زهران القاسمي: رواية "تغريبة القافر" مستقاة من التراث الشعبي والبيئة العُمانية
يبرز الشاعر والروائي العُماني زهران القاسمي خصوصية وجمالية البيئة والطبيعة العمانية في رواياته، ما جعلها جاذبة وذات فرادة، خاصة في روايته الأخيرة "تغريبة القافر" التي نالت شهرة واستحسان النقاد والقرّاء على حد سواء.
وأشار القاسمي، في حواره مع"إرم نيوز،" إلى مدى استفادته من المخزون التراثي الشعبي والطبيعة القروية الجبلية بتفاصيلها التي طوعها في الرواية.
وزهران القاسمي شاعر وروائي عُماني، من أبرز إصداراته رواية" القنّاص" الحاصلة على جائزة الإبداع الثقافي من الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء عام 2015، ورواية" تغريبة القافر" التي وصلت للقائمة الطويلة المرشحة للحصول على الجائزة العالمية للرواية العربية 2023، وكتاب "سيرة الحجر"، وغيرها.

روايتك "تغريبة القافر" وصلت للقائمة الطويلة المرشحة للحصول على الجائزة العالمية للرواية العربية 2023 "البوكر العربي".. هل انتصارك للمكان والطبيعة العمانية سبب نجاح هذه الرواية؟
أعتقد أن هناك الكثير من المعايير التي تقيس بها لجنة التحكيم اختيار رواية ما عن غيرها، ولكنني بذلت جهدي في العمل كما بذلته في الأعمال التي سبقته، ولأنني حريص بجعل الطبيعة والمكان جزءا لا يتجزأ من العمل، ولهذا يجد المتلقي فيه فرادة، لأن المكان والطبيعة العُمانية ليست شائعة وغير مطروقة في السرد، هذا ما يجعل الاقتراب منها يبدو جاذبا.
هناك الكثير من الخصوصية التي يختص بها مجتمع عن آخر، كالملابس والعادات والتقاليد، طبيعة الحياة في المكان وغير ذلك، هذه كلها تخدم الكاتب في وصف بيئة العمل، وأنا استفدت كثيرا من الطبيعة القروية الجبلية التي عشت فيها والتي يجدها القارئ متغلغلة في صميم أعمالي ومنها "تغريبة القافر"، منها البساتين والوديان والأفلاج والحرف التي يمتهنها الناس في هذه القرى.
نقلت في الرواية معاناة أهل القرى في عُمان في فترة قبل الحداثة.. لماذا اخترت هذه الفترة الزمنية لسرد قصتك أم كان الزمن مجرد إسقاط؟
الخلفية الزمنية والمكانية لها تبعاتها طبعا؛ كان الموضوع عن تتبع أثر الماء وعن شق قنواته التي تسقي البساتين، لذلك كان الاشتغال على فترة زمنية أقدم، لكن الرواية تحمل مدلولاتها وإسقاطاتها ورسائلها، العمل يحمل في طياته الكثير من الدلالات القابلة للدرس.

شخصية" قافر" بطل الرواية شخصية غريبة تكتشف الماء بمعرفتها الروحية.. كيف مزجت الخيال مع الواقع في بناء الرواية؟
تاريخنا الممتد إلى آلاف السنين يحمل في طياته الكثير من الأساطير التي مازالت في وجدان هذه الشعوب بطريقة أو بأخرى، نصنع أبطالنا التاريخيين ونحولهم إلى أساطير، أو قد تكون الأسطورة في المكان كما هي في الشخوص، القافر كما هو حال مقتفي الأثر يتتبع أثر الماء بمعرفته وحذقه، لكنه هنا يسمع الماء في أعماق الأرض، وبالتالي يستطيع أن يدرك في أي جهة هو وكم عمقه.
استفدت بالطبع من المخزون التراثي الشعبي وطوعته في الرواية.

لماذا التركيز في كتاباتك على نقل هموم سكان القرى تحديدا؟
المكان الذي أعيش فيه غني جدا بالحكايات التي تصلح لإعادة كتابتها، وأعتقد أنني لم استنفد الكثير منها وتحتاج إلى الكثير من الاشتغال، هذا فادني في أعمالي، هذه بيئة الكتابة لديّ وسعيد بها.

بدأت مسيرتك كشاعر ووصلت إلى عالم الرواية متأخرا.. كيف استهوتك القصة والسرد لخوض هذه التجربة؟
كانت تجربتي مع الرواية منذ 2011، جربت كتابة روايتي الأولى ولاقت استحسانا، ثم تناولت بعد ذلك الأعمال الروائية، لكن هذا لا يعني أنني تركت الشعر، فمازلت أكتبه وأنشره تزامنا مع نشر الأعمال الروائية، وأعتقد أن هذا يعطي تكاملا لتجربتي، التي أنظر إليها بعشق شعرا كانت أو سردا.
كيف استفدت من تجربتك الشعرية وجماليات الشعر في صياغة نصوصك السردية؟ وهل تعتقد أنك تفوقت أكثر في عالم الرواية ونجحت في صنع بصمة فيها مقارنة بالشعر؟
الشعر هو روح الحياة ولذتها، لا حياة دون شعر، لذلك لا ينفصل عمل مهما كان نوعه عن الشعر، وهذا ما فادني في كتابة اللغة السردية.. كنت أنظر للعمل وكأنه قصيدة طويلة وممتعة، ولا أعتقد أنني أقارن التجربتين، بل أجمع بينهما.