بعد تقهقره على خطوط المواجهة بالعراق.. داعش يعود بهدوء لمناطق سيطرته السابقة
بعد تقهقره على خطوط المواجهة بالعراق.. داعش يعود بهدوء لمناطق سيطرته السابقةبعد تقهقره على خطوط المواجهة بالعراق.. داعش يعود بهدوء لمناطق سيطرته السابقة

بعد تقهقره على خطوط المواجهة بالعراق.. داعش يعود بهدوء لمناطق سيطرته السابقة

رغم أن تنظيم داعش على وشك الهزيمة في أرض المعركة، لكن أعضاءه بدأوا يتسربون بهدوء، بعيدًا عن خطوط القتال الأمامية، إلى مناطق سيطروا عليها سابقًا مستفيدين من الفساد المستشري في المؤسسات وقوات الأمن العراقية.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" نقلًا عن ضباط شرطة وقضاة ومسؤولين محليين قولهم إن ضعف يد العدالة تسمح لبعض عناصر داعش بحرية الحركة ما يؤثر على فرص العراق للهروب من دوامة العنف التي ضربت العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003.

دفع الرشاوى

وفي غرب مدينة الرمادي، التي تم استعادتها قبل عام، يتحدث مسؤولون عن اختفاء أدلة إدانة المتهمين من ملفات الشرطة ويخشى الشهود من الإدلاء بشهاداتهم، وأنه بالإمكان من خلال دفع رشوة تبلغ قيمتها أقل من 20 دولارًا شراء تصريح أمني لدخول المدينة.

وفي محافظة صلاح الدين، تحدث رئيس بلدية عن كيفية عودة أفراد من التنظيم إلى مدينته الصغيرة، وقال إنه تلقى تهديدات بالقتل فيما بعد. وفي كركوك قالت امرأة إن الشرطة طلبت منها عشرات الآلاف من الدولارات للإفراج عن ابنها المتهم بمساعدة داعش.

وتوشك قوات الأمن العراقية، بعد 3 سنوات من القتال، على تطهير البلدات والمدن العراقية من عناصر داعش حيث شنت هجومًا يوم الأحد الماضي على الجزء الغربي من مدينة الموصل التي تعتبر العاصمة الفعلية للتنظيم في العراق. ولكن الدولة تكافح من أجل إبقاء سيطرتها في ظل محاولات داعش والجماعات الأخرى مثل تنظيم القاعدة لإعادة تمكين نفسها في المناطق التي دعمتها من قبل.

المحن والفوضى

وقالت الصحيفة، إن المحنة التي تعيشها المناطق ذات الأغلبية السنية توفر أيضًا فرصة للجماعات المتطرفة لتجنيد أفراد منها. فقد تحولت أجزاء من بلدات ومدن هذه المناطق إلى أنقاض في ظل ضعف مساعدات إعادة الإعمار وتشرد مئات الآلاف من السكان، بالإضافة إلى وجود اتهامات بشن قوات الأمن هجمات انتقامية وانتهاكات لحقوق الإنسان الأمر الذي قد يعمل على إدامة الخلاف مع الحكومة.

هذه الفوضى تهدد المكاسب التي حققتها القوات العراقية المدعومة من قبل ائتلاف من الحلفاء بما في ذلك الولايات المتحدة التي تنفق 12.5 مليون دولار يوميًا على هجمات جوية ضد تنظيم داعش، وأنفقت المليارات على تدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية.

وقال عيد الكربولي، المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار:"نحن قلقون جدًا من العودة في نهاية المطاف إلى المربع رقم واحد، أعضاء تنظيم داعش بدأوا بالفعل بالتسرب إلى المدينة والسكان يعرفون ذلك".

داعش امتدادًا لتنظيم القاعدة

يذكر أنه قبل 3 سنوات تمكن تنظيم داعش من السيطرة في بادئ الأمر على المدن السنية في محافظة الأنبار مثل الفلوجة والرمادي واستغلال مشاعر الإحباط من الحكومة المركزية التي يقودها الشيعة والتي تجلت في شكل من الاحتجاجات.

وتعود تلك المناطق مرة أخرى تحت سيطرة الدولة، ولكن النضال السابق للقوات الأمريكية ضد المتشددين في المحافظة لا يزال حيًا في الذاكرة الجماعية. فبعد زيادة الولايات المتحدة قواتها واستمالة مقاتلي العشائر السنية، سافر الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلى محافظة الأنبار عام 2007 لتسليط الضوء على "النجاح العسكري" الذي تحقق ضد تنظيم القاعدة ولكن بعد 5 سنوات تشكل تنظيم داعش من بقايا تلك الجماعة.

وحتى الآن ركزت الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة على هزيمة داعش عسكريًا بدلاً من معالجة الأسباب التي جعلت العديد من أفراد الأقلية السنية في العراق تنخرط في البداية في التنظيم.

وذكرت تقارير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصدر تعليمات لإدارته بوضع "خطة شاملة" لهزيمة تنظيم داعش، ولكنه لم يوضح حتى الآن ما يمكن أن تنطوي عليه.

الفساد ينخر أجهزة الأمن العراقية

ويشكو القادة العراقيون الذين يقودون الحرب من عدم توفر قوات كافية لديهم للسيطرة على المناطق التي تم استعادتها مؤخرًا، كما تسبب انتشار الفساد في ضعف مؤسسات الدولة بشكل مزمن.

وتضررت المباني في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، نتيجة القتال الذي استمر لمدة سنتين بين قوات الأمن وتنظيم داعش من أجل السيطرة عليها، وهي أطول فترة حرب شوارع ضد التنظيم. وأعلنت الحكومة النصر قبل عام ولكن هناك مزاعم بأن المسلحين يعودون إلى المدينة مرة أخرى.

وتنتظر السيارات عند نقاط التفتيش على أطراف المدينة في صفوف طويلة لكي يسمح لها بالدخول والخروج، ويُسمح فقط للسكان الحاملين تصاريح أمنية وغير المطلوبين من قبل السلطات بالتنقل بحرية، ولكن مسؤولين يقولون إن التصاريح يمكن شراؤها بسهولة ما قد يعرض المدينة للهجوم نتيجة السماح للمسلحين بحرية الحركة داخل وخارج المدينة.

وفي مكتبه الكائن بجوار مركز شرطة الرمادي، أشار العقيد أحمد حسين محمد، قائد فوج من القوات القبلية في المدينة، إلى أحد هذه التصاريح الصغيرة قائلاً: إن "أهم وثيقة في الوقت الراهن هي هذه"، مضيفًا، أن سعرها في السوق السوداء أقل من 25 ألف دينار أو نحو 20 دولارًا. ويقول إن كثير من الأشخاص الذين تعتقلهم قواته يُطلق سراحهم مرة أخرى وأن الشهود يخافون من الإدلاء بشهادتهم ضدهم.

واعترف العقيد ياسر إسماعيل موسى، المتحدث باسم شرطة الأنبار، بأن هناك "بعض الفساد في نقاط التفتيش" وقال إن هناك خططًا لإصدار بطاقات هوية جديدة لمعالجة هذه المشكلة. وقال إنه يتردد بأن بعض المعتقلين من أعضاء تنظيم داعش ولكن بدون شهود أو أدلة ينبغي إطلاق سراحهم.

وأضاف أن المشكلة التي تواجهنا حاليًا هي أن معظم الشهود لا يملكون الشجاعة على الإدلاء بشهادتهم، ونفى تقاضي الشرطة رشاوي للإفراج عن أشخاص أو إخفاء أدلة ضدهم.

ولكن آخرين يقولون إن هذه المشاكل منتشرة على نطاق واسع. حيث قال الكربولي "هناك سرطان في جسم الشرطة نحن بحاجة للتخلص منه، وإلا سيقتلنا جميعًا، هو حتى الآن يمثل حريقًا صغيرًا، ولكننا نحتاج إلى إخماده قبل أن يصبح حريقًا كبيرًا يحرق المحافظة كلها".

الخلايا النائمة

وأشارت صحيفة "واشنطن بوست"، إلى فقدان تنظيم داعش الكثير من الدعم الذي حصل عليه بعد الظروف التي عاشها الناس تحت سيطرته، ما يجعل من الصعب عليه استعادة تلك المناطق مرة أخرى، ولكن ما زالت هناك مشكلة مع "الخلايا النائمة"، حسب قول موسى.

ولا يعد تنظيم داعش الجماعة الوحيدة التي تحاول استعادة سيطرتها في المناطق ذات الأغلبية السنية مثل الرمادي. فقد دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في أغسطس/ آب الماضي السُنة في العراق إلى إعادة تنظيم صفوفهم وشن حرب عصابات طويلة الأمد لطرد الحكومة من مدنهم، وحث أعضاء تنظيم القاعدة في سوريا على المساعدة في ذلك منتقدًا أخطاء منافسه أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش.

وقال موسى إنه "لا يمكن عودة تنظيم القاعدة بأي حال من الأحوال"، مضيفًا، أن أعضاء القاعدة قد حولوا ولاءهم لتنظيم داعش ويفرون من المحافظة نحو مناطقها الحدودية.

ولكن معهد دراسات الحرب حذر الأسبوع الماضي، من تشكل تمرد سني في العراق وأن تنظيم القاعدة يحاول استغلاله، وأن جماعات سنية متطرفة أخرى، مثل النقشبندية، من المرجح أن تستفيد من ذلك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com