"وداعًا طبريا"... وثائقي يروي رحلة المنفى واللجوء القاسية

يشدّ الفيلم الوثائقي "وداعًا طبريا" الأنظار خلال مشاركته في مهرجان للسينما النسائية في فرنسا، وسط سياق متوتّر مع استمرار الحرب في غزة، ويروي الفيلم قصة المنفى الاختياري لبطلته ويستبطن رحلة اللجوء الفلسطينية القاسية بعد نكبة 1948.

الفيلم الذي رشحته وزارة الثقافة الفلسطينية قبل شهرين لجوائز "الأوسكار" هو من إنتاج فلسطيني قطري فرنسي بلجيكي، وتدور أحداثه حول شخصية الفنانة هيام عباس، وهي والدة مخرجة الفيلم لينا سوالم.

وتغادر بطلة الفيلم في أوائل العشرينيات من عمرها، قريتها الفلسطينية لتحقق حلمها بأن تصبح ممثلة في أوروبا، تاركة وراءها والدتها وجدتها وأشقاءها السبعة، لتعود بعد 30 عامًا بصحبة ابنتها المخرجة لينا سوالم إلى القرية.

وفي هذا الفيلم تتولى المخرجة مساءلة خيارات والدتها للمرة الأولى، واختيارها للمنفى والطريقة التي أثرّ بها هذا الغياب والرحيل على النساء في محيطهما الاجتماعي.

ورفضت بطلة الفيلم هيام عباس خلال جولاتها في المهرجانات العالمية، أن تذكر الوضع في فلسطين، واكتفت بالقول: "من الصعب جدًا تقديم هذا الفيلم في السياق الحالي، لا داعي لقول المزيد" وكان هذا آخر ما صرحت به في مرسيليا التي احتضنت مهرجان "أفلام نساء البحر الأبيض المتوسط".

وبعد عرض الفيلم ظهرت المخرجة لينا سوالم ووالدتها، بطلة الفيلم التي قالت باقتضاب متوجهة للجمهور: "نحن لسنا في حداد فقط، لقد تم سحقنا أخلاقيًا وجسديًا وثقافيًا.. أنا أعاني من صدمة الحرب."

ومن خلال قصة منفى البطلة تستحضر لينا سوالم "النكبة" الفلسطينية عبر قصة الأجيال الأربعة من النساء الفلسطينيات من منطقة بحيرة طبريا، اللاتي أُجبرن على مواجهة عنف التاريخ، وطردن من منازلهن بسبب النزوح الجماعي، العام 1948، ثم حرمانهنّ من حرية عبور الحدود من قبل إسرائيل.

وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عُرض فيلم "وداعًا طبريا" في مهرجان معهد الفيلم البريطاني في لندن، بعد ساعات فقط من هجمات حماس، ويومها قالت المخرجة لينا سوالم: "لقد شعرت بالصدمة والخوف الشديدين من الاستقبال الذي ينتظرنا، لكن الناس لم يشيروا إلى ما كان يحدث"، وفق ما نقلته صحيفة "لوموند" الفرنسية.

يُذكر أنّ لينا سوالم ممثلة ومخرجة فرنسية جزائرية فلسطينية، مولودة في باريس، ودرست التاريخ والعلوم السياسية في جامعة السوربون، قبل أن تعمل مبرمجة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس.

وكان فيلمها الوثائقي الطويل الأول "جزائرهم" قد حصل على جائزة الفيلم الأول في مهرجان مونبلييه الدولي للسينما المتوسطية، وجائزة أفضل فيلم وثائقي عربي في مهرجان الجونة السينمائي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان سينيمانيا السينمائي، من بين عشرات الجوائز الأخرى.

ومثلت لينا سوالم في 3 أفلام طويلة من إخراج حفظية حرزي، وريحانة، ووالدتها هيام عباس، وتعمل حاليًا مؤلفة للأفلام الروائية والوثائقية والمسلسلات التلفزيونية.