الهند قد تصبح هذا العام أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان
الهند قد تصبح هذا العام أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكانرويترز

كيف سيتفوق اقتصاد الهند على الاقتصاد الأمريكي؟

بالتزامن مع الصعود الآسيوي، يدور الحديث حاليًا عن استعداد الاقتصاد العالمي للعودة إلى طبيعته القديمة، عندما كانت الهند أكبر اقتصاد في العالم منذ أكثر من ألف عام، قبل أن تتجاوزها الصين بحلول عام 1820.

هذه تقديرات المؤرخ الاقتصادي اللامع أنغوس ماديسون، وفق ما نقلت عنه صحيفة "التايمز" البريطانية.

ويؤكد ماديسون أن "الصين والهند بقيتا أكبر اقتصادين في العالم حتى عام 1870، عندما كان التأثيران المزدوجان للثورة الصناعية في الغرب والاستعمار الأوروبي محسوسين بشكل كامل".

وأضاف: "ثم برزت بريطانيا باعتبارها القوة الاقتصادية الأولى في العالم، ثم انتقل هذا اللقب الاقتصادي إلى الولايات المتحدة بحلول عام 1900". 

وتابع: "لا يمكن المبالغة في احتمالات مثل هذه النتيجة؛ نظرًا لأن اقتصادها بالفعل يشكل 70% من الولايات المتحدة ونموها بأكثر من ضعف معدل الأخيرة، تستعد الصين لأن تصبح أكبر اقتصاد في العالم بين عامي 2035 و2040". 

لكن السؤال المهم بحسبه هو، هل يستطيع الاقتصاد الهندي التفوق على نظيره الأمريكي؟

حافظت الهند خلال الـ 15 عامًا التي سبقت كورونا على معدل نمو ناتج محلي إجمالي حقيقي بنسبة 8% مقارنة بأقل من 2% بالنسبة للولايات المتحدة، وإذا تمكنت الهند من الحفاظ على هذا الوضع خلال العقدين المقبلين، بينما تحافظ الولايات المتحدة على معدل نموها البالغ 2% - وهما سيناريوهان محتملان، فسيتفوق الاقتصاد الهندي على نظيره الأمريكي بحلول عام 2073.

عوامل لصالح الهند

يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد أقل من 20% من الصين و5% من الولايات المتحدة، توفر هذه الفجوة الهائلة في الإنتاجية للفرد فرصًا كبيرة للهند للحاق بالركب، يمكنها تحقيق زيادات كبيرة في الإنتاجية فقط من خلال نشر التقنيات المتفوقة الموجودة.

وكذلك تتمتع الهند بالمزايا المزدوجة المتمثلة في عدد كبير من الشباب وكثرة السكان، ولاسيما من الشباب الذين يمثلون القوة العاملة الأكبر نسبيًا.

وبالتالي، إنتاج أعلى للفرد، وكذلك يميل الشباب إلى الادخار من أجل الشيخوخة بينما ينفق كبار السن أكثر مما يدخرون، فالمدخرات الأعلى تعني استثمارا أعلى، والذي بدوره يسهل بشكل غير مباشر تبني التكنولوجيا الفائقة. 

أخيرًا يجلب السكان الأصغر سنًا طاقة وحيوية أكبر للأمة؛ ما يؤدي إلى مزيد من الابتكار.

ولكن للاستفادة الكاملة من سكانها الشباب، يجب على الهند أن تفعل المزيد لرفع معدل مشاركتها في العمل، لا سيما بين النساء.

أخبار ذات صلة
في قمة شانغريلا.. دعوات للتعاون من أجل الاستقرار بالمحيطين الهندي والهادي

فأقل من ربع النساء 15 سنة وما فوق يشاركن في القوى العاملة، مقارنة بثلاثة أخماس في الصين والولايات المتحدة، والتعليم الأفضل على جميع المستويات سيلعب دورًا أساسيًا في هذا المسعى.

بالنسبة لحجم السكان، يحتمل أن تكون الهند قد تجاوزت الصين هذا العام لتصبح أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وسوف تتسع الفجوة فقط في المستقبل القريب، وهذا يعطي فوائد إضافية من خلال وفورات الحجم في توفير المنافع العامة. 

وعلى سبيل المثال بمجرد إنشاء طريق سريع، كلما زاد عدد السكان في المجتمعات التي تعيش حوله، انخفضت تكلفة نصيب الفرد من ربطهم به.

ووفق التقرير، ينطبق الشيء نفسه على خطوط السكك الحديدية والربط الجوي والكهرباء والمياه بالأنابيب، فبمجرد جلب هذه المرافق إلى قرية واحدة، تكون التكلفة الإضافية لتوسيعها إلى القرى المجاورة الأخرى صغيرة.

وكذلك يجلب الحجم فوائد عندما يتعلق الأمر بإنشاء سلاسل التوريد؛ ما يعني عدد السكان الأكبر مجالًا أكبر للتكتل وفعالية التكلفة.

حاليا مع تضاعف مخاطر الاستثمار والعمل في الصين، تتحول الشركات متعددة الجنسيات إلى ما يسمى باستراتيجية "الصين + 1"، وتبحث عن موقع إضافي أقل خطورة ولكنه فعال من حيث التكلفة لاستثماراتها. 

وتتمتع الهند بميزة واضحة في أن تصبح دولة "+1" لأنها تشكل أكبر سوق منفرد بين المنافسين المحتملين.

أخبار ذات صلة
بوتين: نتوقع انضمام الاتحاد الأفريقي لمجموعة العشرين خلال قمة الهند

وبحسب "التايمز"، يمكن للمكونات المنتجة في مواقع مختلفة أن تتحرك بحرية دون الحاجة إلى مواجهة حدود جمركية. كما أن سوق العمل الداخلي الكبير يوفر آفاقًا أفضل للتوافق الوثيق بين المهارات المطلوبة وتلك المتاحة.

فيما تحتاج الهند إلى الحد من الحماية التجارية التي لا تزال مرتفعة نسبيًا، وكذلك المحافظة على معدلات نمو لا تقل عن 8%، كما يتعين على الهند القيام به لتجاوز الاقتصاد الأمريكي، دون احتضان العولمة.

ويتوجب على الدولة أن تتراجع عن رسوم التعرفة الجمركية، وتبرم المزيد من اتفاقيات التجارة الحرة مع الاقتصادات الكبرى والتكتلات التجارية، وتقليص استخدام مكافحة الإغراق.

وقال التقرير: "يتوجب على الدولة أن تقوم بسرعة بخصخصة عدد من مؤسسات القطاع العام، ولاسيما البنوك، التي لها تاريخ طويل من العوائد المنخفضة أو السلبية، وأن يكون الإصلاح الضريبي على رأس جدول أعمال الحكومة".

لذلك تحتاج الهند، إلى التركيز على روح إصلاحاتها الاقتصادية عام 1991، والتي تركزت حول التحرير والخصخصة والعولمة، والتي قطعت مسافة معينة نحو تسريع النمو، للعودة إلى كونها واحدة من أكبر اقتصادين في العالم خلال الخمسين عامًا المقبلة، يجب عليها تعميق وتوسيع الإصلاحات التي بدأتها قبل ثلاثة عقود.

المصدر: صحيفة التايمز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com