أحد شوارع العاصمة تونس
أحد شوارع العاصمة تونسرويترز

تساؤلات حول التداعيات الاقتصادية لتقسيم تونس إلى أقاليم

يطرح تقسيم التراب التونسي إلى أقاليم تساؤلات حول التداعيات والآثار الاقتصادية التي يمكن أن يُحدِثها، بينما تتحدث السلطات عن نموذج تنموي جديد يقوم على التوازن بين المناطق وتوزيع أكثر عدالة للثروة.

ويقول سمير الأزعر، مدير عام التنمية الجهوية في وزارة الاقتصاد التونسية، "إنّ المناطق التي تم إنشاؤها حديثًا لديها الآن إمكانية الوصول إلى الحدود البحرية والبرية للبلاد".

وأضاف أن هذا التقسيم الجديد "يخلق نوعًا من التكامل والديناميكية الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المتقدمة والأقل نموًّا، ويسهّل عملية التخطيط".

أخبار ذات صلة
هل ينقذ التعديل الوزاري تونس من أزمتها الاقتصادية؟

جاء ذلك بعد أن تم تقسيم التراب التونسي بمقتضى أمر رئاسي صدر بالجريدة الرسمية منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، وتم تحديد خمسة أقاليم.

ولا يخلو التقسيم الإقليمي الجديد من بعد اقتصادي، رغم أنه إجراء إداري جاء تمهيدًا لإجراء انتخابات المجالس المحلية التي جرت دورتها الأولى في كانون/ ديسمبر الماضي على أن يجري الدور الثاني يوم الأحد المقبل الـ4 من شباط/ فبراير.

وستؤدي هذه العملية الانتخابية إلى إنشاء مجلس الجهات والأقاليم، الغرفة الثانية للبرلمان، وبمجرد الانتهاء من الانتخابات المحلية، يبدأ نظام اللامركزية الجديد في ترسيخ جذوره في تونس، وهو ما ينطوي على تغييرات عميقة، وخاصة في تصميم خطط التنمية "الإقليمية" وفقًا لمتابعين.

وقال المسؤول التونسي خلال حلقة نقاش حول التقسيم الإقليمي، "إنّ خطط التنمية الإقليمية يجب أن تأتي من المستوى المحلي".

وأوضح أن السلطات المحلية المنتخبة سيكون عليها المساهمة في تطوير السياسات التنموية التي ستدعمها برامج وآليات محددة، على عكس خطط التنمية الجهوية القديمة، وحيث تم تصميم المخططات القديمة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط من خلال الهياكل التخطيطية، وهي مكاتب التنمية والهيئة العامة للتنمية الإقليمية.

الحدود البحرية والبرية

وأضاف الأزعر أن المناطق التي تم إنشاؤها حديثًا يمكنها الآن الوصول إلى الحدود البحرية والبرية للبلاد، مؤكدًا أن هذا التقسيم الجديد سيوفر نوعًا من التكامل فضلًا عن الديناميكية الاقتصادية والاجتماعية بين المناطق المتقدمة والأقل نموًّا؛ ما يعزز التبادلات الاقتصادية الإيجابية بينهما.

ولفت إلى أن خطة التنمية الثلاثية 2023-2025 ستحقق هذه الرؤية من خلال تعزيز التخصص القطاعي لكل منطقة في مختلف القطاعات، مثل: الصناعات الغذائية، واقتصاد المعرفة، والنسيج.. وغيرها.

ويهدف هذا التقسيم الجديد إلى إرساء توزيع جديد للثروة، والانتقال من التوزيع على المستوى الوطني إلى التوزيع على مستوى كل منطقة، وسيمكّن إطلاق ديناميكية اقتصادية جديدة من خلق قيمة مضافة على مستوى كل منطقة سيتم توزيعها على المجتمعات المحلية.

ويقول متابعون، إنّه فيما يتعلق بالتخطيط، سيكون لكل منطقة الحق في الحصول على خطة التنمية الخاصة بها والتي ستتوافق مع المبادئ التوجيهية المركزية، ومن أجل التكيف مع التقسيم الإقليمي الجديد، سيتم أيضًا مراجعة المخططات الرئيسة للتخطيط الإقليمي وسيتم وضع نظام جديد للتعداد السكاني.

الممرات الاقتصادية والسكك الحديد

وفي إطار التقسيم الجديد، تعطى الأولوية لمشاريع الهيكلة الشاملة وكذلك مشاريع البنية التحتية اللوجستية، مثل: الطرق السريعة، والممرات الاقتصادية، والسكك الحديدية التي تربط المدن الساحلية بالمدن الداخلية. لكن وفقًا للمسؤول، تظل المسائل المتعلقة بالتمويل وامتيازات المناطق هي التحديات الرئيسة لهذا التوجه الجديد.

ومن جانبه، قال الباحث الجامعي التونسي مراد بن جلول، "إنّ فلسفة تقسيم المجال الترابي إلى أقاليم تقوم على فكرة أن التنمية المحلّية يجب أن يخطط لها الفاعلون المحليون من هياكل منتخبة ومنظمات وهياكل مهنية وغيرها من الفاعلين لأن هؤلاء هم الأقرب لمعرفة حاجياتهم والأجدر بتحديد رؤيتهم للمستقبل أكثر من السلطة المركزية".

وأضاف، بما أنه يجري الحديث عن تخطيط إستراتيجي بعيد المدى فالمجال الترابي يجب أن يتجاوز البعد المحلي ليشمل مجالات كبرى ليس بالضرورة أن تكون متجانسة لكن المهم أن تضم مراكز حضرية كبرى لتلعب دور الحواضر الإقليمية من أجل النهوض بكامل الإقليم.

واعتبر أنّ "الإشكال لا يكمن في التقسيم في حد ذاته بل في الصلاحيات التي ستتمتع بها الأقاليم وإلى أي مدى يمكنها أن تمثل قوة اقتراح من أجل تغيير واقع التنمية الجهوية بالبلاد وضمان أكثر ما يمكن من توازن بين الجهات من أجل مستقبل أفضل".

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com