طه حسين
طه حسين أرشيفية

"غزوة عزيزة".. قصة فتاة أشعلت معركة مجهولة في حياة طه حسين

كان الحق في التعليم المعركة الكبرى لعميد الأدب العربي طه حسين، والتي تفرَّعت عنها معارك أخرى، مثل: الحق في تواجد الجنسين معًا تحت قبة الجامعة المصرية قبل ما يقرب من مئة عام. من هنا تأتي أهمية كتاب "غزوة عزيزة" الصادر مؤخرًا عن دار "روافد" بالقاهرة للكاتب الصحفي روبيرالفارس، الذي يكشف كواليس معركة مجهولة في حياة طه حسين أشعلتها فتاة مغمورة ودرات رحاها في العام 1936 وامتدت إلى الأشهر الأولى من 1937.

وبدأت المعركة حين وفدت "عزيزة عباس عصفور" من محافظة "بورسعيد" إلى جامعة القاهرة التي كانت تضم أنذاك نحو 200 طالبة لتلتحق بكلية الحقوق. وزعمت "عزيزة" أنها صُدمت بالاختلاط بين الجنسين تحت قبة الجامعة رغم أنه كان معروفًا قبل سنوات، وقررت تصعيد الأمر من خلال مقال أرسلته إلى "الأهرام" و نشرته الصحيفة في صدر صفحتها الأولى في الـ25 من يوليو 1936 تندد فيه بفكرة الاختلاط وتنادي بعزل الطالبات في مبنى أو جامعة خاصة بهن.

غلاف "غزو عزيزة"
غلاف "غزو عزيزة"متداول

والتقط التيار المحافظ خيط الأزمة لا سيما صحيفة "الفتح" لصاحبها السوري "محيي الدين الخطيب" المعروف بتوجهه المتشدد حيث ساند "عزيزة" بقوة، كما التف حولها عشرات الطلبة والصحفيين الذين كتبوا المقالات والأشعار فيها واعتبروها "أيقونة التقاليد" ورمز الحفاظ على ما سمّوه "القيم الأصيلة". ودخلت مؤسسة الأزهر على خط المعركة بتأييد موقف الطالبة.

"رد على الافتراءات"

ويشير المؤلف إلى أن الهدف من المعركة كان جر طه حسين، الذي كان يشغل موقع عميد كلية الآداب بالجامعة، لساحة التراشق لأنه كان الخصم الأكبر للتيار التقليدي المحافظ. ولم يتأخر عميد الأدب العربي كثيرًا، إذ كتب مقالًا تاريخيًّا يرد فيه على الافتراءات والأكاذيب الخاصة بالخروج عن القيم والأعراف قال فيه " إن المسألة التى أثيرت أخيرًا والتي تتصل باختلاط الجنسين فى الجامعة مسالة سخيفة لا أكثر ولا أقل، فقد قلت وما زلت أقول إنني لا أعرف فى كتاب الله ولا في سنة رسوله نصًّا يحرّم على الفتيات والفتيان أن يجتمعوا فى حلقة من حلقات الدرس حول أستاذ يعلمهم العلم والأدب والفن".

أخبار ذات صلة
"حريم ترامب".. كتاب يكشف أسرار "الحرب الباردة" بين ميلانيا وإيفانكا

وتساءل طه حسين ساخرًا "كان الفتيان والفتيات يجتمعون فى دروسهم الجامعية فى عهد الحكومات الماضية ولم تثر المشكلات التى تثار الآن، ولم يتقدم أحد إلى الحكومة فى التفريق بين الفتيات والفتيان فى دورالعلم العالية، فهل كان المطالبون بهذا نائمين فى العهد الماضى ثم استيقظوا فى هذه الأيام؟.

تحديات

وقال روبير الفارس إن المعركة تتضمن دلالات مهمة وتكشف عن صفحات مجهولة من تحديات التحديث والاستنارة في مصر، مشيرًا في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى أن إلتحاق الفتيات بالجامعة بمصر واجه صعوبات شديدة إذ بدأ سرًّا عام 1929 عبرإلحاق خمس طالبات فقط حتى لا يثير الأمر حفيظة المجتمع، ولم يتم ذيوعه على نطاق واسع، إلا عام 1933 حين نشرت "الأهرام" صورة تجمع طه حسين مع الطالبات وهن يحملن شهادات تخرجهن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com