السودان.. مدينة "ملوك الآلهة" مهددة بالزوال بسبب ظاهرة الطفح المائي

السودان.. مدينة "ملوك الآلهة" مهددة بالزوال بسبب ظاهرة الطفح المائي

باتت منطقة "نوري" التي تعرف بمدينة "ملوك الآلهة"، شمال السودان، والتي تضم أعرق الحضارات التاريخية في البلاد، مهددة بالزوال؛ بسبب ظاهرة الطفح المائي أو ما يعرف محليًا باسم "النز".

وفي وقت يرتب فيه سكان المنطقة لوقفة احتجاجية كُبرى، يوم 23 الشهر الجاري، في مدينة مروي، في محاولة للفت الأنظار لخطورة الظاهرة، التي تهدد أحد أهم معالم السياحة في السودان.

طفحت المياه الجوفية إلى أعلى حتى اقتربت من سطح الأرض بنحو 2 إلى 3 أمتار، مما أدى إلى انهيار عدد من المباني والمراحيض.

وتقع مدينة "نوري" في الولاية الشمالية على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد حوالي 336 كيلو مترًا شمال العاصمة الخرطوم، وتضم نحو 70 من الأهرامات الملكية، كما تعد المنطقة مدفنًا لأسر الملوك الكوشيين.

والطفح المائي هو عبارة عن مياه جوفية طفحت إلى أعلى حتى اقتربت من سطح الأرض بنحو 2 إلى 3 أمتار، مما أدى إلى انهيار عدد من المباني والمراحيض، كما أن الأهرامات ومدافن الملوك الكوشيين في المنطقة، باتت محاصرة ومهددة بالزوال، بحسب السكان.

وقال أحمد عماري، وهو رئيس سابق لإدارة مشروع "نوري" الزراعي، لـ "إرم نيوز" إن "المنطقة كلها باتت تقف فوق بحيرة مياه عائمة، الأمر الذي جعل بعض السكان يهربون من منازلهم المتداعية للسقوط، ويلجأون إلى مناطق مرتفعة بعيدة عن النيل".

أخبار ذات صلة
السودان.. تحذيرات من تجدد الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان

وأشار إلى أن الإنتاجية الزراعية لمشروع "نوري" الذي تأسس، العام 1907، تدنت بشكل كبير، بسبب أن المياه القريبة من سطح الأرض، غمرت جذور أشجار "البرتقال، والليمون، والمانجو، والنخيل، وغيرها".

وأشار إلى أن الظاهرة التي بدأت قبل سنوات، باتت منتشرة بشكل متسارع في الآونة الأخيرة، حتى أن المنازل والمراحيض تكاد تتساقط بشكل يومي، حيث تظهر معالم الطفح المائي، على شكل تشقق في الأرض وجدران الأبنية.

وذكر أن بعثة من منظمة "اليونسكو" بالتعاون مع جامعة الخرطوم، وصلت المنطقة قبل شهور للوقوف على حجم الظاهرة، وقامت بحفر آبار جوفية، فوجدت المياه قريبة جدًا بحيث لا تبعد أكثر من 2 إلى 3 أمتار من سطح الأرض، مشيرًا إلى أن هذه المسافة تقل كلما اقتربت من النيل.

أسس مدينة "نوري" المعروفة بـ "أرض الآلهة" الملك "تهارقا"، وهو أبرز ملوك الأسرة الخامسة والعشرين في مملكة كوش، وهو ابن الملك "بعانخي" الذي حكم مصر خلال فترة حكمه الممتدة من 716 إلى 746 قبل الميلاد

أهرامات محاصرة

وأوضح أحمد عماري، أن الاهرامات والغرف الملكية في المنطقة، والتي تعد أحد معالم السياحة في السودان، باتت محاصرة بالطفح المائي، ويمكن أن تختفي في أية لحظة، بحسب قوله.

وتضم مدينة "نوري" أضخم تجمع أهرامات في السودان، بعد أهرامات "البجراوية" الشهيرة، حيث صنفتها منظمة "اليونسكو"، في العام 2003، وكل المباني الأثرية المحيطة بها مع جبل "البركل"، و"مكان تنصيب الملوك"، كمنطقة تراث ثقافي عالمي.

وأسس مدينة "نوري" المعروفة بـ "أرض الآلهة" الملك "تهارقا"، وهو أبرز ملوك الأسرة الخامسة والعشرين في مملكة كوش، وهو ابن الملك "بعانخي" الذي حكم مصر خلال فترة حكمه الممتدة من 716 إلى 746 قبل الميلاد.

أخبار ذات صلة
السودان.. أمطار وسيول عارمة تتسبب بإغلاق الطرق والمدارس في بورتسودان

وبحسب مفتش الآثار بالولاية الشمالية، سيد أحمد إبراهيم، فإن هرم "تهارقا" هو أكبر هرم تم بناؤه في السودان، بارتفاع 63 مترًا تقريبًا، مشيرًا إلى أن ذلك يدل على مستوى الشرف والعظمة التي حُظي بها.

وقال إبراهيم لـ "إرم نيوز"، إن موقع "نوري" يحتوي على 72 هرمًا للملوك والملكات، بينهم الملك "تهارقا"، مشيرًا إلى التطور المعماري لطرق الدفن، حيث احتوت بعض غرف الدفن على 3 حجرات.

وأكد أن أهرامات "نوري" ما زالت محافظة على البنية الهرمية للشكل الخارجي، قائلًا: "لكن الشيء المؤسف أن الموقع الأثري بات الآن مهددًا بالمياه الجوفية، فكلما ارتفع منسوب النيل ازدادت المياه داخل الأهرامات".

من جهته، قال معتصم داسوقي، أحد أعيان منطقة "نوري" لـ "إرم نيوز": إن "ظاهرة الطفح المائي كانت في الماضي محصورة في المناطق القريبة من النيل، لكنها، اليوم، انتشرت بشكل واسع لتشمل كل المنطقة"، مشيرًا إلى أن بعض المناطق القريبة من "نوري"، ما زالت تمامًا من الخريطة.

ويعتقد "داسوقي" أن السبب في انتشار ظاهرة الطفح المائي، هو سد مروي قريب من المنطقة، قائلًا: إن "حجز المياه خلف بحيرة السد لفترة طويلة جعلها تتسرب إلى أعماق الأرض ثم تطفح في أماكن أخرى".

وأشار إلى أن دراسة أجريت في وقت سابق، خلصت إلى أن المياه الخارجة من أبواب تصريف الطمي من بحيرة السد، تنحدر بسرعة عالية بسبب الضغط، ما خلق ثغرات في الصخور الرملية تسربت منها المياه إلى المناطق القريبة.

وأكد أن الأوضاع الآن باتت مقلقة في المنطقة، وأن الظاهرة أصبحت حديث الناس على منابر المساجد وأماكن التجمعات، مشيرًا إلى أن السكان يرتبون لوقفة احتجاجية كبرى، يوم 23 الشهر الجاري، في مدينة "مروي"، في محاولة للفت الأنظار لما تتعرض له المنطقة.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com