تحديات تواجه العملة السورية.. ما القيمة الشرائية لفئة الـ 500 ليرة؟

تواجه العملة السورية تحديات كبيرة بعد انخفاض قوتها الشرائية نتيجة تراجع الاقتصاد إثر حرب داخلية استمرت لأكثر من عشرة أعوام.

وتقول صحيفة "تشرين" المحلية إن سائقي السرافيس العاملة على خطوط النقل العام يرفضون تقاضي أجرتهم من فئات تقل عن 500 ليرة، مضيفة أنه لم يعد هناك من يقبل بتقاضي فئات الـ 100 و200 ليرة سورية، لافتة في السياق ذاته إلى أن فئة الـ 50 ليرة أصبحت من المنسيات، وأن مثل هذه الفئة من العملة لم تعد صالحة لشراء سوى "علكة صغيرة لا تسد فم طفل عن البكاء".

وتدخل عوامل كثيرة وراء فقدان العملة قدرتها الشرائية، منها التوترات السياسية والأمنية، وانخفاض سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الدولية مثل الدولار واليورو، أو بسبب العرض والطلب في سوق الصرف الأجنبي أو نسبة التضخم في الاقتصاد الوطني.

انخفاض القدرة الشرائية

وبحسب بيانات منسوبة لـ "المكتب المركزي للإحصاء"، فإن معدل التضخم ارتفع بنسبة كبيرة وصلت إلى 3825% بين عامي 2011 و2021.

وتشير الأرقام إلى أن الزيادة في معدل التضخم بلغت مستويات كبيرة، ما يزيد من المصاعب المالية على المواطنين، حيث تنخفض القدرة الشرائية نتيجة ارتفاع أسعار السلع في السوق.

وتعاني الأسواق في سوريا من حالة ركود، وفقا لموقع "الحل" المحلي، الذي ذكر في تقرير أن سعر كيلو الرز القصير بلغ 9 آلاف ليرة، وسعر لتر الزيت النباتي 19 ألف ليرة، ووصل سعر كيلوغرام السكر إلى 9 آلاف.

وأفاد بأن منتجات الألبان والأجبان سجلت أسعارا فلكية، حيث وصل سعر عبوة اللبن وزن 800 غرام إلى 4500 ليرة، بينما وصل سعر الجبنة إلى 38 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.

مدير الأبحاث الاقتصادية في المصرف المركزي السوري، منهل جانم، قال في تصريحات سابقة إن الإجراءات النقدية التي تم اتخاذها في 2022، مثل رفع أسعار الفائدة من 7% إلى 11% على الودائع الشهرية، ساهمت في "كبح جماح التضخم" ليتراجع معدله السنوي العام من 118.8% عام 2021 إلى 59.5% عام 2022.

وقال إن الدول التي تعاني التضخم تفقد عملتها المحلية قيمتها، ما يؤدي لتوجه الأفراد إلى حفظ أرصدتهم المالية بأشكال أخرى عن طريق شراء الذهب أو العملات الأجنبية أو العقارات.

ويختلف الباحث الاقتصادي خالد تركاوي مع منهل جانم ويقول في تصريحات نقلها موقع "عنب بلدي" إن ذلك محاولة منه لإظهار فاعلية عملية ضبط قيمة الليرة السورية، لكن على أرض الواقع فإن التضخم في سوريا "أعلى بعشرات المرات" مما ذكر، داعيا إلى مقارنة أسعار المواد الأساسية في العام 2022 مع العام الذي يسبقه.

ويفتقر موقع البنك المركزي السوري على شبكة الإنترنت لإحصائيات حديثة عن معدل التضخم في البلاد، إذ ترجع آخر إحصائية إلى العام 2020.

وبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية يوم أمس الأربعاء 8.900 ليرة سورية، وفقا لموقع "الليرة اليوم".

الدفع الإلكتروني

ودفع تراجع قوة الاقتصاد وقيمة العملة البنك المركزي السوري في العام 2021 إلى إصدار فئة جديدة (5000) ليرة، وهي الفئة الأعلى في تاريخه.

ويرى مراقبون ماليون أن هناك حلولا يمكن أن تساهم في معالجة تراجع قيمة العملة السورية أو كبح جماح نسب التضخم، لكنها ليست سهلة وتحتاج إلى عمل كبير، مشيرين في الوقت ذاته إلى الحاجة لبيانات وأرقام حديثة تساعدهم على ذلك.

ورأوا أن عملية الدفع الإلكتروني قد تكون حلا لمعالجة مسألة امتناع البعض عن التعامل مع فئات العملة التي تقل عن 500 ليرة.

غير أن رئيس نقابة المهن المالية والمحاسبة في دمشق عماد يوسف يقول في تصريحات نقلتها "صحيفة تشرين" إن نجاح الدفع الإلكتروني في سوريا يتطلب تطوير البنية التحتية المناسبة وتعزيز الوعي المالي والتقني لدى المواطنين.

وأضاف أنه يجب توفير خيارات متنوعة للدفع الإلكتروني وضمان توافر الخدمات الإلكترونية في مختلف القطاعات مثل التجارة والبنوك.

وتتعامل سوريا رسميا مع الفئات التالية من العملة الورقية: 50 ليرة و100 ليرة و200 ليرة و500 ليرة و1000 ليرة و2000 ليرة و5000 ليرة.