بوب مارلي
بوب مارليرويترز

فيلم بوب مارلي.. صورة مشوّشة لأيقونة الريغي

كان بوب مارلي لغزًا مثاليًا مثل معظم الشخصيات المثيرة، حيث ولد في بيئة فقيرة في قرية سانت آن شمال جامايكا، لكن أناشيد الريغي أصبحت تراتيل للمضطهدين في العالم.

وتوفي عام 1981 عن 36 عامًا قبل أن يشهد إرثه الذي يخضع لاستجواب صارم خاصةً، بعدما طرحت نيتفليكس فيلما عن سيرته الذاتية بعنوان "بوب مارلي" ويطرح فيه الأسئلة التالية: هل كان كرم مارلي تجاه الغرباء يتوازى مع إبعاده للنساء عنه؟ وهل طفولته المؤلمة تبرر له أن يبتعد عن أبنائه؟ وهل حققت أغانيه الصادقة عن السلام والوحدة أي شيء، وهل من العدل أن نتوقع أن تفعل ذلك؟.

أخبار ذات صلة
رغم المراجعات السلبية.. فيلم بوب مارلي الأول في السينما

وأخرج الفيلم رينالدو ماركوس جرين وكان غير مرضٍ بالنسبة لكثيرين؛ لأنه لم يحاول الإجابة ولو عن بعض تلك التساؤلات، ويبقى على الهامش فيما يتعلق بالأمور الجديرة بالطرح في سيرة صاحب "الخروج"، حيث إن نقطة القوة الوحيدة في هذا الشريط هو أداء "كينجسلي بن أدير" الذي جسد شخصية مارلي بحساسية عالية.

وتكمن المشكلة في السيناريو الذي كتبه تيرينس وينتر، وفرانك إي فلاورز، وزاك بايلين وغرين، وفيه تم التركيز فقط على عامين من حياة المغني الجامايكي في لندن، بعد نجاته من الموت إثر إطلاق مسلحين غاضبين النار على منزله في عام الانتخابات؛ مما أدى إلى إصابته وزوجته.

بالمقابل لم يملك الفيلم ما يقوله عن الفترة التي قضاها في المنفى، وهل كان مارلي يشعر بالخيانة من قبل بلاده؟ هل كان يشعر بالحنين إلى الوطن؟ كيف كان يتعامل مع صعوده إلى النجومية العالمية عندما يقوم مارلي ورفاقه من فرقة الويلرز بمراجعة أغنية "اشتباك"؟ لا يمكننا حتى معرفة ما إذا كانوا يستمتعون أم لا. 

على صعيد آخر، تمر في الشريط ذكريات عشوائية لا تُرمِّم عطب السيناريو، من مثل علاقة مارلي مع ريتا زوجته والمغنية في فرقته، التي تلعب دورها في سن المراهقة نيا آشي وفي عمر أكبر لاشانا لينش، بحيث جاء تصوير تلك العلاقة بطريقة يمكن وصفها بأنها فرصة ضائعة للتعرف أكثر على هذا الرجل.

وهناك أيضاً الصورة الضبابية لشخصية والدة مارلي، التي كانت غير مرتاحة لكون ابنها نصف أبيض، وعندما تزوجت مرة أخرى وسافرت إلى أمريكا، حرصت على جمع المال لتجمع شمله بها من جديد، وربما لولا حنانها لما أتيح لمارلي أن يكتب اسمه على صفحات المجد الغنائي، لكن الفيلم جعل من والدته شخصية ثانوية باهتة، بحيث لو تم حذفها لما حصل أي تأثير. 

بوب مارلي
بوب مارليرويترز

النقطة المضيئة في الفيلم كانت "بن أدير" الذي وصل إلى جوهر شخصية مارلي، إذ تأتي أول لقطة مقربة له عندما يتعرض مارلي للاعتداء ويسأل أحد المراسلين: "هل تعتقد حقًا أن الموسيقى يمكن أن توحد؟" عيون منكسرة، ووجه يملأ الشاشة، والممثل بالكاد يتحرك. إنه يُظهر لنا فنانًا يرتكز على يقينه الهادئ بالهدف، ورجلًا يغذيه إحساسه الحازم بذاته.

وفي إعادة تصوير الحفلات الموسيقية، يغلق بن أدير عينيه تمامًا كما اعتاد مارلي أن يفعل، ويقفز على إيقاعه بيد واحدة مرفوعة عالياً مثل واعظ يتمتع بشخصية كاريزمية، تجعل جمهوره يتوق إلى فرض الاتصال به، ليكون داخل هذا النعيم المكتفي ذاتيًا.

ومن المشاهد المميزة في الفيلم، تلك التي جمعت مارلي مع ملكة جمال العالم سيندي بريكسبير (أومي مايرز)، وهي أم أحد أطفاله، تجلس في الاستوديو الخاص به دون أن تتكلم، وغير معترف بها، وبعيدة عن التركيز حرفيًا. 

وفاة مبكرة

ومن خلال أداء لينش العميق لشخصية زوجته ريتا، يمكننا أن نرى مدى تعقيد حب رجل كان من الصعب أن تحبه كلما عرفته أو احتجت إليه، كما تقول، إذ كانت ريتا هي الشخصية الوحيدة التي تسخر من صورة مارلي الجميلة، مما يجبره على الاعتراف بالتفكير السحري الذي سيؤدي في النهاية إلى وفاته المبكرة.

فبعد صراع مرير، يرقص مارلي خلف ريتا على خشبة المسرح أثناء أغنية "لا امرأة، لا بكاء" ووضعت يدها على كتفه كما لو كانت تحثه على التسامح أمام الجمهور. 

والثبات على وجه لينش وهي تغني وتطيع نداء زوجها بعدم ذرف الدموع هو مزيج مذهل من السخرية والقسوة والقبول، ولو كان لفيلم "حب واحد" عشرات المشاهد الأخرى بهذه القوة، لكان ذلك بمثابة تكريم جدير للأيقونة التي غنت: "هل هناك مغفرة للمُذنب البائس الذي آذى كل البشر لإرضاء نفسه؟".  

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com