أي مستقبل ينتظر الليرة السورية بعد خفض "المركزي" 50% من قيمتها؟

أي مستقبل ينتظر الليرة السورية بعد خفض "المركزي" 50% من قيمتها؟

خفض البنك المركزي السوري، سعر صرف العملة المحلية بنسبة 50% لتسجل 4522 ليرة لكل دولار أمريكي، بدلا من 3015 سابقا؛ في محاولة لتقليص الفجوة بين السعر بالسوق الموازي والرسمي.

الليرة السورية فقدت جميع عناصر المقاومة واتجهت نحو الانحدار، نتيجة عدد من الأسباب
المحلل الاقتصادي عمار يوسف

وأثار هذا الانخفاض المفاجئ الذي لم يمض على سابقه سوى 4 أشهر، مخاوف شريحة كبيرة من السوريين ليتساءلوا عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، خاصة وأن الساحة العالمية والمحلية لم يطرأ عليها أي تغيرات جديدة مع بداية العام الجديد، وفق قولهم.

وعلل البنك المركزي في بيان نشر على موقعه الرسمي، هذا الانخفاض، بأنه جاء "للحفاظ على استقرار الليرة، والقضاء على السوق الموازي للعملة، وعودة السيولة الدولارية إلى القنوات الرسمية للدولة وهي البنوك".

واستبعد خبراء ومحللون اقتصاديون، هذا التعليل، قائلين إن "ما يحدث لليرة تخفيض مدار من قبل المصرف السوري بدلا من اللجوء إلى التعويم الذي قد يعصف بالعملة المحلية إلى مستويات تتجاوز 15 ألف ليرة لكل دولار".

وأضافوا لـ إرم "نيوز"، أن الحفاظ على استقرار العملة المحلية لأي دولة مرهون بالاستقرار السياسي أولًا، باعتباره أحد الركائز الأساسية لدخول الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد وعلى إثره تتحسن الحركة الإنتاجية وموارد النقد الأجنبي من السياحة والصادرات.

ضعف مقاومة الليرة

من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي السوري والأكاديمي عمار يوسف، أن الليرة "فقدت جميع عناصر المقاومة واتجهت نحو الانحدار بعد توقف حركة الإنتاج في البلاد وهروب الاستثمارات الأجنبية وتوحش السوق السوداء للدولار مقارنة بأي فترة مضت".

أخبار ذات صلة
الليرة السورية تسجل تدهورًا قياسيًا في السوق السوداء

وبشأن التخفيض الكبير من قبل المصرف السوري هذه المرة، أكد يوسف أن "أي هزات صغيرة تتعرض لها الليرة في السوق السوداء ستؤدي إلى خفضها بحوالي 500 ليرة على أقل تقدير، والعملة المحلية في أوهن حالاتها".

وسجل سعر الليرة في السوق الموازية (السوداء) والمستخدم في معظم الأنشطة الاقتصادية نحو 6500، نزولًا من 7000 ليرة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وفق منصة "الليرة اليوم".

وأكد يوسف أن "لجوء الحكومة للحفاظ على استقرار الليرة أو التحكم في معدل انخفاضها عبر ترشيد الاستيراد، وزيادة معدل الضرائب والرسوم مع توقف الإنتاج الزراعي والصناعي، يعد مسكنًا لفترة مؤقتة".

وفي أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، خفض المصرف المركزي السوري سعر الصرف إلى 3015 ليرة لكل دولار من 2814 ليرة سابقا.

الليرة السورية قد تشهد مزيدا من التراجع حتى تستقر عند سعر توازني يحدد بناء على معطيات السوق وحجم الطلب على الدولار

توحيد سعر الصرف

ويرى الخبير الاقتصادي السوري حيان سليمان، أن خفض العملة المحلية لأي دولة قد يكون علاجًا ناجحا للتعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، لكن الاقتصاد السوري ظروفه مختلفة عن أي دولة.

وأوضح سليمان أن استمرار الضغط على الليرة من قبل البنك المركزي يعزز فرص نمو السوق السوداء للدولار، نتيجة زيادة الطلب عليها من قبل التجار والصناع، وهذا الأمر يساهم في رفع أسعار السلع والمنتجات المغذي الأول للتضخم.

وتابع سليمان أن "السوق تحتاج إلى توحيد سعر الصرف في البلاد أولا، يعقبه استغلال الموارد المتاحة في القطاع الزراعي، بجانب توفير الطاقة للقطاع الصناعي بأسعار مناسبة، وحل أزمة المحروقات الحالية لتحريك عجلة الاقتصاد الكلي للبلاد، وخلاف ذلك ستستمر الليرة في الانحدار كلما اقتضى الأمر".

لكن أستاذ الاقتصاد السوري عبدالمنعم الحلبي، توقع أن تشهد الليرة مزيدا من التراجع حتى تستقر عند سعر توازني يحدد بناء على معطيات السوق وحجم الطلب على الدولار.

أخبار ذات صلة
الأسد: انهيار العملة السورية معركة تدار من الخارج وسنعاقب التجار المتربحين

ورجح الحلبي، أن يصل السعر التوازني إلى عشرة آلاف ليرة مقابل الدولار الأمريكي الواحد خلال الشهور المقبلة.

تصحيح الإخفاقات الماضية

واعتبر الباحث الاقتصادي المصري والمتخصص في الشأن الدولي محمد يوسف أن الخسائر التي تسجلها الليرة حاليا ليست حدثا مفاجئا، بل هي تراكمات لفشل الحكومة السورية في إدارة السياسة النقدية، التي تعد إحدى الركائز الأساسية لدعم العملة.

وأوضح أن "دمشق لجأت إلى طباعة كميات كبيرة من النقود بدون أي غطاءات حتى باتت عبارة عن ورق بلا قيمة، ومع ذلك تجاهلت استخدام إحدى الأدوات النقدية وعلى رأسها رفع سعر الفائدة لسحب فائض السيولة من السوق.

وفق معطيات رسمية، فقدت الليرة السورية 99.3 % من قيمتها منذ بدء الأزمة عام 2011، عندما كان الدولار يساوي 49 ليرة سورية.

وتابع في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن الحكومة السورية لم تبحث عن مصادر جديدة للنقد الأجنبي أيضًا مع بداية فرض العقوبات عليه.

وأشار إلى أن "كل هذه التراكمات ساهمت في زيادة الطلب على الدولار وخلقت ما يسمى بالسوق السوداء، وعلى إثرها تهاوت الليرة على فترات زمنية حتى وصلت إلى الوضع الحالي".

ووفق معطيات رسمية، فقدت الليرة السورية 99.3 % من قيمتها منذ بدء الأزمة عام 2011، عندما كان الدولار يساوي 49 ليرة سورية.

بدوره، رهن الباحث الاقتصادي السوري مناف قومان، استقرار الليرة أو الحفاظ على مستواها الحالي لفترة زمنية، بتدفق المنح والمساعدات الدولارية من الحلفاء والدول الداعمة إلى خزينة المصرف السوري بشكل عاجل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com