الإعلام الغربي متّهم  بازدواجية المعايير
الإعلام الغربي متّهم بازدواجية المعايير أ ف ب

باحث أكاديمي لـ"إرم نيوز": الإعلام الغربي يخضع للمال لا لأخلاقيات المهنة

قال الدكتور الباحث أحمد شنيقي، الأستاذ الزائر بالعديد من الجامعات الأوروبية، إن ازدواجية المعايير في الإعلام الغربي وخاصة الفرنسي ليست أمرا جديدا، لكنّها تظهر بوضوح مع كل حرب جديدة تندلع، كما هو الحال مع حرب غزة.

ويلفت الدكتور شنيقي، في حديث خص به "إرم نيوز"، إلى أن الإعلام الغربي يخضع للمال لا لمبادىء أخلاقيات الصحافة، مشيرا إلى أن الإعلام الفرنسي على وجه الخصوص، شهد تراجعا حقيقيّا بعد أن فقد مصداقيته وانفضّت الجماهير من حوله.

وأوضح الدكتور، الذي درّس سابقا بالعديد من الجامعات الأوروبية، ألمانية وإيطالية وفرنسية بما فيها السوربون، أنه خلال تغطية الحروب تطغى الدعاية على لغة الصحفي فيتخلى عن أخلاقيات المهنة، ويتحوّل في أغلب الأحيان إلى جندي يستعير لغة خاصة تتميز بالازدواجية من قبيل: الخير مقابل الشر، المتحضّر مقابل البربري، والغرب هو من يتحكم في هذا "المعجم" أو "اللغة المستحدثة" في هذه التغطيات.

وتعليقا على انتقادات وجّهها رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان للإعلام الغربي بما فيه الفرنسي، بأنّه يقع تحت سطوة المال، قال الدكتور شنيقي: "هذا ليس جديداً على الإطلاق".

وأضاف: "يعجبني أورسون ويلز الذي أثار هذه المسألة خلال الأربعينيات، حيث إن وسائل الإعلام مرهونة بيد الجهات التي تموّلها. في أمريكا كما في فرنسا، وسائل الإعلام رهينة المال. ففي فرنسا مثلا عدد قليل من رجال الإعلام ، أبرزهم دراحي وبينود وهيرسانت وبولوريه يسيطرون على أغلب الصحف والقنوات". 

أخبار ذات صلة
السقوط الحر للإعلام الفرنسي.. "قتلى إسرائيل ضحايا وقتلى غزة مجرد خسائر جانبية"

تراجع حقيقي للإعلام الفرنسي

وتعليقا على نتائج استطلاع نشرته مؤسسة "لاكروا" الفرنسية مؤخّرا يفيد بأن 57 % من الفرنسيين لا يثقون في الإعلام المحلي، يؤكّد الدكتور شنيقي أن وسائل الإعلام الفرنسية ومنذ وقت طويل "فقدت الكثير من القراء والمشاهدين بسبب انعدام الثقة، حيث إن هناك تراجعا حقيقيا للإعلام الفرنسي".

وبالنسبة له فقد "جاءت مأساة غزة لتكشف عن حقيقة أداء هذه المؤسسات الإعلامية التي تعيد إنتاج خطاب مموّليها، وهو ما أدّى إلى تشويه سمعة الإعلام الفرنسي، الذي بات يستهدف الفنانين والرياضيين والسياسيين الذين يطرحون خطابًا آخر فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية".

ويعطي محدثنا مثالا عن تحيّز الإعلام الفرنسي قائلا: "ذلك ما حدث لبنزيمة، ميلونشون و دومينيك دو فيلبان".

لكن التغطيات المتوازنة خلال حرب غزة ليست المناسبة الوحيدة التي اكتشف فيها الجمهور الفرنسي حقيقة الإعلام الفرنسي، فقد "ساهمت التغطية الإعلامية الفرنسية لاحتجاجات السترات الصفراء، في انقلاب الجمهور الفرنسي ورفضه للإعلام في هذا البلد، يقول الباحث شنيقي مؤلف 15 كتابا في الأنثروبولوجيا والأدب المقارن وتحليل الخطاب الإعلامي والثقافة والمسرح.

ويضيف الإعلامي الجزائري الذي يكتب في الصحافة الناطقة بالفرنسية: "لقد اختفت بعض وسائل الإعلام الفرنسية فيما أخرى تعيش أزمات خانقة، بعضها صحف مرموقة مثل لوموند و ليبراسيون. في المقابل ظهرت مواقع تفاعلية تنتهج طريقة جديدة في تقديم المعلومة، كما أنها تتبنى خطابًا آخر يتماشى مع الواقع الاجتماعي. على سبيل المثال مؤسسة ميديابارت التي يرأسها إدوي بلينيل، الصحفي السابق في صحيفة لوموند، يتعامل مع كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين والفلسطينيين وأمريكا اللاتينية والمجتمع الفرنسي بطريقة مختلفة عمّا هو سائد في باقي مؤسسات الإعلام الفرنسي".

أخبار ذات صلة
أطفال غزة يفضحون ازدواجية المعايير الغربية

متحدثو الجيش الإسرائيلي ..

ويؤيّد الباحث الأكاديمي شنيقي تلك الاتهامات التي وجّهتها جمعية "أجار" التي تعنى بشؤون الإعلام في فرنسا، لمؤسسات إعلامية في البلاد، حيث اتّهمتها بكونها منحازة إلى إسرائيل في تغطيتها لحرب غزة.

ويرى الباحث شنيقي أن الأمر بديهي عندما يكون دراحي، وهو رجل أعمال فرنسي إسرائيلي، على رأس مؤسسات إعلامية مثل " بي أف أم "، وحين يرأس الملياردير "بولوغيه" العديد من وسائل الإعلام بما في ذلك قناة "سي نيوز" المعروفة ببث تصريحات تشهيرية، خاصة فيما يتعلق بدومينيك دو فيليبان أو ميلونشون أو حتى بنزيمة أو حزب " ليزانسومي".

وفي معرض تشريحه لانحراف الإعلام الغربي، عرّج على محطّات تاريخية ذات صلة بالموضوع وقال: "لتعلموا أنّ فرنسا وألمانيا على وجه الخصوص لديهما عقدة الذنب فيما يتعلق بجرائم الحرب خلال الحرب العالمية الثانية. وبالتالي فإن الخطاب الإعلامي بهذين البلدين أحادي ويستبعد أي تعددية في المصادر.علاوة على ذلك، فإن معظم قاعات التحرير هناك تستدعي المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي ولكنها ترفض الاتصال بالفلسطينيين".

ويتابع الدكتور شنيقي باستمرار نقاشات الإعلاميين وضيوفهم في استوديوهات القنوات الفرنسية، التي تتطرق بشكل شبه يومي لشؤون المهاجرين. سألناه إذا ما كانت هذه النقاشات متوازنة وهل تغطية الإعلام الفرنسي لقضايا الهجرة وما اتصل بها من قضايا الإسلام والعرب متوازنة؟.

يرى الدكتور شنيقي أنّه من غير الممكن فهم مسألة الهجرة في فرنسا خارج السياق التاريخي والاستعماري، "الأمر يشبه إلى حدّ ما اللاوعي الاستعماري، حيث يتم استخدام الكليشيهات والصور النمطية، يتوجّب خلالها على المهاجر أن يبرّئ نفسه من كل جريمة تحدث. الإعلام الفرنسي في تعاطيه مع هذا الملف لا يعتمد على مصادر متعددة ولا يحترم المسافة المتساوية التي تفصله عن مختلف الأطراف، ولا يتحقّق من المعلومات.. كل هذه العناصر الضرورية للممارسة الصحفية، غائبة في الإعلام الفرنسي".

وفي ختام حديثه لـ"إرم نيوز" لفت الدكتور أحمد شنيقي إلى أنّ "الهوة كبيرة بين الإعلام والمجتمعات الأوروبية"، فهما برأيه مثل "جزيرتين تعيشان قطيعة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com