"معركة بحيرة تشانغجين".. هزيمة أمريكية "سينمائية" أمام الصين
"معركة بحيرة تشانغجين".. هزيمة أمريكية "سينمائية" أمام الصين"معركة بحيرة تشانغجين".. هزيمة أمريكية "سينمائية" أمام الصين

"معركة بحيرة تشانغجين".. هزيمة أمريكية "سينمائية" أمام الصين

بتقنيات احترافية، يقدم الفيلم الحربي الصيني "معركة بحيرة تشانغجين/The Battle at Lake Changjin" الصادر أواخر سبتمبر/أيلول 2021، ملحمة تاريخية تجسد طرد الاحتلال الأمريكي من كوريا الشمالية على يد الجيش الصيني.

ويروي العمل ملحمة تاريخية وقعت أحداثها في خمسينيات القرن الماضي، مع دخول القوات الأمريكية إلى أراضي كوريا الشمالية، ليتدخل الجيش الصيني التطوعي والقوات السرية لإنقاذ كوريا الشمالية وطرد الولايات المتحدة، في معارك شرسة راح ضحيتها الآلاف.

أجواء حربية

وتبدأ أولى مشاهد الفيلم بموسيقى هادئة وسط بحيرات ومناظر خلابة، ويلجأ المخرج إلى إقحام المشاهد في الأجواء الحربية من خلال دخول شبكة الأخبار الكورية على الخط، ونقل الحدث وتحديد الموقع بعبورهم الحدود الأجنبية، بصوت إخباري يوحي بالخطر ضمن أصوات القصف البحري والطيران الجوي في مقاطعة أنتونج في الصين.

ويظهر قائد الجيش الصيني أمام آلاف الجنود ليلقي خطابه التحفيزي المحرض على استعادة مدينة سيؤول وتوحيد الكوريتين.



كسر النظرة النمطية

ويقرر القائد الصيني ماو تسي تونغ خوض الحرب لكسر نظرة الأجانب النمطية المليئة بالغرور، فساحة المعركة وحدها من تحطم هذه النظرة الفوقية، ويأمر جيشه بالتمركز في بحيرة تشانغجين والتصدي للجيش الأمريكي.

وينقلنا المخرج إلى مقر الولايات المتحدة في اليابان، بإضاءة حمراء وموسيقى صاخبة توحي بالخطر والتوتر، وحوارات تدل على خلافات فيما بينهم حول التقدم إلى الحدود الكورية واحتلالها، وبين التردد المشوب بمخاوف من التعرض للهزيمة، بعد سماعهم بدخول الجيش الصيني في المواجهات.

وتبدأ القوات الصينية بالتجمع، في مشاهد سريعة تتناغم وحركة الكاميرا، بأسلوب احترافي سلس وجذاب، مع استمرار الموسيقى التصويرية التي توحي بالخطر المقبل.

وبينما يتجه الجيش الصيني إلى الحدود الكورية الشمالية يتعثر الجنود وسط الجبال المقفرة بجثث منتشرة في أرجاء المكان، ويتعرضوا لغارات جوية أمريكية قاتلة.



دعاية سياسية

والفيلم متخم بالدعاية السياسية التي تركز على الإنجازات الصينية، مقابل إظهار العدو بمظهر السطحي منعدم الضمير، من خلال حوارات الجنود الأمريكيين وقادتهم، فيصورهم الفيلم وكأنهم منخرطون في لعبة ساذجة أو نزهة سفاري.

وعمد المخرج إلى تسليط الضوء على جميع القادة، والتعريف بالشخصيات الحربية والسياسية، وترقيم الجنود وتسجيل المعلومات لدى قائد الكتيبة حين يضع إشارة حمراء مع فقدان شهيد جديد، في محاولة لإظهار الجانب الإنساني للجيش الشعبي الصيني.

إخراج قوي

ويتصاعد التوتر مع التقاء الجيشين، وسقوط مئات القتلى في مشاهد حربية تحبس الأنفاس بتفجيرات ضخمة وحرائق هائلة، فضلا عن التصوير المتقن للمواجهات الفردية المباشرة.



وتتخلل المعركة مشاهد مؤثرة تلعب على الوتر العاطفي، لخلق رابط تعلق بالجنود على الرغم من كثرتهم، وسط مشاهد بطولية حين يضحي الجنود بدمائهم وأرواحهم مقابل وقف تقدم العدو.

ولا يخلو العمل من اللقطات الفكاهية والحوارات الساخرة بين الجنود، في إطار المُضحك المُبكي، ليضيف ذلك مرونة نوعا ما على حدة السيناريو وجديته.

احترافية الشكل

في العمل نلحظ الاحترافية البادية في حركة الكاميرا الواضحة، المطعمة بتقنيات حاسوبية تعكس واقعية الحدث، وسط ألوان الطبيعة الخلابة من جبال وأنهار.

وفي تدرج سلس ننتقل من الألوان الهادئة الخضراء والزرقاء، إلى ألوان صارخة معتمة حمراء وسوداء، لتعكس تطور الأحداث وتصاعدها.



وفي لقطات كثيرة كانت الكاميرا قريبة تركز على تفاصيل الوجوه وحركات الجسد، لتنقل أدق التفاصيل والمشاعر الإنسانية المتضاربة، وتُدخِل الجمهور إلى قلب الحدث، ونتحول بسلاسة إلى المشاهد البعيدة لتقديم تصور عام عن سير المعركة.

وعبرت المشاهد الدموية وانخفاض درجات الحرارة عن واقعية المواجهة وعبئها الثقيل، ما منح الفيلم مزيدا من الأصالة.

رسالة

ويبدو أن العمل يوجه رسالة للولايات المتحدة، عن القدرات العسكرية الصينية، وإرادة المقاومة المتجذرة، التي تعدل الكفة أمام التطور التقني الهائل للجيش الأمريكي.

ونتج عن معركة بحيرة تشانغجين انسحاب الجيش الأمريكي من كوريا الشمالية، والتصدي لمخطط الولايات المتحدة في تثبيت وجودها قرب الحدود الصينية، تمهيدا لعبور النهر الأصفر وتوجيه صفعة قوية إلى جمهورية الصين الشعبية.

آراء نقدية

وأثار الفيلم موجة من الجدل؛ وقال الناقد بن ماكغراث إن "أسباب مشاهدة الفيلم تختلف عن سبب إنتاجه، بالنسبة لبيروقراطية الحزب الشيوعي الصيني الحاكم فإن هدفهم يكمن في الترويج للإيديولوجيا العمياء، من خلال فيلم دفع مئات الآلاف من الجنود الصينيين للتضحية بأنفسهم في كوريا، وسيظن المشاهد بأن الجنود خدموا وماتوا لا لشيء سوى حب الوطن".

وأضاف: "لم نشهد محاولة لتطوير الشخصيات، بل ظهرت بتوزيع نمطي متوقع، فهناك شخصية القائد الحكيم، والشاب المتهور، والضابط المخضرم، والأب الشغوف".

في حين عبر آخرون عن استهجانهم انخفاض تقييم الفيلم على الرغم من أنه من أفضل الأفلام الحربية لعام 2021 على جميع الأصعدة من سيناريو وتصوير سينمائي وحبكة وإخراج، وعزو ذلك إلى أسباب سياسية.

نجاح

حقق الفيلم أرباحا عالية ومازال يُعرض بكثافة حتى اليوم في صالات السينما.

وعُرِض العمل للمرة الأولى في مهرجان بكين السينمائي الدولي، قبل طرحه لجمهور أوسع في جميع أنحاء الصين في 30 سبتمبر الماضي.

وحصد الفيلم جوائز عدة في مهرجان تشانغتشون السينمائي، عن أفضل فيلم وأفضل مونتاج، وأفضل مؤثرات بصرية، ورُشح أيضا لجائزة أفضل سيناريو.

وفي مهرجان ماكاو السينمائي رُشح العمل إلى جائزة اللوتس الذهبية كأفضل تصوير سينمائي، وأفضل سيناريو، وأفضل مخرج. وهو من إخراج دانتي لام، وتسوي هارك، وكايج تشن.

وجهة نظر مغايرة

وفي الأعوام الأخيرة، أنتجت الصين أفلاما سينمائية عديدة، تنقل وجهة نظر مغايرة لهوليود، وتجسد قوة المقاتل الصيني أمام نظيره الأمريكي؛ ومن تلك الأعمال فيلم "التضحية".

وأشارت مواقع يسارية إلى أن هذا النوع من الأفلام لا يروق لكثير من المنصات الاجتماعية، التي تعمد إلى حذفها.

ويأتي هذا التوجه الجديد للسينما الصينية بالتزامن مع تجاذبات سياسية ومواجهات اقتصادية رافضة للتوجهات الأمريكية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com