لا دولارات.. القيود البنكية تخنق اللبنانيين‎
لا دولارات.. القيود البنكية تخنق اللبنانيين‎لا دولارات.. القيود البنكية تخنق اللبنانيين‎

لا دولارات.. القيود البنكية تخنق اللبنانيين‎

خارج بنك في بيروت، يقف عشرات الأشخاص في طوابير كل صباح قبل فتح الأبواب بوقت طويل، على أمل سحب أي مبلغ من المال مهما كان زهيدًا تسمح به القيود هذا الأسبوع.

يعلن موظف أن 15 شخصًا فقط هم من يمكنهم الحصول على مبلغ 100 دولار، وعلى جميع الباقين المغادرة، وفي صباح يوم آخر، يعلن الموظف أن الفرع ليس فيه دولارات اليوم.

وقالت بولين صوما (28 سنة)، غير قادرة على منع نفسها من الضحك بعد أن حاولت سحب مبلغ زهيد من أموالها:"البنك إللي حد بيتي  ما في مصاري، ما في لبناني ولا دولار، كيف يعني بنك ما في مصاري؟!"

وأضافت أنها تنتظر منذ الصباح الباكر موضحة:"هون صرت آجي 7:10 تخيلي 7:10 لا قاعدة بدك تنطري ليسحبوكِ 200 أو ما بسحبوكِ".

وتسببت الأزمة المالية في لبنان بنقص الدولار، وارتفاع الأسعار، ونقص الوظائف، وإذكاء الاضطرابات.

وتعرضت البنوك التي تعاني من نقص السيولة لانتقادات بسبب فرض قيود بعد سنوات من تحويل الودائع إلى دولة غارقة في الديون.

وتختلف القيود، التي فُرضت قبل نحو 4 أشهر دون تشريع، من بنك لآخر، مع إعطاء بعض السلطة التقديرية للفروع. وقيدت البنوك حدود السحب لما يصل إلى 100 دولار أسبوعيًا، وأوقفت التحويلات إلى الخارج، وخفضت الإنفاق المسموح به بطريق البطاقات عبر الإنترنت أو بالخارج.

وقال ما لا يقل عن 10 من المودعين لـ"رويترز" إن القيود تزداد صرامة كل بضعة أسابيع، وغالبًا ما لا تطبق على الجميع بنفس الطريقة. وقال البعض إن فروعهم لا يوجد بها على الدوام المال الكافي حتى في ظل القيود الصارمة.

وقال آخرون إن المصرفيين هددوا بإغلاق حسابات العملاء الذين حاولوا تقديم شكوى، ويقول موظفو البنوك إنهم أيضًا يواجهون ضغوطًا متزايدة من المودعين المستائين.

نفاد الصبر

لم يتسن الاتصال بجمعية مصارف لبنان للتعليق. وقال رئيس مجلس إدارتها إن القواعد تهدف إلى الحفاظ على ثروة لبنان داخل البلد، وإن البنوك تكبدت خسائر كبيرة لتأمين العملة الصعبة.

ومع نفاد الصبر، تعهدت الحكومة بصياغة قانون بالضوابط، ويوم الثلاثاء، التقى النائب العام مع مصرفيين للاتفاق على مجموعة من القواعد.

وفي اثنين من أكبر البنوك في لبنان، قال ما لا يقل عن 12 عميلًا إنهم لم يعد بإمكانهم سحب الدولارات التي دخلت حساباتهم اعتبارًا من يناير/ كانون الثاني. ويضطرون إلى أخذ أموالهم بالليرة اللبنانية بالسعر الرسمي، مما يقضي على أكثر من 40 في المئة من قيمتها السوقية.

وقالت صوما، التي تعمل في صالون تجميل وجرى تخفيض أجرها فيه:"يعتقدون أنه لا مشكلة في إذلال الناس ولا يحق لنا الشكوى كما لو كنا قمامة".

وأمضى عبد الحسن الحسيني، وهو أستاذ جامعي في الستينات من عمره، 20 عاما في الادخار من أجل أبنائه. وأصبح ابنه المهندس المعماري بحاجة إلى الأموال للانتقال إلى الخارج مثل كثير من الشباب اللبنانيين، لكن البنك لن يعطيه دولارات، ولا حتى في شكل شيكات. وقال إن البنك عرض عليه بدلًا من ذلك شيكًا بالليرة اللبنانية.

وأضاف وهو يخرج من الفرع:"هيدا ذل، ليس من حقك مصرياتي، أنا مشتغل فيها وتعبان فيها".

ومضى قائلًا": البنوك سرقت العالم، الناس حطوا مصرياتهم في البنوك مثل كل العالم بتحط مصرياتها في البنوك مش في البيت، والبنوك أخذت فوائد عالية على ظهورنا، وحطتها بمصرف لبنان، ومصرف لبنان دينها للدولة، والدولة سرقتها".

وتعهد رئيس الوزراء حسن دياب، مطلع الأسبوع، بحماية الودائع وذلك في خطابه الذي أعلن فيه أن لبنان لا يستطيع سداد ديونه. إلا أن مثل هذه التطمينات خلال الأشهر الأخيرة لم تمنع اللبنانيين بدرجة تذكر من إبقاء أموالهم في البيوت.

وبعد الحرب الأهلية التي استمرت من 1975 حتى 1990 والانتقال إلى الخارج مع زوجها، عادت "هيام الشامي" لقضاء عقد الستينيات من عمرها في لبنان.

لكن مدخراتهما صارت حبيسة البنك بسبب الأزمة وقد هاجر أبناؤهما إلى الخارج.

وقالت:"أعاننا الله على تلك القواعد، وأتمنى ألا يبقى أي منها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com