حملة "المحتوى الهابط" تثير الجدل في العراق.. ومشاهير يعتزلون

حملة "المحتوى الهابط" تثير الجدل في العراق.. ومشاهير يعتزلون

يحتدم الجدل في الأوساط الشعبية والثقافية العراقية، حول الحملة التي أطلقتها وزارة الداخلية، لملاحقة مشاهير مواقع التواصل، ورفع دعاوى قضائية ضدهم، بتهمة "الإخلال الآداب العامة".

ويقبع حالياً، أكثر من 10 مشاهير، معروفين على منصة "تيك توك" خلف القضبان، بتهمة نشر "المحتوى الهابط"، أبرزهم سيدة  الأعمال "أم فهد" وقدوة الملقب بـ"سعلوسة"، وآخرين.

صدر بحق المتهمين أوامر قبض قضائية وفق أحكام المادة 403 والتي تسيء للآداب وللذوق العام وتخدش الحياء.

وقضت محكمة جنح الكرخ في بغداد على حسن صجمة، وهو ناشط على يوتيوب، بالسجن عامين، وعلى "أم فهد"، وهي ناشطة على تيك توك بالسجن ستة أشهر.

وواجهت "أم فهد" تهماً بالرقص بـ"إيحاءات جنسية فاضحة ومخلة بالآداب العامة"، وفق بيان رسمي.

أما حسن صجمة، فكان ينشر فيديوهات وهو يطرح أسئلة على المارّة، عن حياتهم العاطفية وعمّا إذا كانوا قد تلقوا هدايا من عشّاقهم وما هي صفات شركاء أحلامهم.

سكيبة ومديحة وعطية خلف القضبان

كما صدقت محكمة تحقيق العمارة أقوال المتهمين عباس حسن البهادلي الملقب (عبود سكيبه) وحسن علي الشمري الملقب (مديحة) وسجاد قاسم زين الملقب (عطيه) ومحمد لعيبي لفته الملقب (البشوش) بعد إصدار أوامر قبض قضائية بحقهم.

وأضافت في بيان، الخميس، أن "المتهمين قد صدر بحقهم أوامر قبض قضائية وفق أحكام المادة 403 والتي تسيء للآداب وللذوق العام وتخدش الحياء".

وهذه الحملة الكبيرة، دفعت مشاهير آخرين، نحو الاعتزال، كما فعلت الراقصة ومشهورة مواقع التواصل إيناس الخالدي، التي قالت إنها ستحتجب عن الظهور، وستحذف فيديوهاتها على منصاتها، وطالبت جمهورها بعدم ملاحقتها أو التقاط الصور معها، عند رؤيتها.

كما أعلن رجل الدين علي الشريفي، وهو صانع محتوى مثير للجدل، مثل الإعلانات، والظهور مع الفاشنستات، حذف المقاطع "المسيئة للعائلة  العراقية" من منصاته، ووعد بنشر مقاطع أخرى ملائمة للأسرة، حسب وصفه.

جدل واسع

وبين مؤيد ومعارض انقسمت آراء المثقفين العراقيين، ففي الوقت الذي يواجه فيه هذا المحتوى معارضة شعبية، ونقداً جماعياً بشكل متكرر، تثير عمليات الملاحقة والاعتقال، قلق نشطاء حقوق الإنسان، والصحفيين، تحسباً من ملاحقات قد تطالهم، خاصة العاملين في الصحافة الساخرة أو المهتمين، بنقد الواقع العراقي.

وتقول المادة 403 من قانون العقوبات العراقي التي تصدر على أساسها الأحكام: "الحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من صنع أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتابا أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوماً أو صوراً أو أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الآداب العامة".

وجاءت هذه الفقرة ضمن قانون العقوبات العراقي، الذي  أقر عام 1969، فيما يرى مختصون ومحامون، ضرورة تعديل تلك الفقرة، أو إيضاحها بما يكفي، ووضع محددات لتنظيم عمل محتوى مواقع التواصل.

وحظيت حملة الداخلية، بدعم من إعلاميين ومثقفين، وهو ما شجّعها على ضم المزيد من مشهوري تيك توك لقائمة الملاحقة. 

بدوره، قال الناشط والأكاديمي في النجف فارس حرّام، إن دعم الإعلاميين والمثقفين لملاحقة "المحتوى الهابط" مدهش وعجيب. 

وذكر حرّام في تدوينة له: "أدهشني في اعتقالات (المحتوى الهابط) دعم بعض الإعلاميين والمثقفين والناشطين. متحالفين مع السلطة في هذا الحفل الازدواجي الرهيب".

وأضاف، "من دون أن يسألوا أنفسهم كيف تقام العدالة بحق (الهابطين) وتترك بحق السراق والقتلة ومحرضي الفتن؟ في ظل مواد قانونية غامضة هناك وواضحة هنا؟ ‏مدهش وعجيب".

اعتبارات القضاة

وبدوره، يرى المحامي، وليد الصالحي، أن "الاعتماد على ما ورد في المادة 403، من قانون العقوبات العراقية، لا يمثل سنداً قوياً في محاكمة هؤلاء، باعتبار أن (الآداب العامة) لم تُحدد بقانون، ولم توضع لها دلالات واضحة، ما يجعل المسألة خاضعة لقرار القاضي، ونظرته، وحكمه على الأشياء، وهذا يأتي من خلفية القاضي وبيئته".

وأضاف الصالحي، في تعليق لـ"إرم نيوز"، أن "بعض القضاة من خلفية ليبرالية منفتحة، وآخرون نشأوا في بيئة اجتماعية محافظة، وبالتالي فإن الحكم على المحتوى سيخضع لرؤية القاضي".

ولفت إلى أن "مثل تلك العبارات توضع عادة في القوانين، لمكافحة الإباحية أو المثلية، أو القضايا التي نص عليها الدستور".

وجاءت حملة وزارة الداخلية، بالتزامن مع حملة أطلقها ناشطون وصحفيون تهدف إلى الحد من المنشورات ذات المستوى "الهابط أخلاقيا"، وتعقب هذا المحتوى اجتماعيا والتثقيف بشأنه ومحاصرته.

هناك قلق في الأوساط الثقافية والصحفية، من أن تطال حملة المحتوى الهابط أصحاب الأقلام الساخرة.

لكن أحد مطلقي الحملة، وهو الصحفي محمد الفهد، يقول إن الفكرة كانت "نقد المحتوى كمحتوى، ولن أقبل باستغلال هذه الحملة أو الإجراءات للتضييق على الحريات أو تكميم الأفواه".

وذكر الفهد في بيان أصدره: "وجهة نظري لو أن الإجراء القانوني يبدأ من التحذير، لأن الهدف هو تصحيح السلوك والمحتوى وليس الإقصاء أو التعسف".

قلق على الصحافة

وعلى الجانب الآخر، يرى الصحفي، سالم الشمري، أن "هناك قلقاً في الأوساط الثقافية والصحفية، من أن تطال تلك الحملة، أصحاب الأقلام الساخرة مثلاً، أو التقرب شيئاً فشيئاً إلى الحريات العامة"، مشيراً إلى أن "أصحاب المحتوى الهابط يجب أن يواجههم المجتمع وليس السلطات".

من يتفاعل مع منشورات المحتوى الهابط، ويضع (like)، فهو شريك ومساهم في الجريمة.
اللواء سعد معن مسؤول الإعلام في وزارة الداخلية

وأضاف الشمري في تعليق لـ"إرم نيوز" أن "ما يحصل هو إلهاء للشارع وإشغاله عن المسائل الأكبر مثل سعر صرف الدولار، والمشكلات الاقتصادية، أما ضبط مواقع  التواصل الاجتماعي، يجب أن يكون وفق قوانين واضحة، يشرّعها البرلمان".

حتى اللايك جريمة

وذهب اللواء سعد معن، وهو مسؤول مديرية الإعلام والعلاقات في وزارة الداخلية، وحامل لواء تلك الحملة، إلى أبعد من ذلك، إذ أعلن في تصريح صحفي، أن "من يتفاعل مع منشورات المحتوى الهابط، ويضع (like)، فهو شريك ومساهم في الجريمة، وقد نحرّك شكوى ضده".

أخبار ذات صلة
العراق.. السجن عامين لـ"صجمة" و6 أشهر لـ"أم فهد" لنشرهما محتوى "فاحشاً"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com