قصر دسمان في الكويت.. تاريخ الشخصيات والأحداث بدلاً من سيرة الحجارة

لسنوات طويلة، كانت أضواء قصر دسمان في العاصمة الكويتية، لا سيما ضوئه الرئيس المثبت في أعلى القصر، أشبه بمنارة يهتدي بها السائرون ليلاً من مسافات بعيدة، والمارون بقواربهم وسفنهم في مياه الخليج العربي التي يطل عليها القصر.

ومن داخل قصر دسمان، كانت غرفه وقاعاته وحدائقه شاهدة على ولادة وحياة شخصيات خالدة في التاريخ الكويتي، بجانب زوار وأحداث خالدة تركت بصمتها في تاريخ البلد الخليجي الذي امتلك ثروة كبيرة في حقبة اكتشاف النفط، لكنه حافظ على بساطة القصر الذي اكتسب مكانته من الأشخاص والأحداث، لا من سيرة الحجارة.

وبدأت فكرة بناء القصر عام 1904، عندما أراد الحاكم الثامن للكويت، الشيخ جابر المبارك الصباح، إنشاء قصر كبير تتوفر فيه كل المرافق الضرورية لإدارة البلاد، ليبدأ بناء القصر في العام ذاته في منطقة قريبة اليوم من أبراج الكويت الثلاثة الشهيرة.

وتعد الأبراج من أشهر معالم الكويت منذ افتتاحها عام 1979، لكن بين الكويتيين، لم تنجح تلك العمارة بجمالها اللافت ولا باقي المباني الحديثة التي انتشرت في الكويت، من سرقة الأضواء من القصر العريق.

ويبدأ تاريخ القصر الفعلي، من عهد عاشر حكام الدولة، الشيخ أحمد الجابر الصباح، والذي ورث الحكم عن والده الراحل، وقرر استكمال بناء قصر دسمان، ليتخذه عام 1930، سكنًا له بشكل رسمي.

والشيخ أحمد هو والد حكام الكويت الأربعة الذين ورثوا الحكم بعده، بدءاً من الشيخ جابر وصباح ونواف، وانتهاءً بالأمير الحالي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حيث عاش مؤسس القصر وأنجب أولاده، وقاد حقبة التاريخ الحديث للكويت من دسمان.

وعلى خطى والده، اختار الشيخ جابر الأحمد الصباح، الذي عاش بين عامي ( 1926 ،2006)، البقاء في القصر منزلاً ومن ثم مقرًّا لفترة حكمه بين عامي 1977 وحتى وفاته عام 2006).

ولم يكن الشيخ جابر بمفرده في القصر، فقد كانت والدته الشيخة بيبي سالم المبارك الصباح، أيَضاً تقيم معه في دسمان، وهي شخصية كويتية معروفة، فهي ابنة حاكم الكويت التاسع الشيخ سالم المبارك الصباح، والأخت الشقيقة لأمير الكويت الحادي عشر، الشيخ عبد الله السالم الصباح، وزوجها الشيخ أحمد الصباح، فهي ابنة وأخت وزوجة ووالدة لحكام الكويت.

ولم يفقد القصر حيويته ونشاطه برحيل الشيخ جابر ووالدته الشيخة بيبي، حيث اتخذ حكام الكويت اللاحقون، قصر دسمان مكاناً للاجتماعات العائلية والرسمية.

وعلى صعيد الأحداث، شهد القصر الكثير من الأحداث التاريخية الهامة، وبينها اجتماع مجلس الأمة الأول في الكويت، عام 1963، والذي يشكل حدثاً مفصليًّا في تاريخ الكويتيين بالنظر لمكانة وصلاحيات نواب مجلس الأمة.

كما شهد القصر، انطلاق فكرة إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربي، حيث يعد الشيخ جابر الصباح صاحب فكرة المجلس الذي بات منظمة إقليمية بارزة تضم دول الخليج العربي الست بثقلها السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والديني.

ولا تحيد سيرة القصر عن الشخصيات والزعماء والقادة الذين عاشوا فيه أو زاروه، أو الأحداث التي شهدها خلال قرابة مئة عام، فيما تكتسب أبنيته المتعددة وحدائقه التي يحيطها سور القصر الشهير، مكانتها من تاريخ تلك الشخصيات والأحداث.