موظف يعد الجنيهات المصرية في مكتب صرافة وسط القاهرة
موظف يعد الجنيهات المصرية في مكتب صرافة وسط القاهرةرويترز

لماذا قفز سعر الدولار بالسوق السوداء في مصر؟

يواصل سعر الدولار في السوق السوداء في مصر صعوده إلى مستويات غير مسبوقة، حتى وصل إلى 60 جنيها، مقارنة بالسعر الرسمي الذي تعتمده البنوك بـ 31 جنيها مصرياً، وهي أسباب يعزوها خبراء إلى الحرب في قطاع غزة والاضطرابات الاقتصادية في العالم.

وتأتي هذه التطورات في ظل الحديث عن اجتماع مرتقب للحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، واقترابها من اتخاذ قرار جديد بتعويم الجنيه.

أزمات عالمية

يرى الخبير الاقتصادي حاتم سامي، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "السوق المصري تأثر بحالة التضخم في العالم، ورفع البنك الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة، وتقوية وضع الدولار، وبالتالي خروج المستثمرين إلى السوق الأمريكية باعتبارها أكثر أمانا بالنسبة لأموالهم".

ومن الأسباب الأخرى لانخفاض سعر الجنيه مقابل الدولار، بحسب سامي، التراجع النسبي في تحويلات المصريين بالخارج، فضلا عن خروج أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات الماضية، وقد ترتبت على فقدان هذا الرقم الكبير تداعيات سلبية على سوق العملة.

وأرجع الخبير الاقتصادي سبب انخفاض تحويلات المصريين في الخارج إلى زيادة الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية، وبالتالي ربما يكون تخفيض العملة المحلية خياراً متاحا، في حال عدم القضاء على السوق السوداء.

أخبار ذات صلة
الجنيه المصري يلتقط أنفاسه في السوق الموازي بعد تحرر الدولار من قبضة المضاربين

بدائل لاحتواء الأزمة

على جانب آخر، تستبعد الخبيرة الاقتصادية الدكتورة حنان رمسيس تخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار، في ظل الجهود التي تبذلها الدولة لاحتواء الأزمة الاقتصادية، موضحة أن هناك عوامل تمنع هذه الخطوة، من وجهة نظرها، أبرزها وجود مضاربات قوية يستحيل معها تحديد مستوى معين للارتفاع.

ولفتت إلى أن الدولة اتخذت عدة إجراءات لتعزيز الوضع الاقتصادي، منها الانضمام لمجموعة "بريكس"، والتبادل التجاري الذي تحقق مع الدول الأعضاء بالعملات المحلية، ودعم قطاع الصناعة، بالإضافة إلى القيود على سحب الدولار عبر البطاقات المصرفية.

وأشارت رمسيس إلى أن تنشيط قطاع السياحة خطوة مهمة جداً تعبر عن مدى أهمية هذا القطاع كمصدر للدخل الأجنبي.

ولفتت أيضاً إلى أن "هناك أكثر من دولار في الأسواق، فدولار الذهب يتحكم به التجار، ودولار العقارات يقع تحت سيطرة العقاريين"، ودعت إلى ضرورة العمل على زيادة الإنتاج والتحول من الاعتماد على الاستيراد إلى التصدير، وتوسيع دائرة الدخول في تكتلات مع دول أخرى، ما من شأنه تحقيق التبادل التجاري بالعملات المحلية.

الاتجاه نحو التصدير

وتؤيد الدكتورة إلهام عبد العزيز خضير وجود بدائل لتخفيض العملة، من خلال تعزيز الإنتاج، وزيادة القدرة على التخزين على غرار صوامع القمح، بالإضافة إلى استكشاف الموارد المحلية، مشيرة في هذا الإطار إلى الجهود في مجال الغاز الطبيعي والاكتشافات الجديدة، وهو ما قلل فاتورة استيراد الطاقة.

وأضافت أن المجال الصناعي أيضًا يشهد طفرات نوعية عبر تعزيز موارد بديلة، على غرار الطاقة النووية، والاعتماد عليها، بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر.

تحفيز المستثمرين

وتشير إلى أن "هناك خطوات مهمة ينبغي أن تركز عليها الدولة المصرية في اللحظة الراهنة، منها الرقابة على الأسواق، في ظل إقدام التجار على رفع الأسعار، بالإضافة إلى العمل على توفير إيرادات دولارية، عبر تشجيع المصريين في الخارج إلى التحويل مجددا".

وترى خضير أن تشجيع المستثمرين على العمل في مصر يساهم في تعزيز الأوضاع الاقتصادية، عبر تخفيف الإجراءات التي تسهل عملهم، بالإضافة إلى تقديم مزايا تنافسية من شأنها تعزيز مكانة السوق المصرية كمكان جاذب للاستثمار.

أخبار ذات صلة
شاهد بالفيديو.. ما تداعيات حرب غزة على الاقتصاد المصري؟

تحدٍ كبير

أما عن تأثير الفارق الكبير بين سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار في البنوك وفي السوق الموازية، يؤكد الباحث الاقتصادي عمرو عبد الهادي أن هذا الفارق تحدٍ كبير.

ويشير عبد الهادي إلى أن الدولة المصرية قامت فعلا بالعديد من الخطوات للجم السوق الموازية، أهمها شن حملات على تجار العملة، والقبض على أعداد كبيرة منهم، بالإضافة إلى السيطرة على البطاقات المصرفية التي كانت تستغل للاتّجار بالعملة.

ونوه عبد الهادي إلى أن أزمة فروقات سعر الصرف لها تأثيرات كبيرة ومباشرة على أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد التجار على أسعار السوق الموازية، وليس السعر الرسمي.

وشدد على أنه في "حالة اتخاذ قرار بخفض قيمة الجنيه، فلا بد أن تتزامن معه خطوات أخرى مرتبطة بضبط السوق وتوفير الدولار، حتى تكون للخطوة جدوى، وإلا ستعود الأمور إلى الدائرة نفسها مجددا".

وكانت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية غيّرت نظرتها المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية"، مؤخراً، مشيرة إلى المخاطر المتزايدة المتمثلة في استمرار ضعف الوضع الائتماني للبلاد، وسط صعوبة إعادة التوازن للاقتصاد الكلي وسعر الصرف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com