فيلم "عروستي".. هل انتهى زواج الصالونات في الوطن العربي؟
فيلم "عروستي".. هل انتهى زواج الصالونات في الوطن العربي؟فيلم "عروستي".. هل انتهى زواج الصالونات في الوطن العربي؟

فيلم "عروستي".. هل انتهى زواج الصالونات في الوطن العربي؟

يطرح المخرج المصري محمد بكير، إشكالية اجتماعية جدلية تخص زواج الصالونات التقليدي في المجتمع العربي، والبديل الحداثي للزواج من خلال علاقة الحب، والذي يكرس أحداثه من خلال مشاهد درامية شبابية شيقة، من خلال فيلم "عروستي" المنتج أواخر 2021، وتم عرضه على شبكة "نتفليكس" قبل يومين.

وتدور أحداث الفيلم حول المترجمة دليلة وتجسدها جميلة عوض، التي يحاصرها رهاب الاحتكاك بالرجال، ويعود ذلك لإحساسها بالخوف؛ نتيجة لانفصال والديها، ومن ثم وفاة الأب لاحقا. لكن هذا الحال يتغير بمجرد لقائها بالشاب شريف الذي يعمل مصمما للحفلات، ويجسده أحمد حاتم.

وكلاهما يرفض تقبل زواج الصالونات، والخطبة التقليدية، النظام الاجتماعي الأساسي للزواج في الوطن العربي. ويكون اللقاء، الصدفة التقليدية، داخل أحد المطاعم، الممر الواسع الذي يتيح للاثنين التعارف.

وهذه المرة يأخذ أسلوب تجميع المعلومات عن الآخر، شكلا حداثيا، فمن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، يستطيعان معرفة التفاصيل الهامة عن بعضهما، فتنطلق المشاعر مع التركيز على التفاصيل.

لكن تحديات كبيرة تعترض العلاقة، بسبب تراكمات عاطفية سيئة، واختبارات وشكوك من قبل الفتاة تجاه خطيبها، تكاد أن تفسد العلاقة.

أحداث الفيلم الممتدة إلى 93 دقيقة، حملت مساحة درامية رومانسية، يمكن ملاحظة التجديد فيها، عبر مشاركة سيناريو اقتباسات العصر، مثل الاهتمام باليوغا، والقصص الإلكترونية المصورة، والتسويق الإلكتروني، والترجمة، وكتب "pdf"، وجهاز كاندل كهدية بين عاشقين.

وأتت الأحداث ببعض التعليقات الكوميدية التي لم تَرْقَ لجعل الفيلم كوميديا. كما ولا يخلو الفليم من تلميحات جنسية عبر كلمات مختلفة، وكذلك إبراز الكوندوم "الواقي الذكري" في أحد المشاهد، وهو ما تكرر في فيلم "أصحاب ولا أعز" المعروض قبل أسابيع على نتفليكس.

أدوات عصرية

النهج الإخراجي للفيلم ينطلق نحو استخدام الكثير من أدوات العصر التكنولوجية، ودمجها خلال دوائر الصراع، بهدف تقليل المسافة بين المتابع والشخصيات. فمعظم التعليقات المذكورة خلال الفليم، تشبه ما يقال في الشارع، وكنوع من الجرأة، تشبه ما يقال في الغرف المغلقة.

رمزية السيناريو

أما منهجية السيناريو، فتقوم على استدراج الخطر وتفكيكه، والبحث في المجهول للوصول لإدراك ما نحو الحبكة السينمائية، فافتتاح الفليم بجملة "الزواج زي البطيخة" هو مشروع عمل بالرموز من قبل الكاتب، يهدف من بعدها لفكفكة الغامض حولها، والكشف عن أسلوب آخر يمكن من خلاله معرفة الآخر دون اللجوء لفكرة البطيخة المغلقة، التي نجهل حدة لونها من الداخل.

كما أن كلمة "عروستي" عنوان الفيلم حملت مفهوم البحث عن العروسة، وكذلك اللعبة المصرية الشهيرة "عروستي" لاكتشاف الشخصيات، فبعد الإجابة الخاطئة عن السؤال يرد المجيب "عروستي".

نقطة ارتكاز

إن نقطة الارتكاز لكلا الشخصيتين دليلة وشريف، تكون رفض الزواج التقليدي، وترتبط بذلك الحيرة وعدم القدرة على تقمص دور الشريك الذي لا يعلم شيئا عن شريكه، ولا تتحرك طاقة الجذب، المؤسسة لعلاقة مستدامة. وهذه مساحة جدلية مستحدثة في الوطن العربي.

فمع تطور مرافق الحياة وامتداد الحياة المدنية، صار من المألوف بشكل نسبي، أن يرتبط شخصان مع مباركة الأهل والمجتمع ذلك، عبر علاقة حب، أو إعجاب يسبق الزواج.

وهنا تأتي بفعل انطلاق المرأة للعمل بشكل غير مسبوق في الوطن العربي، حتى باتت منافسة للرجل في كافة مجالات العمل.

هذا التغير الجذري في العادات الاجتماعية العربية، تبعته تغيرات أخرى، تندرج تحتها أدوات جديدة لحرية الفتاة، ومنها الزواج عن حب، إلا أن هذا فتح الباب أمام إحباطات مختلفة لفتيات يجبرهن الأهل على الزواج التقليدي.

عنف الرجل

ونقطة بؤرية خاصة بشخصية الفتاة، شكلت عتبة انقلاب في مسار أحداث الفيلم، ألا وهي مخزنها القديم منذ الطفولة من العلاقة بالرجل، فهي الطفلة التي نشأت في أسرة مفككة، وشاهدت أباها يضرب أمها بأعينها، وسمعت نحيب الأم من خلف باب غرفتها.

فهذا كان شكلا من أشكال القمع الممارس ضد المرأة في البيوت العربية، وله أشكاله المختلفة، فلكل قصة تعيسة شكلها الخاص. فعلى طريقة ليو تولستوي: كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة".

هذا العنف الذي لا يزال يتواجد في المجتمع العربي، تحت غطاء العادات والتقاليد والمفهوم الديني، يجعل من الضرب وسيلة سهلة لقمع المرأة والتنكيل بها، تحت أي ظرف كان. الخطورة لا تكمن في بقاء العلاقة أو فشلها.

فطنين هذا المشهد المأساوي يمتد لآذان الأطفال في المستقبل، وينعكس على تصرفاتهم وطبيعة احتكاكهم بمن حولهم. فدليلة فقدت الثقة في الرجال كنتيجة لعنف الأب، وانطلقت في شبابها تصنع الخطط والاختبارات المتكررة لخطيبها؛ للتأكد من مدى ملاءمة صفاته لها.

أما شريف، فوجد نفسه تحت ميكروسكوب يراقب أفعاله، وتصرفات غير مسؤولة من الفتاة التي أحب، وحين اكتشف أنه أمام مجموعة من الاختبارات السلوكية والعاطفية، شعر بفقدان الأمان مع شريكته، وبأنه سيكون أمام صراع نفسي كبير حال استمر معها.

تغيرات اجتماعية

والجديد في الطرح هنا، تحديث الصراع الاجتماعي القائم حول زواج الصالونات، ودخول الأدوات التكنولوجية، كمغير رئيس لطبيعة العلاقات وشكلها المستقبلي، بسبب إتاحتها نوافذ مختلفة التواصل بين الرجل والمرأة، عبر الشات، والكاميرا، والمكالمات الصوتية، هي أدوات كانت غير متاحة في الماضي.

وهذا ما يجعل مساحة الزواج الحديث عبر علاقات الحب تتسع، ما ينبئ بتغير في طريقة التفكير بالزواج مستقبلا في الوطن العربي، بفعل التكنولوجيا.

وعلى الصعيد الفني قدم أحمد حاتم، كاريزما مختلفة عما قدمه في أعماله السابقة، حيث قدم دور الشاب الأنيق المودرن. ونجح في الحفاظ على نفس المستوى من الأناقة في الاكسسوارات والملابس طيلة أحداث الفيلم.

فيما جاءت تعبيراته مناسبة للون الحوار عبر تقديمه مشاهد الحزن والفرح. أما جميلة عوض، فنجحت في مشاهد العاطفة والحب، لكنها كانت أقل حضورا في مشاهد الكآبة المتعلقة بالشخصية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com