الفيلم الألماني "أنا إنسانك".. هل يمكن لـ"الروبوت" محاكاة مشاعر البشر؟
الفيلم الألماني "أنا إنسانك".. هل يمكن لـ"الروبوت" محاكاة مشاعر البشر؟الفيلم الألماني "أنا إنسانك".. هل يمكن لـ"الروبوت" محاكاة مشاعر البشر؟

الفيلم الألماني "أنا إنسانك".. هل يمكن لـ"الروبوت" محاكاة مشاعر البشر؟

لطالما كانت احتمالية تطوير "الذكاء الاصطناعي" لآليات تفكير خاصة للوصول لمراحل متقدمة تلامس "الشعور البشري"، مثار جدل في أوساط العلماء والفلاسفة، وعدّها كثيرون ضربًا من الخيال العلمي، لنصل لإرهاصات أولى لهذا التوجه الجديد للآلات.

فيلم الخيال العلمي الألماني "أنا إنسانك - I am your man" الصادر 2021، يقدم حبكة مشوقة في هذا الإطار، تتنبأ بمستقبل تتساوى فيه "الروبوتات" مع البشر، في قالب رومانسي مفعم بالعاطفة.

وتروي أحداث العمل سيرة حياة "آلمى" عالمة الآثار في متحف "بيرغامون" في برلين، التي يتوجب عليها أن تختبر "إنسانًا آليًا" كشريك حياة.

وصمم العلماء النموذج "توم" بعناية فائقة لتلبية جميع احتياجات "آلمى" لتجري تقييمًا علميًا عن حالته، وإمكانية نجاح فكرة الشراكة العاطفية، إلا أن مجرى الأحداث يشهد تغيرًا غير متوقع.



ويفتتح العمل بأجواء موسيقية حميمية، لتظهر "آلمى" برفقة شاب تبدو وكأنها تعرفت إليه للتو، من خلال طرحها أسئلة عشوائية تختبر فيه معدل ذكائه وسرعة استيعابه، فضلًا عن محاولتها تحريك عواطفه، والتعرف على مخاوفه.

وللوهلة الأولى تنتاب المشاهد مشاعر استغراب وصدمة من تصرفات "توم" الغريبة وإجاباته السريعة، ليتضح سريعًا أنه ليس بشرًا عاديًا، من خلال مشهد مراقصته، لـ "آلمى"، وحدوث اضطراب في عضلة لسانه ليكرر الكلمة ذاتها مرات عدة.

ويتعيّن على "آلمى" أن تخوض تجربة العيش مع "توم" لـ 3 أسابيع، لتكتب تقييمًا عميقًا عن تجربتها في التعامل معه، وينبغي على "آلمى" تسليم تقرير لاعتماد الأبحاث والدراسات المعنية باتخاذ قرار الاعتراف بـ"الروبوت" وحقوقه في العيش والمساواة بالبشر، أو عدم قدرته على الاندماج في المجتمع البشري وصعوبة منحه هوية تؤكد على الاعتراف به.



ويصور العمل مشاعر الخوف التي تنتاب "آلمى" دون إفصاحها عن هواجسها الداخلية، إلا أنها نجحت بإيصال أحاسيس القلق والاستغراب من خلال إيماءات الوجه ولغة الجسد، والكلام القليل، وردات فعلها المعاكسة لتفكيرها ومشاعرها.

ويبدو توم كرجل وسيم مبرمج على إسعاد "آلمى"، إذ يحاول القيام بمفاجآت رومانسية تثير إعجاب معظم الفتيات الألمانيات، لكن خططه تفشل دائمًا مع شخصية العالمة الجدية الرافضة لتصديق "روبوت" يتصرف بشكل رجل مثالي وجذاب.

ويتضاعف الاستغراب مع معاينة "آلمى" لشخصية "توم" وتصميمه المذهل، وكأنه صنع ليكون بمثابة رجل أحلامها، ولكن واقعيتها تصدمها دائمًا بالحقيقة لتذكر أن "توم" مجرد كائن مبرمج يخلو من المشاعر ولا تصح مقارنته بالإنسان، لأنه لا يستطيع ابتكار شيء، وهو مجرد متلقٍ لمعلومات وتقنيات وبرمجيات معينة.



وفي مشهد يعكس نفاد الصبر، تسهو "آلمى" وتعبر عن أمنيتها بأن تعامل "توم" كإنسان للحظة واحدة، فهي ترغب بتقبيله ومعانقته والشعور بأنه إنسان يشعر بما تشعر، ما يكشف عن وجود فراغ عميق داخلها.

وفي جانب آخر، نستشف فضولها في التعرف على ردات فعل توم، أثناء محاولتها إثارة غضبه واستفزازه بتصرفات جنونية مفاجئة، دون منحه الوقت الكافي للتفكير والتصرف، فهل يبقى توم هادئًا ومتزنًا، أم يفقد هدوءه ويظهر مشاعر الغضب؟

ويتصاعد عنصر الاستفزاز من خلال سكب "آلمى" لكأس العصير في وجه توم، وانفجارها ضاحكة، وكأنها تخفي بذلك صراعًا داخليًا تعاني منه، محاولة التأكيد لنفسها بأن "توم" مجرد "روبوت" وليس فتى أحلامها.

ويحمل العمل مجموعة رسائل أخلاقية، يحاول من خلالها تعزيز قيمة التسامح والتصالح مع عيوبنا مهما كانت صغيرة.



وهو ما نراه ماثلًا في مشهد عاطفي تصف فيه "آلمى" معاناتها، موجهة لنفسها انتقادات حادة، وجاء رد "توم" لها بأن الألم مثير للشفقة، لأنه أمر نسبي، وفي الوقت ذاته غير مثير للشفقة لأنه جزء من روحك وهويتك، ولهذا أحبه.

يذكر أن الفيلم الذي يطرح فكرة تراجيكوميدية (الملهاة المفجعة)، فاز بـ 4 جوائز في أكاديمية السينما الألمانية، وجائزة "لولا" الذهبية، كأفضل فيلم روائي طويل، وجائزة السيناريو والإخراج. والعمل مرشح لجائزة الأوسكار لفئة أفضل فيلم روائي أجنبي من ألمانيا.

وأخرج العمل المخرجة، ماريا شرادر، وبطولة مارين إيجرت، التي فازت بجائزة "الدب الفضي" في مهرجان برلين السينمائي الدولي عن دورها في الفيلم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com