حب الحياة يهزم الموت.. تونسيون يتابعون "الكان" قرب موقع التفجير
حب الحياة يهزم الموت.. تونسيون يتابعون "الكان" قرب موقع التفجيرحب الحياة يهزم الموت.. تونسيون يتابعون "الكان" قرب موقع التفجير

حب الحياة يهزم الموت.. تونسيون يتابعون "الكان" قرب موقع التفجير

في ساحة لا تبعدُ أكثر من مئة مترٍ عن موقع أحد التفجيرين الإرهابيين بقلب العاصمة التونسية، احتشد عشاق كرة القدم لمتابعة مباراة منتخب البلاد مع نظيره المالي، في إطار الجولة الثّانية بالمجموعة الرابعة بالدّور الأول لكأس أمم إفريقيا بمصر "الكان".

بدا المشهد غارقًا في مفارقة لافتة؛ فبالأمس القريب كانت الحشود مزدحمة بنفس المكان تقريبًا، والهلع والصدمة تخيمان على الملامح، عقب تفجير انتحاري استهدف دورية أمنية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، وأسفر عن مقتل أمني وإصابة آخرين ومدنيين.

وبعد 10 دقائق فقط، وغير بعيد من المكان، فجر انتحاري ثانٍ نفسه قبالة الباب الخلفي لإدارة الشرطة العدلية بمنطقة القرجاني بالعاصمة؛ ما أسفر عن إصابات فقط.

لكن تشبّث التونسيين بالحياة ونبذهم لثقافة الموت والإرهاب، سرعان ما قشع الخوف، وأعاد الحياة إلى نسقها الطبيعي، دون إغفال متابعة أداء المنتخب في البطولة القارية.

ففي تلك الساحة، لا شيء يوحي بخوفٍ أو رهبةٍ، فالكُلُ حجز مكانه أمام شاشة تلفزيون مثبتة على حائطٍ.. شاشةٌ صغيرة لا تتجاوز الثلاثين بوصة، لم تثنِ الحاضرين من التحديق فيها، خاصة أن المكان مناسب بوجود نسمات في يوم حار.

ومع بدء المباراة، كانت الأصوات ترتفع حينًا مشجعة، أو مستاءة من أداء لاعب، أو مهللة فرحًا، حينًا آخر، لتنتهي المباراة بنتيجة التعادل الإيجابي بهدف لهدف، يعتبر الثاني لتونس بعد تعادل في الجولة الماضية أمام أنغولا بنفس النتيجة، ليرفع منتخب مالي رصيده إلى أربع نقاط في الصدارة مؤقتًا أمام تونس الثانية بنقطتين اثنتين.

وأثناء المباراة، بدا تركيز المتابعين كاملًا، إذ لا حديث لهؤلاء المتابعين إلا عن تغيير الخطة ومراكز اللاعبين من قبل مدرب منتخبهم، الفرنسي آلان جيراس.. يجلسون حينًا ثم يقفون فجأة كلما خيل إليهم أنهم على وشك الحصول على هدف يخترق شباك المنتخب المالي.

محاولات المنافس المالي من جهتها لاقت تفاعلًا من الحاضرين الذين طالبوا لاعبي منتخبهم بالتركيز أكثر.

بعض رواد المقهى اختاروا مكانًا أبعد قليلًا عن شاشة التلفزيون؛ وانزووا تحت شجرتين عملاقتين تظللان الساحة برُمتها بفروعها الممتدة، وتمنح ميزة لذلك المكان الذي يعرف عادة بأنه مقر الباعة المتجولين من أشعة الشّمس.

المكان يعتبر أيضًا متنفسًا لمارَّةٍ آخرين متوجهين إما لسوق المدينة العتيقة أو نهج "الدباغين" القريب، المعروف بعرض محلاته كتبًا وإصدارات ورقية قد تكون طبعة أولى رسمية، أو أخيرةٍ، لكن المؤكد هو أنها لا يمكن للمرء العثور عليها إلا في تلك الأزقة.

وبانتهاء الشوط الأول، تفجرت التحليلات الكروية من كل جانب.. نقاش لا ينتهي، ورؤوس تهتز تأييدًا وأخرى رفضًا، ووجهات نظر بعضها دقيق ويمكن أن يرقى للتفاصيل الفنية والسيناريوهات المتوقعة في الشوط الثاني، والبعض الآخر سطحي ينبئ بأن صاحبه هاوٍ أو مستجد في المجال.

وجاء الهدف الأول في المباراة للمنتخب المالي في الدقيقة الستين، بعد تسديدة من ديادي سيماسيكو، إثر خطأ في استقبال الكرة من حارس مرمى المنتخب التونسي معز حسن.

هدف لم يمنع الحاضرين، رغم استيائهم الكبير، من مواصلة تشجيع منتخبهم، لتأتي الدقيقة السّبعون التّي كانت موعد تعديل تونس للنتيجة، إثر مخالفة مباشرة عبر وهبي الخزري، بعد أن اصطدمت بالحائط البشري وسكنت شباك الحارس المالي ديجي ديارا.

وعلى نتيجة (1- 1)، انتهت المواجهة بانتظار المباراة الثانية من نفس المجموعة غدًا السبت بين منتخبي أنغولا وموريتانيا، فيما سيبحث المنتخب التونسي عن تحقيق الفوز الثلاثاء المقبل، حين يواجه موريتانيا لضمان التأهل إلى ثمن النهائي في المسابقة القارية.

ورغم التعادل في المباراة الافتتاحية أمام أنغولا بهدف لمثله، إلا أن ذلك لم يقلص منسوب الأمل لدى الجماهير التونسية في الخروج بنتيجة إيجابية تبقي "نسور قرطاج" من أجل العبور إلى الدور الثاني من البطولة الإفريقية المقامة في نسختها الثانية والثلاثين في مصر.

ويشارك في البطولة 24 منتخبًا بدورة تستمر حتى التاسع عشر من يوليو/ تموز المقبل.

والخميس، استهدفت تونس بـ3 عمليات إرهابية، اثنتان منها استهدفتا قلب العاصمة، ما أسفر عن مقتل أمني وإصابة 9 أشخاص.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com