فيلم "Donna".. ضرورة الكفاح ورفض الاستسلام القدري
فيلم "Donna".. ضرورة الكفاح ورفض الاستسلام القدريفيلم "Donna".. ضرورة الكفاح ورفض الاستسلام القدري

فيلم "Donna".. ضرورة الكفاح ورفض الاستسلام القدري

يستند فيلم الدراما الأمريكي "دونا/Donna" الصادر في شباط/فبراير 2021، إلى قصة حقيقية عن رحلة كفاح لأم عظيمة، يسعى المخرج إلى تحويلها لرمز تصبح من خلاله ملهمة للنساء المضطهدات في التغلب على التحديات وتبعات التفكك الأسري.

وتتطرق أحداث العمل إلى سيرة حياة دونا، وهي أم لثلاثة أطفال تعاني من انكسارات وجدانية عاطفية وصدمات متتالية يتسبب بها شريكها نك، وفي ذروة الخيبة والانكسار تتمكن من العثور على صوتها الداخلي ليفجر فيها قوى الصمود والمكافحة وإلهام الآخرين بعدم الاستسلام.

وبقالب تقليدي، تتالى أحداث الفيلم من البداية إلى الحبكة ثم النهاية، وهي طريقة يرى فيها بعض النقاد نمطية واضحة تسبب ضعفا في السيناريو، فنشهد نشأة "دونا" منذ ستينيات القرن الماضي، لتظهر كفتاة طموحة ومتفوقة في المدرسة، لكنها تعاني من اضطرابات عائلية ووضع مادي سيىء.



ويعرض العمل حوارا مهما يدور بين "دونا" ووالدتها، لنرى الأخيرة تلعب دورا في إحباط دونا وعدم تشجيعها على إكمال تعليمها غير مكترثة لنجاحها، وعلى العكس كانت تحثها على تكوين عائلة وإيجاد زوج تستند إليه ليعتني بها عوضا عن المعاناة بمفردها.

ونستشف من ذلك رغبة المخرج بتلقين المشاهد وبأسلوب مباشر جذر القصة التي استند عليها العمل، لنرى المسببات والأحداث، ونربط النتيجة بالسبب دون طرح أي تساؤلات.

ومن الجدير الإشارة إلى أن المخرج "جاريت مارتينو" اقتبس هذا الفيلم من حياة والدته دونا مارتينو، محاولا بث رسالة تحث على التحرر من القوالب النمطية والتكيف التقليدي.

فضلا عن سعيه إلى تسليط الضوء على دور الأمومة العظيم في مواجهة الصدمات والتغلب على الشدائد، معبرا عن امتنانه لوالدته؛ قائلا إن "صمود دونا وشجاعتها صنعتا الرجل الذي أنا عليه الآن"، وفقا لموقع "The fan carpet".



ونلاحظ تقدم الأحداث بسرعة، لتصبح الأعوام هي الفاصل الزمني بين مشاهد وأخرى، إذ يصور العمل مراهقة دونا بعد 10 أعوام، لتبدأ قصة حب مثالية بين دونا ونك.

ويلتقي الحبيبان في رقصة ضمن حفلة ليلية قبل أن يتعارفا، ومع التقارب الشديد والانجذاب تزداد اللقاءات يوما بعد يوم وتذوب الحواجز الرسمية، ويعيشان مغامرات لطيفة وتفاصيل حميمية، إلى أن يكللا قصتهما بزواج لم يدم لفترة طويلة.

ولكن، سرعان ما بدأت تتلاشى الأحلام الوردية للحياة الزوجية لتتحول إلى كابوس مرعب يكاد أن يمزق دونا، إذ يطارد نك ماضيه المظلم، ليكشف عن شخصية قاسية متسلطة وأنانية، لم ترها دونا من قبل، ما يبعث على التوتر والانفعال.

ويكشف العمل المسؤوليات المترتبة على عاتق نك، ليغرق في الديون شيئا فشيئا، وترغمه الظروف على خداع زوجته ويخبئ عنها تورطه في أعمال غير قانونية.



ولم تقف المعاناة على إهمال نك لعائلته فحسب، بل خيب آمالها بخيانته لها وإحضار سيدة أخرى إلى منزل العائلة دون رادع أخلاقي، ومع ملاحظة دونا لتغير أوضاع نك المادية تكتشف أنه يتاجر بالمخدرات.

ولا يكتفي "نك" بأفعاله الشنيعة بل يصدم دونا بالاعتداء عليها، وتهديدها وتحطيم هاتفها النقال حين أرادت الاتصال بالشرطة، محاولا اللعب على وتر تحميلها الذنب، لتمتلئ بمشاعر اللوم والمسؤولية فليلقي في وجهها نقاط ضعفها وثغرات علاقتهما، إذ يصفها بأنها تتحول أحيانا إلى مجرد لعنة لا تمتن لشيء.

وتدخل "دونا" دوامة من اليأس والتخبط ولكن ثمة انكسارات تفجر داخلنا قوى عظيمة عوضا عن تحطيمنا، وهذا ما حدث مع البطلة لتستمع إلى حدسها في حالة سكون ما بعد الصدمة، فتختار التحرر.

ويركز العمل على أن الانتقام يكمن أحيانا في نجاحك وقدرتك على تخطي أحدهم، ومحبة ذاتك؛ قف وواجه واعتمد على نفسك وليس على وهم أو فراغ، لتفهم مغزى الرسالة من التجربة الأليمة دون أن ترفع الراية البيضاء معلنا الانسحاب.

وجاء الفيلم منصفا لنساء شجاعات يخترن الصمود والمواجهة والتعلم من الخيبات وتحويل المعاناة إلى تنوير، ما يمنح الأمل لأخريات معنفات وضعيفات ومستسلمات.



وعلى الرغم من أن السيناريو واضح وعام جدا ومكرر، فهو يروي قصة مثابرة واجتهاد تبعث الأمل والإيجابية والرغبة في الصمود، مؤكدا على استمرارية حلقة الحياة وبأن الفرص لا تنتهي.

وفي لحظة إغلاق جميع الدفاتر القديمة، ستنفتح لك أبواب أخرى تخبئ أحداثا جديدة، وتأخذك إلى مسار حياة مختلف، ولكنك تستحقه.

شارك في بطولة الفيلم الممثلة كاترين داداريو، وأنتوني فيكو، وكيت أموندسن، ولورين فرانشيسكا، وأنتوني كوبولا.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com