ما مصير العمال حين تتحول صناعة السيارات بالكامل إلى الكهرباء؟
مع تطور صناعة السيارات، يتعين على الشركات المصنعة، الاستثمار في توظيف المواهب الماهرة، التي تحتاجها؛ إذ يجب أن يصبح تطوير المواهب والاحتفاظ بها أولوية.
ويعتبر هذا الأمر مهمًا بشكل خاص لشركات صناعة السيارات الكهربائية، التي تحتاج إلى إجراء عملية إعادة هيكلة كبيرة، أثناء قيامها بتحويل معاملها لإنتاج المركبات الكهربائية.
ماذا سيحل بالعمال؟
تحتوي السيارات الكهربائية على أجزاء أقل بكثير من سيارات الوقود، فلا توجد مبردات، أو أنابيب عادمة، أو خزانات وقود، أو أحزمة مراوح، أو علب تروس معقدة.
ونتيجة لذلك، افترض العديد من عمال صناعة السيارات والمديرين التنفيذيين والساسة، بأن مثل هذه السيارات سوف تتطلب عددًا أقل من العمال لتصنيعها؛ ما سيؤدي إلى بطالة جماعية في مدن وبلدات المصانع في جميع أنحاء العالم.
وأشار العديد من التقارير، إلى أن التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية لن يؤدي في حد ذاته إلى البؤس الاقتصادي، لكن هذه التكنولوجيا ستعمل على زعزعة الصناعة بطرق قد تكون مؤلمة للغاية بالنسبة لعمال المصانع.
قلق العمال
ويعد محرك السيارة التقليدي أحد عجائب الهندسة المعقدة؛ إذ تتحرك المكابس لأعلى ولأسفل، وزنبركات تضغط وتفك الضغط، وأعمدة دوران، وصمامات فتح وإغلاق، وتروس تدوير تتشابك معًا، ناهيك عن ناقل الحركة الذي يربط المحرك بالعجلات، فهي آلة معقدة بحد ذاتها.
من ناحية أخرى، فإن المحرك الكهربائي هو بعض مغناطيسات ملفوفة بأسلاك، ويحتاج فقط إلى ناقل حركة بسرعة واحدة.
هذه البساطة تثير قلق عمال صناعة السيارات حول العالم؛ إذ تشير التقديرات إلى أنه مع وجود أجزاء أقل تحت غطاء المحرك، تتطلب السيارات الكهربائية عمالة أقل بنسبة 30-40% من سيارات الوقود، علمًا أنه في المركبات الكهربائية، هناك جزء على وجه الخصوص يتطلب قدرًا كبيرًا من العمالة، ألا وهو حزمة البطارية.
وتتطلب خلايا البطارية أكثر من نصف ساعات العمل المستخدمة في صنع مجموعة نقل الحركة للسيارة الكهربائية.
وبذلك، تستخدم عملية تصنيع خلايا البطارية حوالي 8% من إجمالي العمالة لإنتاج سيارة بأكملها، رغم أن عملية تصنيع خلايا البطاريات آلية في الغالب، لكنها لا تزال تترك الكثير من العمل للناس.
الحد من التأثير
ومع انخفاض الحاجة للعمال في مصانع السيارات الكهربائية، زاد الطلب على عمال تصنيع المكونات الإلكترونية؛ الأمر الذي عوض إلى حد كبير فقدان الوظائف في خطوط الإنتاج التي تصنع قطع غيار سيارات الوقود، وكذلك في مصانع التجميع.
وللحد من تأثر العمال، قامت الشركات بتنسيق الجهود لإعداد العمال لمتطلبات العمل الجديدة؛ ما أدى إلى تخفيف التأثير عن طريق توسيع معاهد التدريب الخاصة بها، لتعليم الموظفين حول تكنولوجيا السيارات الكهربائية.
ولإثارة الحماسة، سمحت بعض الشركات للعمال باستعارة سيارات تعمل بالبطاريات لبضعة أيام، كما قام بعض الموردين بتطوير مكونات جديدة للسيارات الكهربائية لتحل محل المنتجات المعرضة لخطر التلف مع مرور الوقت.
لكن للأسف ليس هذا هو الحال دائمًا، فقد عانى عدد من الموردين بسبب تخلي السيارات الكهربائية عن بعض القطع، وقاموا بإغلاق مصانعهم.
أما الموردون الذين يصنعون المقاعد ولوحات العدادات ومعدات الطلاء، وغيرها من المنتجات التي تحتاجها السيارات الكهربائية بقدر ما تحتاج إليه سيارات الوقود، فلم يتأثروا.
وتعتبر تأثيرات سياسات التحول الحكومية للمركبات الكهربائية على ملايين الوظائف عبر مجموعة واسعة من الصناعات، أحد التحديات الاجتماعية الأكثر إرباكًا التي تواجه هذا التحول.
وبينما ستختفي بعض الوظائف ستظهر أخرى مكانها؛ إذ إنه على الصعيد العام، لن يؤثر الانتقال إلى صناعة السيارات الكهربائية على عدد العمال، بقدر ما سيؤثر على الخبرة والمهارة التي يتمتعون بها، فعامل ذو خبرة 30 عامًا في صناعة السيارات التقليدية سيجد خبرته غير مجدية تقريبًا إذا عمل في مصنع سيارات كهربائية، دون الخضوع لدورات تدريبية خاصة، تسمح له بالتعامل مع متطلبات العمل الجديدة.
