في اليوم العالمي لها.. اللغة العربية والجدران من حولها
في اليوم العالمي لها.. اللغة العربية والجدران من حولهافي اليوم العالمي لها.. اللغة العربية والجدران من حولها

في اليوم العالمي لها.. اللغة العربية والجدران من حولها

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يحتفل العرب بلغتهم الأم، كيوم عالمي للغة العربية، وهو ذاته اليوم الذي اعتمدت فيه الأمم المتحدة اللغة العربية كلغة رسمية في العام 1973. وبحلول العام 2020 صارت اللغة العربية في الوطن العربي تنطق من المحيط إلى الخليج، من قبل 400 مليون عربي أو اكثر، وحدتهم القومية، واللغة العربية منذ القدم.

ولأن اللغة قوة ناعمة في يد الكاتب والمؤلف والشاعر، تبقى مكانتها عند هذه الفئة أكبر قيمة، لأنهم الأكثر احتكاكًا بها، ودراية بقيمتها، وفي هذا السياق عبر العديد من الشعراء العرب عن اهتمامهم باللغة العربية من خلال مواقفهم وكتاباتهم.

ومن هؤلاء الشعراء، الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي عبر عن أهمية اللغة العربية في إحدى قصائده، مبينًا أصالة اللغة العربية، وفخره بكونه عربيًا:



"دلّني أحد عليَّ، أنا الدليل، أنا الدليل

إلى بين البحر والصحراء، من لغتي ولدت

على طريق الهند بين قبيلتين صغيرتين عليهما

قمر الديانات القديمة، والسلام المستحيل

وعليهما أن تحفظا فلك الجوار الفارسي

وهاجس الروم الكبير؛ ليهبط الزمن الثقيل

عن خيمة العربي أكثر، من أنا؟

هذا

سؤال الآخرين ولا جواب له، أنا لغتي أنا

وأنا معلّقة… معلقتان… عشرٌ، هذه لغتي

أنا لغتي، أنا ما قالت الكلمات

كنْ

جسدي، فكنت لنبرها جسدًا. أنا ما

قلت للكلمات: كوني ملتقى جسدي مع

الأبدية الصحراء، كوني كي أكون كما أقول".

وعبر اللبناني وديع سعادة عن أن اللغة هي الموطن الجوهري الذي يلجأ الإنسان إليه في حال تاهت من حوله الطرق، وهي الملاذ في ظل انحدار الأحوال من حول المرء في وطنه الجغرافي. إذ يكتب:"كنت أظن أنني سأبني وجودًا من خيال. أن التخيل يحيل الخيال جسدًا، والكلمات تبني بيتًا، أكون فيه لا قبالته.

مشيت طويلاً في خيال اللغة، حتى انكسرت في وهمها. مشيت في اللغة بحثًا عن موطني، حتى اكتشفت أنني أبحث عن وهم. ولأن اللغة كانت هي موطني، فإنني ما سكنت إلا في الغياب.



لم أكن غير كشّاشٍ لأرواح الكلمات، تلك التي خرجت من فمي، وروحي، وغابت بعيدًا. أتذكر منها الآن النقطة الأخيرة الواهية في الأفق القصي، أتذكر منها عيونًا خرجت فجأة، التفتت إليَّ بلومٍ وغابت سريعًا، أتذكر ريشًا تناثر بطلقات، وريشًا مستعجلًا للهرب، وخطًا دقيقًا رسمه هذا الهروب في الفضاء، وانمحى بلحظة".

أما أدونيس الشاعر السوري فأعرب في حوار منشور لمجلة إسبانية بالقول:"أعيش في جزيرة اسمها اللغة العربية".

وتساءل الشاعر السوري المكرس في إحدى الأمسيات الشعرية في لبنان ذات مرة: هل نستحق فعلًا هذه اللغة؟  وأردف من بعدها عن علاقة الشعر باللغة العربية، حيث قال:"العربية ليست لغة تجريدية بل جسدانية، فهي ذات صلة وثيقة بالحياة والتفاصيل اليومية، وهو ما أعطى للشعر بعدًا موسيقيًا٬ وجعل الصوت عنصرًا لا يتجزأ من عناصر القصيدة، فاللغة جزء من جسد الشاعر وكيانه الحي، ولا تقرأ القصيدة إلا جسديًا".



وحذر أدونيس من أن اللغة العربية تعيش مأساة لا مثيل لها، فهي تموت بين أهلها، وفي بيوتهم، ومدارسهم، وجامعاتهم، ومؤسساتهم، وليست هناك حلول واضحة لهذه الحالة.

أما الشاعر اللبناني أنسي الحاج، فعبر عن اعتزازه بكتابة اللغة الفصحى، وتمسك بها مدار عمره، وسرد خلال مقابلة معه في مجلة جهة الشعر:"عندما ترجمت مسرحية لشكسبير اسمها "كوميديا الأغلاط". لبننتها، وكانت تعد في مطلع التحديث المسرحي اللبناني. وكتبت المسرحية بلغة عربية فصيحة، ولكنها حية، لدرجة أن الجمهور الذي شاهدها آنذاك لم يتوقف عند كونها فصحية، بل أتى وشاهدها بشغف واهتمام، وكأن لغة المسرحية غير منفصلة عن لغة الناس اليومية، لكن يوسف الخال وقتئذ وجه لي رسالة عتب،"إذ كيف تكتب بلغة نريد أن نخلص منها... إلخ". وحدث جدال بيننا، فقلت له:"أنا لا أشعر بمشكلة في اللغة الفصحى طالما أستطيع أن أعبر بها مثلما أريد ودون مضايقة، وعندما لا تتمكن اللغة الفصحى من تحقيق ما أريد، أكتب عندئذ باللغة "الدارجة"، وألقحها بكلمات ربما هي موجودة في اللغة الفصحى أيضًا. حيث كان الخال ينادي إلى لغة عربية حديثة، تخاطب الناس بالعامية.



فيما دعا عميد الأدب العربي طه حسين إلى دراسة اللغة العربية في عدة منابر صحفية، وأكد على الحفاظ على قواعدها، والتعمق في فهم مقاصدها، لما لذلك من أهميه في حماية الهوية العربية، وثباتها. كما أكد "حسين" على أن الأدب يجب أن يكتب بالفصحى لا العامية، وانتقد وقتها انتشار الأغنية والمسرحية العامية لما لذلك من أثر على انحدار اللغة".



من ناحيته عبّر الشاعر السوري نزار قباني في كتابه "الكتابة عمل انقلابي" عن مدى بعد الكثير من المواطنين العرب عن لغتهم الأم بفعل الجدار الذي بنوه بينهم وبينها، وصار بعد زمن يحمل سُمكًا لا يمكن كسره. وكتب قباني:"إن اللغة العربية تضايقهم لأنهم لا يستطيعون قراءتها.. والعبارة العربية تزعجهم لأنهم لا يستطيعون تركيبها.. وهم مقتنعون أن كل العصور التي سبقتهم هي عصور انحطاط، وأن كل ما كتبه العرب من شعر منذ الشنفرى حتى اليوم.. هو شعر رديء ومنحط، تسأل الواحد منهم عن المتنبي، فينظر إليك باشمئزاز كأنك تحدثه عن الزائدة الدودية، وحين تسأله عن (الأغاني)، و(العقد الفريد)، و(البيان والتبيين)، و(نهج البلاغة)، و(طوق الحمامة)، يرد عليك بأنه لا يشتري أسطوانات عربية ولا يحضر أفلامًا عربية! إنهم يريدون أن يفتحوا العالم وهم عاجزون عن فتح كتاب، ويريدون أن يخوضوا البحر وهم يتزحلقون بقطرة ماء، ويبشرون بثورة ثقافية تحرق الأخضر واليابس، وثقافتهم لا تتجاوز باب المقهى الذي يجلسون فيه، وعناوين الكتب المترجمة التي سمعوا عنها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com