بعد إنقاذها لبرج كوشنر "دون قصد".. قطر تعيد النظر في إستراتيجيتها للاستثمار الخارجي
بعد إنقاذها لبرج كوشنر "دون قصد".. قطر تعيد النظر في إستراتيجيتها للاستثمار الخارجيبعد إنقاذها لبرج كوشنر "دون قصد".. قطر تعيد النظر في إستراتيجيتها للاستثمار الخارجي

بعد إنقاذها لبرج كوشنر "دون قصد".. قطر تعيد النظر في إستراتيجيتها للاستثمار الخارجي

تواترت أنباء عن أن قطر ربما تكون عن غير قصد ساعدت في إنقاذ ناطحة سحاب في نيويورك تملكها عائلة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ما دفعها لمراجعة إستراتيجيتها للاستثمار.

وأبرمت بروكفيلد، وهي شركة استثمار عقاري عالمية ضخت فيها الحكومة القطرية استثمارات، صفقة العام الماضي، ما تسبب في إنقاذ برج شركات كوشنر، رقم 666 في الجادة الخامسة بمانهاتن في نيويورك، من صعوبات مالية.

وقال مصدران مطلعان إن الإنقاذ، الذي لم تلعب فيه الدوحة أي دور، وعلمت بها للوهلة الأولى من وسائل الإعلام، دفع إلى إعادة النظر في كيفية استثمار قطر لأموال في الخارج، من خلال صندوق ثروتها السيادية العملاق.

وأضاف المصدران أن الدوحة قررت أن جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي للبلاد، سيسعى إلى تفادي ضخ أموال في صناديق أو أوعية استثمارية أخرى لا يسيطر عليها بشكل كامل.

وقال أحد المصدرين "بدأت قطر تبحث في كيفية ضلوع اسمها في الصفقة، إذ تبينت أن ذلك جاء بسبب صندوق تشارك في ملكيته، من ثم أطلق جهاز قطر للاستثمار عملية لتجديد إستراتيجيته في نهاية المطاف".

وامتنع جهاز قطر للاستثمار عن التعليق.

وقامت بروكفيلد لإدارة الأصول، ومقرها كندا، بإنقاذ برج كوشنر من خلال وحدتها العقارية بروكفيلد بروبارتي بارتنرز، التي استحوذ جهاز قطر للاستثمار على حصة فيها قدرها 9% قبل خمس سنوات، وامتنعت بروكفيلد ووحدتها عن التعليق.

وقالت المصادر إن التحول في إستراتيجية جهاز قطر للاستثمار بدأ في أواخر العام الماضي، حينما أتاح رؤية نادرة من الداخل لأحد أكثر صناديق الثروة السيادية سرية في العالم.

وربما تؤدي إعادة النظر إلى تعقيدات كبيرة على ساحة الاستثمار العالمية، نظرًا لأن جهاز قطر للاستثمار هو أحد كبار المستثمرين السياديين في العالم، حيث يدير أصولًا بما يزيد عن 320 مليار دولار.

وقام الصندوق القطري بضخ أموال في الغرب على مدى السنوات العشر الماضية، بما في ذلك إنقاذ بنوك بريطانية وسويسرية أثناء الأزمة المالية في 2008، إضافة إلى الاستثمار في أسماء بارزة مثل فنادق بلازا وسافوي ومتجر هارودز في لندن.

كان جاريد كوشنر رئيسًا تنفيذيًا لشركات كوشنر، حينما استحوذت على البرج رقم 666 في الجادة الخامسة في 2007، مقابل 1.8 مليار دولار، وهو مبلغ قياسي حينئذ لمبنى إداري في مانهاتن. وشكل هذا المبنى ضغطًا على الشركة العقارية لعائلته منذ ذلك الحين.

وتم إنقاذ البرج المثقل بالديون من خلال بروكفيلد في أغسطس/آب الماضي، حينما وقعت الأخيرة عقد إيجار للمبنى مدته 99 عامًا ودفعته مقدمًا، ولم يتم الإفصاح عن الشروط المالية للصفقة.

واشترى جهاز قطر للاستثمار حصة قدرها 9% في بروكفيلد بروبارتي بارتنرز، المعروفة باسم (بي.بي.واي) والمدرجة في تورونتو ونيويورك، مقابل 1.8 مليار دولار في 2014.

ولدى بي.بي.واي أصول بنحو 87 مليار دولار، وهي جزء من أصول بما يزيد عن 330 مليار دولار، تديرها بروكفيلد الأم، وجاء قيام جهاز قطر للاستثمار بشراء الحصة متماشيًا مع إستراتيجيته لتعزيز الاستثمارات في العقارات الأمريكية المتميزة، ولا يمنح الاستثمار الصندوق القطري مقعدًا في مجلس إدارة بي.بي.واي.

وقال مصدر مقرب من بروكفيلد لإدارة الأصول، إن صندوق الثروة السيادي القطري ليس ضالعًا في صفقة 666 بالجادة الخامسة، ولم يكن مطلوبًا من بروكفيلد إخطار الصندوق القطري سلفًا.

وأثارت عملية الإنقاذ غضب الدوحة، بحسب المصدرين المطلعين على إستراتيجية الصندوق القطري، نظرًا لأن كوشنر، وهو زوج إيفانكا ابنة ترامب، كان منذ فترة طويلة أحد الداعمين الرئيسيين في واشنطن لولي العهد السعودي.

وقال المصدر المطلع على إستراتيجية الصندوق السيادي القطري "لا أحد يزيد الاستثمار من خلال الصناديق مثلما يفعل جهاز قطر للاستثمار، تريد قطر أن تكون على دراية كاملة بالأماكن التي تتجه إليها أموالها".

وقال المصدران إن جهاز قطر للاستثمار لن يقلص استثماراته القائمة في بروكفيلد أو جهات أخرى، لكنه لن يستثمر بعد الآن في صفقات مماثلة.

وقال المصدر القريب من بروكفيلد إن العلاقات مع جهاز قطر للاستثمار لا تزال قوية.

استثمارات ضخمة

جاءت إعادة النظر في إستراتيجية جهاز قطر للاستثمار أيضًا في أعقاب تعديل في إدارته العليا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حينما تم استبدال رئيسه التنفيذي الشيخ عبد الله بن محمد بن سعود آل ثاني، الذي استمر فترة طويلة، وحل محله رئيس إدارة المخاطر السابق منصور إبراهيم آل محمود، وتم تعيين وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيسًا لمجلس الإدارة.

ولا تقدم قطر، التي تستمد ثروتها من كونها أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، أي بيانات عن حجم الأموال التي تستثمرها في صناديق خارجية.

وقال مدير صندوق غربي يستمد أموالًا بشكل منتظم من صناديق سيادية: "ما رأيناه مؤخرًا يتمثل في أنه لم يضخ أموالًا كثيرة، إما أنهم يستثمرون بأنفسهم، وإما أنهم يحتفظون فقط بكثير من الأموال".

ويعكس تحول قطر اتجاهًا على نطاق أوسع بين صناديق الثروة السيادية لخفض اعتمادها على مديري الاستثمارات الخارجية، في محاولة لإحكام السيطرة على أموالها.

وحتى إذا توخى جهاز قطر للاستثمار مزيدًا من الحذر في اختيار أوعيته الاستثمارية، فهناك بعض الدلالات على تضاؤل شهيته لاستحواذات خارجية كبيرة.

ففي ديسمبر/كانون الأول، قال رئيسه الجديد منصور إبراهيم آل محمود إن الصندوق يركز على الاستثمارات الكلاسيكية في الغرب، مثل العقارات والمؤسسات المالية، وسيسرع أيضًا وتيرة الاستثمار في التكنولوجيا والرعاية الصحية.

وقال مصرفي غربي أجرى محادثات مع مسؤولين قطريين: "تتمثل التعليمات من الأعلى في الانطلاق إلى الخارج وإبرام صفقات كبيرة".

وأضاف أن الصفقات التي يبرمها جهاز قطر للاستثمار لم تتوقف حتى في ذروة المقاطعة الخليجية، التي دفعت الصندوق بداية لوضع نصف ما ضخته شركات القطاع العام في البنوك القطرية، وقدره 43 مليار دولار، لتخفيف أثر نزوح أموال.

ومع نمو أسعار النفط والغاز على مدى العامين الماضيين، لم تتخلف قطر عن اقتناص عقارات شهيرة.

وفي عام 2017، تعهد جهاز قطر للاستثمار بزيادة استثماراته في بريطانيا إلى 35 مليار جنيه إسترليني (45 مليار دولار) من 30 مليارًا، ومنذ ذلك الحين، أنفق نحو 1.7 مليار جنيه إسترليني على العقارات، و1.1 مليار أخرى على البنية التحتية في البلاد.

وفي الأشهر الماضية، اشترت قطر فنادق بلازا في نيويورك، وجروسفينور هاوس في لندن.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com