عدد المستشفيات انخفض بشكل مطرد على مدار العشرين عامًا الماضية، كما أن معظم المستشفيات عامة وليست خاصة، وتعاني من نقص في الكوادر الطبية التمريضية، بحسب وكالة "موفينغ بيبول" الرائدة في مجال توظيف الممرّضات الأجنبيات في بلجيكا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com