لم تسلم الشاحنات المغربية من غضب المزارعين بأوروبا، في ظل تصاعد "الحراك الاحتجاجي" في عدد من العواصم الأوروبية، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي والقيود الأوروبية وكذلك الالتزامات البيئية.
وقلل خبراء مغاربة من انعكاس هذا "الحراك" على الصادرات الزراعية المغربية الموجهة نحو القارة العجوز.
وفي تفاعلها مع هذه التطورات، أكدت وزارة الفلاحة المغربية، أنه إلى حد الساعة "لا تؤثر هذه الاحتجاجات التي يخوضها المزارعون الفرنسيون وغيرهم على التجارة بين المغرب وأوروبا بشكل ملموس، عدا بعض التأخير في وصول السلع إلى وجهتها".
ويشهد عدد من العواصم الأوروبية خلال الفترة الأخيرة تصاعدًا في الاحتجاجات الاجتماعية، يقودها مزارعون غاضبون من حكوماتهم ومن سياسات الاتحاد الأوروبي، فيما تعهدت المفوضية الأوروبية، الخميس الماضي، باتخاذ إجراءات للدفاع عن "المصالح المشروعة" لمزارعي الاتحاد الأوروبي، عبر ضمان تكافؤ الفرص أو تخفيف العبء الإداري، المنصوص عليه في السياسة الزراعية المشتركة التي يتم الاحتجاج عليها.
اضطرابات طفيفة
وقال محمد شنان، مسؤول بشركة مغربية خاصة بالاستيراد والتصدير، إن أزمة المزارعين ببعض الدول الأوروبية أحدثت بعض الاضطرابات الطفيفة في حركة الصادرات المغربية.
وأوضح شنان في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن المزارعين الغاضبين - الذين استعملوا الجرارات لقطع الطرق واعترضوا سبيل بعض الشاحنات منها المغربية – تسببوا في تأخير وصول المنتجات إلى وجهتها المحددة، مثل: هولندا وبلجيكا وبريطانيا وغيرها، مبرزًا أن هذا التأخير مُكلف من الناحية المادية.
ورأى أن هذه الاحتجاجات بالنسبة للمغرب "سيف ذو حدين، فمن جهة تُعرقل الصادرات المغربية ويتأخر وصولها بأيام إلى وجهتها وهذا أمر مكلف، ولكن في الوقت ذاته بحكم توقف المزارعين بهذه الدول الأوروبية عن العمل يزيد الإنتاج المغربي ويزيد الطلب على المنتجات المغربية".
واستطرد المتحدث، أن المنتجات الزراعية المغربية لها مكانتها عند المواطن الأوروبي، وتحظى بإقبال واسع بحكم جودتها، مشيرًا إلى أن السياسة التصديرية المغربية كُللت بفتح أسواق جديدة.
ولفت شنان إلى أنه منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي زادت الصادرات المغربية بكثرة نحو هذا البلد.
تحرك أوروبي لاحتواء الوضع
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ديجون الفرنسية عبدالرحمن مكاوي، إن البلدان التي تشهد احتجاجات في صفوف المزارعين "ستضطر للجنوح إلى حل قريب، كي لا تتأثر مصالحها الاقتصادية والخارجية مع البلدان المُصدّرة".
وأضاف مكاوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن بعض المزارعين الغاضبين في فرنسا تمكنوا قبل أيام من إغلاق الطرق السريعة؛ ما أدى إلى تعطيل نقل البضائع ومنها المغربية، والتي كانت متوجهة إلى هولندا وبريطانيا، مشيرًا إلى أن هذا العمل تمت إدانته من طرف الرأي العام الفرنسي.
وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أنَّ هذا "الحراك" مسألة أوروبية 100%، سيتم حلها في القريب العاجل بين المزارعين والنقابات والتي تضغط بقوة، مشيرًا إلى أن اتساع هذه الاحتجاجات في دول أخرى، سيجعل الصادرات المغربية تواجه تحديًا كبيرًا.
وأكد المتحدث أن المنتجات المغربية تتسم بجودة عالية، وبثمن يناسب القدرة الشرائية للمواطن الأوروبي.
مكانة المنتجات المغربية
من جهته، رأى سعد ناصر، وهو خبير في تدبير الأزمات، أن تعثر توريد المنتجات الزراعية إلى أوروبا لن يسبب تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد المغربي، بالنظر لعدة اعتبارات.
وأوضح ناصر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن السوق الأوروبية وكبار المستوردين في أوروبا "يعدون الخاسر الأكبر في هذه المعادلة الاقتصادية، بينما المغرب في وضع مريح مقارنة مع نظيره الأوروبي بالنظر إلى البدائل المطروحة لديه في السوق، والتي تنتظره على أحر من الجمر من أجل قلب اتجاه السفن نحوها"، مشيرًا إلى أن "هناك، على سبيل المثال، دولًا من آسيا وأفريقيا وأمريكا، تنتظر الضوء الأخضر من أجل توريد المنتجات المغربية".
وزاد المتحدث، أنه في المقابل فإن الدول الأوروبية "ستجد نفسها أمام حرج كبير كلما طال أمد أزمة تعثر توريد المنتجات المغربية الزراعية، بسبب الصعوبة الفائقة في البحث عن بديل للمنتج المغربي، بالنظر إلى جودة المنتجات المغربية من جهة، والأسعار المنخفضة والتفضيلية التي تجدها أمام المصدر المغربي من جهة أخرى".
وشدد الخبير المغربي على أن "الكرة الآن في ملعب الأوروبيين الذين سيبحثون في صراع مع الزمن من أجل إيجاد حلول مع المزارعين".