خطط الغاز الصخري في الجزائر ستستغرق وقتًا وتتطلب إصلاحات صعبة
خطط الغاز الصخري في الجزائر ستستغرق وقتًا وتتطلب إصلاحات صعبةخطط الغاز الصخري في الجزائر ستستغرق وقتًا وتتطلب إصلاحات صعبة

خطط الغاز الصخري في الجزائر ستستغرق وقتًا وتتطلب إصلاحات صعبة

تحتاج الجزائر إلى استغلال مواردها من الغاز الصخري للتعويض عن قفزة في الاستهلاك المحلي للطاقة تؤدي لتقليص صادراتها الحيوية، لكن تطوير القطاع سيستغرق وقتًا ويتطلب إصلاحات واسعة في شركة الطاقة المملوكة للدولة.

والجزائر مورد رئيسي للغاز إلى أوروبا، لكن الصادرات تضررت من تأجيلات لبضعة مشروعات للغاز وزيادة كبيرة في استهلاك الغاز المدعوم محليًا مع نمو عدد السكان.

وتقول شركة "سوناطراك" للطاقة المملوكة للدولة: إنه من المتوقع أن تهبط صادرات الغاز الجزائرية إلى 54 مليار قدم مكعب هذا العام من 57 مليارًا في 2016، وفي العقد المنتهي في 2014، زاد معدل استهلاك الغاز محليًا إلى أكثر من ثلاثة أمثال.

ويقول مسؤولون في الشركة: إنه للتعويض عن انخفاض الصادرات، بدأت مباحثات مع شركتي "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية، والهدف هو استغلال الموارد الصخرية التي تقدر بنحو 22 تريليون متر مكعب، وهي ثالث أكبر موارد من نوعها في العالم.

ولم تؤكد الشركات الأجنبية هذا، على الرغم من أن الرئيس التنفيذي للشركة الإيطالية قال في ديسمبر/ كانون الأول، إن شركته منفتحة على المزيد من التعاون بعد أن قالت سوناطراك إنها ستعمل مع "توتال" في الغاز الصخري.

والمباحثات جزء من تغييرات يسعى إليها الرئيس الجديد لـ"سوناطراك" عبد المؤمن ولد قدور، وهو مهندس تلقى تدريبًا في الولايات المتحدة، تولى المنصب في مارس/ آذار بهدف إصلاح المجموعة التي تضررت من ضعف الكفاءة وتأخيرات وفضائح فساد.

لكن مشروعات الغاز الصخري الجديدة لن تحدث بين عشية وضحاها، مع توفر قدر محدود جدًا من بيانات المسوح الجيولوجية، وتحتاج الجزائر لتغيير التشريعات لتوفر شروطًا أكثر جاذبية للشركات الأجنبية التي تنتقي بعناية استثماراتها، في وقت أسعار الطاقة فيه منخفضة، حسبما تقول مصادر في القطاع.

والشركات الغربية الرئيسية قلقة بشأن إمدادات الغاز مع انخفاض صادرات الجزائر، وهي أيضًا حريصة على كسر العلاقة بين ما تدفعه مقابل الغاز الجزائري وبين أسعار النفط، التي قد تنتج عنها خسائر إذا كانت أسعار الخام مرتفعة.

لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه ولد قدور سيكون إحداث نقلة شاملة في سوناطراك، وهي مهمة ليست سهلة في بلد يمكن لشخصيات بارزة تخشى النفوذ الأجنبي أن تقاوم الإصلاحات.

وقال جيف بورتر، رئيس نورث أفريكا لاستشارات المخاطر وخبير الطاقة الجزائري: إن "الجزائر كان يجب عليها أن تدشن الاستكشافات الصخرية قبل سنوات، لكنها كانت تفتقر إلى قيادة منسجمة ومتسقة".

وأضاف: "ما يحاول ولد قدور أن يفعله ينطوي على مخاطرة، لكنه ضروري، هو يريد أن يوقظ سوناطراك من سباتها، لكن التغييرات قد تتسبب في بعض الألم، هي ستعني خسارة بعض الشخصيات المؤثرة في سوناطراك لمكانتهم، وستعني أيضًا ساعات عمل أطول لبعض موظفي سوناطراك".

وتحتاج الجزائر أيضًا للاستثمار في مشروعات نفطية؛ للحفاظ على إنتاجها من الخام عند مليون برميل يوميًا، وأصبح الضخ أكثر صعوبة مع استغلال الخزانات السطحية في بعض الحقول بالفعل.

ضغوط

وظلت الجزائر تنأى بنفسها عن التغيير في صناعتها للطاقة حتى بدأ مشترو الغاز الأوروبيون التساؤل عما إذا كانوا سيجددون العقود، مع خشيتهم من أن "سوناطراك" قد تجد صعوبة في الوفاء بالتزاماتها.

ومن المتوقع أن يواصل الطلب المحلي على الغاز الارتفاع مع النمو السكاني في الجزائر، وفقًا لما تقوله مصادر في القطاع.

وتحتل الجزائر، التي تبيع بشكل أساسي إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بين موردي الغاز للاتحاد الأوروبي بعد روسيا والنرويج.

وأي انخفاض في الإمدادات قد يزيد اعتماد أوروبا على روسيا التي تستخدم الغاز لدعم أهداف سياستها الخارجية.

وتشكل صادرات الجزائر من النفط والغاز 56 % من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها انخفضت بأكثر من النصف منذ 2014، وإبقاء أسعار الغاز المحلية رخيصة شيء مهم للحكومة التي تريد الحفاظ على نموذجها للرعاية الاجتماعية للحيلولة دون حدوث سخط شعبي.

وقال مصدر بأحد المشترين الرئيسيين للغاز الجزائري في إسبانيا: "الجزائر في حاجة إلى إيرادات التصدير لدعم موازنة الدولة، لكن غياب الاستثمارات واتجاهات الإنتاج النزولية أمور مقلقة للغاية".

وقال مصدر في شركة فرنسية مستوردة للغاز الجزائري: إن تراجع الإنتاج يهدد قدرتها على الحفاظ على التدفقات. وأضاف: "نراقب هذا عن كثب منذ فترة".

وتباطأ إنتاج الجزائر من النفط والغاز بسبب تأخيرات في مشروعات ونقص الاستثمارات الأجنبية، وكان من المقرر أن يبدأ تشغيل مشروعي توات وتيميمون للغاز في 2016، لكنهما لن يشرعا في الإنتاج حتى 2018، حسبما قال ولد قدور.

 وحقل رقان للغاز هو الوحيد الذي بدأ الإنتاج في السنوات الثلاث الماضية.

وتقول مصادر في "سوناطراك" إنه مع خطط لافتتاح مشاريع جديدة بحلول 2020 فإن الجزائر ستحافظ فقط على إنتاج الغاز عند المستوى الحالي البالغ 94 مليار متر مكعب سنويًا، ما لم تتمكن من اتخاذ خطوات واسعة في استغلال الموارد الصخرية.

وتضيف المصادر أنه في علامة على أن "سوناطراك"  ترى حاجة للتغيير، فإنها مستعدة لأن تعرض في المستقبل عقودًا قصيرة الأجل أكثر مرونة بدلًا من اتفاقات طويلة الأجل.

تغييرات

وأدلى ولد قدور بتصريحات صارمة، محذرًا من أن سوناطراك ربما تفشل في تلبية بعض التزاماتها تجاه الزبائن، ووصف تأخيرات الإنتاج بأنها غير مقبولة، وهي عبارات غير معتادة في بلد نادرًا ما يعبّر المسؤولون فيه علانية عن انتقادات.

وقد تدفع هذه التعليقات بعض العاملين في "سوناطراك" إلى العمل بجدية أكبر، لكنها لن تترجم سريعًا إلى 30 مليار متر مكعب إضافية سنويًا، تأمل الشركة باستخراجها من الموارد الصخرية.

وبادىء ذي بدء، فإن المعلومات المتاحة بشأن المسح الجيولوجي لاحتياطيات الغاز محدودة جدًا.

ثم إن هناك التحدي المتمثل في إقناع شركات النفط الكبرى بالاستثمار عندما تكون أسعار النفط والغاز منخفضة، وهو يجبر تلك الشركات على أن تنتقي المناطق الأكثر ربحية فقط.

وقال ولد قدور: إن الجزائر سيكون لديها قانون جديد بشروط أفضل في 2018، لكن لم تظهر أي مسودة على الرغم من سنوات من العمل، وهذه مسألة ملحة لأن ربع الجولات الثلاث السابقة لامتيازات الغاز فقط اجتذبت عروضًا.

ويقول مهندسون في "سوناطراك": إن حقل أهنت قد يكون الأول الذي يجري تطويره لموارد الغاز الصخري، لكنهم يتوقعون أن تواجه الجزائر صعوبات بسبب افتقارها للخبرة.

وقال أحد المهندسين : "إن التكنولوجيا المستخدمة لإنتاج الغاز الصخري تعمل بكفاءة فقط في الولايات المتحدة، بينما هم يحتاجون سبعة أيام لكي تبدأ بئر الإنتاج، فإننا سنحتاج إلى 70 يومًا كحد أدنى".

وقال بورتر أيضًا: إن الجزائر "تحتاج إلى استرضاء المجتمعات المحلية في جنوب البلاد التي نظمت اعتصامات في 2014؛ لمنع استكشاف الموارد الصخرية خشية أن تصبح إمداداتها من المياه الجوفية ملوثة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com