مشهد من مسلسل تاج
مشهد من مسلسل تاجمتداولة

مسلسل "تاج".. حلبة صراع مزدوجة بين الذات والبلاد

يتناول مسلسل "تاج" تاريخ دمشق في أربعينيات القرن الماضي على شكل مادة درامية دسمة، وتوثيقه بشكل ناجح، ليتحول التوتر الذي تعيشه المدينة في ظل الاحتلال الفرنسي آنذاك، إلى صراع بين الذات والبلاد.

والمسلسل من تأليف الكاتب السوري عمر أبو سعدة، ويُنشئ حكاية أحداثها ابنة حقيقية لذاك الزمن، وأبطالها تسري في عروقهم وأرواحهم ملامح التغييرات والضغوطات والفوران الذي أصاب دمشق في تلك الحقبة التاريخية.

لا شيء مستقر في عاصمة سوريا، والتوتر الذي تعيشه المدينة في ظل الاحتلال الفرنسي ينسحب على أبنائها، الأمر الذي يصوره العمل الدرامي الذي أخرجه سامر البرقاوي.

أخبار ذات صلة
مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" يثير غضب الكويتيين ويستدعي تدخلا رسميا

ويؤكد العمل على التوازن الرهيف والعنيف في ذات الوقت بين اضطرابات دمشق وتوترات أبطال المسلسل، فكلاهما يُعاني من المأزق الوجودي ذاته، الوطنية في مواجهة العمالة، الحب مقابل الكراهية، الصدق وعلى طرف النقيض الكذب.

ولأن البلاد كانت أشبه بحلبة صراع في انتقالها من العيش في كنف الاحتلال إلى مرحلة الاستقلال، جاء بطل الحكاية "تاج الحمّال" (تيم حسن) ملاكمًا ينتمي إلى منظمة "القمصان الحديدية" المناهضة للاستعمار الفرنسي.

لكنه فجأةً يجد نفسه مُضطرًا للتراجع عن توجيه ضرباته القاسية للفرنسيين، عندما اتهم بالخيانة من أقرب الناس إليه، بعد تفجير مقر المنظمة وموت معظم أصدقائه، في حين أنه كان محتجزًا عند الفرنسيين لإنقاذ صديقه الذي صادف أنه يحمل مسدسًا أثناء حملة تفتيش فرنسية، فافتعل عراكًا مع الجنود المحتلين ليُبعدَ عن صديقه تهمة الخيانة والموت.

أخبار ذات صلة
بعد "الهيبة".. منى واصف وتيم حسن يلتقيان في مسلسل "تاج"

الابتعاد عن حلبة النضال

ويبتعد تاج عن حلبة النضال ضد المستعمر، فبعد اتهامه بالخيانة تنقلب حياته كليًا، إذ يرفض معظم الخياطين تشغيله فينغمس في لعب القمار، لتأتيه ضربة أخرى عندما تقرر زوجته نوران (فايا يونان) الطلاق منه بعد تغير معاملته لها.

والأنكى أن نوران تتزوج الخياط رياض (بسام كوسا) لتتعقد اللعبة، وتصبح أقسى على تاج، خاصةً بعد خسارة مبلغ كبير في القمار، وتوقيعه من دون انتباه، على سند يجعل دائِنَه "رياض" ذاته، فيُسَخِّر الأخير ذلك ليأخذ منه ابنته.

كل تلك اللكمات التي ارتدت إليه، جعلته يعيد حساباته ويعود إلى الحلبة التي طالما برع فيها، وذلك بتحفيز من الصحفي سليم (كفاح الخوص)، وسعيهما لتوثيق شكوكهما بأن العميل الذي وشى بمقر منظمة القمصان الحديدية هو رياض، لذلك يبدأ بالتخطيط للحصول على ملفات سرية من كتيبة فرنسية، والتي تُدين الخائن، وتُبرِّئ تاج من الاتهامات الموجهة إليه.

مشهد من مسلسل تاج
مشهد من مسلسل تاجمتداولة

وفي ذلك الوقت، يخوض تاج معارك عديدة للوصول إلى هدفه، ويستغل مع صديقه الصحفي وأحد لاعبي الملاكمة الشباب انشغال الفرنسيين بضربات الألمان عليهم، لدخول الكتيبة، وبعد تنكرهما بملابس عسكر فرنسيين وحصولهما على الملفات المطلوبة، يتعرف على الصحفي أحد الضباط الفرنسيين، فيحصل عراك ينتهي في الحلقة السابعة بهروب سليم، وإصابة لاعب الملاكمة الشاب بطلقة في البطن.

لكن تاج وشريكه المصاب يتمكنان من الهروب من السجن، لولا قذيفة من طيارة توقف هربهما، وعندما يصحيان يجدا الكولونيل جول المُجرم مع المناضلين السوريين قد عاد إلى دمشق، ويخشى تاج أن يتعرف عليه، بعدما حاول اغتياله في الحلقة الأولى.

حكاية درامية مُتقنة تعيد كتابة حقبة مُهمة من تاريخ سوريا من منظورٍ إنساني مُؤثر، ويزيد من زخمها أداء الممثلين المتقن في تبنيهم لشخصياتهم، وبهاء الصورة التي حققها البرقاوي، والتي أثارت بحد ذاتها جدلًا واسعًا، لاسيما في ظل زخم إنتاجي من شركة "سيدرز آرت.. الصباح"، أتاح بناء ديكورات كبيرة لدمشق في ذاك الزمن، وأعاد التذكير بجماليات ينبغي أن تبقى في الذاكرة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com