من الكشافين إلى إعلان التعاقد.. كيف تتم صفقات مانشستر سيتي؟
أصبح مانشستر سيتي أحد أكبر الأندية المنافسة على اللاعبين في سوق الانتقالات، عبر إنفاق الكثير من الأموال خلال فترتي الانتقالات كل عام، لدرجة أن تكسيكي بغيريستين المدير الرياضي للنادي، بات معروفا بالاسم مثل مواطنه الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني للفريق.
ولكن كيف تتم صفقات سيتي؟ من يفعل ماذا؟ وكيف يحاولون التأكد من إنفاق أموال النادي بشكل جيد؟.
قالت صحيفة "مانشستر إيفينينغ نيوز" البريطانية، إن التخطيط الاستراتيجي للسيتي لا يعلى عليه، وعندما يقترن بميزانيته الكبيرة وسجله الممتاز في سوق الانتقالات، نجد أن بطل الدوري الإنجليزي قطع شوطا طويلا نحو جعله قصة نجاح كرة القدم الإنجليزية في العقد الماضي.
تخطيط بعيد المدى
غالبا ما يمتد هذا التخطيط إلى أربع سنوات في المستقبل، لكن التحديد الفعلي للهدف والتخطيط لفترتي الانتقالات التاليتين يبدآن مقدما لمدة تصل إلى عام.
ويحدد الكشافة في جميع أنحاء العالم أهداف سيتي والأندية التسعة الشقيقة في مجموعة "سيتي لكرة القدم"، ويقومون بوضع قوائم طويلة في كل مركز.
والكشافة لا يشاهدون اللاعبين وهم يلعبون، لكن يتعين عليهم إعداد ملفات عن كل لاعب، وتقييم شخصيته وخلفيته وعائلته ووكيله، وتضم تقارير الكشافين جميع قدرات كرة القدم المعتادة مثل القدرة الفنية والمراوغة والتمرير الطويل والقصير والتسديد والوعي الخططي والتمركز.. وما إلى ذلك.
ويرصدون أيضا الشخصية والعائلة والمخاطر المحتملة، وما إذا كان لديه مهارات قيادية وما سيجلبه اللاعب إلى غرفة الملابس.
وبمجرد أن يتم فرز المرشحين إلى ما إذا كانوا يناسبون مانشستر سيتي، أو ربما أكثر ملاءمة لأحد الأندية الأقل، تبدأ عملية تقليص الأعداد.
ويكمل تكسيكي بغيريستين العمل على الأشياء الأكثر أهمية عن طريق علاقاته واتصالاته المتعددة مع المديرين الذين دربوا اللاعب من قبل أو اللاعبين الذين لعبوا معه للحصول على أكبر صورة ممكنة.
وأحد الجوانب الرئيسية التي يفحصها بغيريستين هو ما إذا كان اللاعب يتمتع بالشخصية والعقلية المناسبتين للتعامل مع طبيعة غوارديولا التي تحتاج شخصية قادرة على تنفيذ كافة طلباته في التدريبات والملعب.
عمر برادة
وعمر برادة أحد الشخصيات الرئيسية فيما يتعلق بالتخطيط الاستراتيجي والانتقالات معا، والذي عمل مع بغيريستين في برشلونة، وشغل منصب مدير العمليات في سيتي لمدة أربع سنوات، وفي هذا المنصب، اعتنى بآليات العمل وكان مسؤولا عن الإدارة اليومية لكل جانب من جوانب النادي، بما في ذلك الموارد المالية والبشرية.
ولقد حقق برادة نجاحا بحيث أصبح رئيسا لعمليات كرة القدم لمجموعة سيتي لكرة القدم بأكملها، حيث يركز بالكامل على جانب كرة القدم في سيتي والأندية التسعة الشقيقة حول العالم.
وهذا يعني أنه تم إحضار رويل دي فريس، كبير مسؤولي التسويق السابق لشركة "نيسان" للسيارات، لرعاية الجانب غير المتعلق بكرة القدم من وظيفة برادة السابقة عبر المجموعة.
ويخطط برادة لما يصل إلى أربع سنوات قادمة، سواء فيما يتعلق بالعقود الحالية ومحاولة التنبؤ باللاعبين الذين قد يغادرون ومتى، وصياغة ميزانيات تقريبية بناء على نمو الإيرادات المتوقع والإنفاق الرأسمالي الآخر مثل تطوير الاستادات.
ومن الواضح أن هذا يتضمن العمل عن كثب مع بغيريستين، الذي لديه اتصال شخصي أكثر مع غوارديولا واللاعبين والوكلاء، كما أنه يراقب المواهب الناشئة من الأكاديمية، ويملك برادة توقعات حول تطوير الفريق حتى عام 2025.
تخطيط عميق
كان عمق التخطيط في سيتي سمة رئيسية لتقدمهم في السنوات الأخيرة، وكانت هناك استراتيجية متسقة منذ إقالة روبرتو مانشيني وتعيين مانويل بيليغريني مؤقتا حتى وافق غوارديولا على تولي المسؤولية.
ويعني اختيار المدربين الذين يتناسبون مع فلسفتهم، وليس العكس، إذ إنه عندما تولى غوارديولا المسؤولية، كانت لديه بالفعل نواة فريق تناسب طريقته الخاصة، ونادٍ كان فيه الجميع من تحت الثامنة إلى الفريق الأول تربوا على نفس المبادئ الأساسية.
حتى قبل وصول غوارديولا، تعاقد سيتي مع كيفن دي بروين ورحيم سترلينغ وفرناندينيو، مع العلم أنهم سيتناسبون تماما مع تخطيط المدير الفني الإسباني.
ولدى كل من برادة وبغيريستين موظفون يرسمون التكلفة المتوقعة للأهداف والأهداف المحتملة، وهذا يصب في ميزانية برادة.
ويؤدي ذلك إلى تقليص قوائم الأهداف المحتملة، عادة إلى ثلاثة، وبعد فحص جميع العوامل (القدرة والشخصية والتوافر والتكلفة والأجور) تتم العملية المعتادة في ترتيب الأهداف الثلاثة بترتيب تنازلي.
لذلك، إذا ثبت أن الهدف الأعلى أو الأول مستحيل سينتقل النادي إلى الهدف التالي في القائمة.
هذا ليس هو الحال دائما، إذ إنه عندما ذهب سيتي للتعاقد مع هاري ماغواير وتعثرت الصفقة بسبب السعر الباهظ الذي طلبه ليستر سيتي، لم يكن هناك خيار آخر، وتم تأجيل البحث عن بديل فينسينت كومباني لمدة عام آخر.
وحدث الشيء نفسه عندما كان الفريق يطارد جورجينيو من نابولي، على الرغم من أنه في تلك المناسبة كان ماريو ليمينا لاعب ساوثامبتون وماتيو كوفاسيتش لاعب ريال مدريد بديلين محتملين.
وعندما توصل نابولي إلى الصفقة، قرر سيتي عدم التراجع عن الخيارات الأخرى، وتنازل مرة أخرى لمدة عام قبل الانتقال للإسباني رودري.
الخطوات الصعبة
وعادة، بمجرد تحديد الهدف الرئيسي، تبدأ الأشياء الصعبة؛ لأنها يجب أن تتناسب مع ميزانية سيتي.
وهناك وجهة نظر عامة مفادها بأن أنسيتي ليس لديه حدود لميزانيته، وهذا خطأ لأن لدى سيتي سقفا تفرضه قواعد اللعب المالي النظيف في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أو الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أنه كان الهدف دائما هو جعل النادي يقف على قدميه بعد ضخ أولي للاستثمار بأموال الشيخ منصور.
لذلك يتم احتساب كل قرش، وتم إلغاء العديد من الصفقات من خلال إصرار برادة على الالتزام بالمعايير المالية المتفق عليها، وهذا يفسر سبب انسحاب سيتي من صفقات ماغواير وفريد وأليكسيس سانشيز ورياض محرز، في أول محاولة قبل انتقاله بالفعل.
وفي جميع مراحل العملية، يرفع بغيريستين وبرادة تقاريرهما إلى الرئيس التنفيذي فيران سوريانو ورئيس مجلس الإدارة خلدون المبارك، الذي يقوم بدوره بإبلاغ المالك الشيخ منصور بن زايد.
وبمجرد تحديد الهدف، تحاول جميع الأطراف تحديد ما إذا كان اللاعب قادرا على إتمام الصفقة. لن يكون هناك فائدة تذكر في النهج الرسمي للنادي - كما هو مطلوب بموجب قواعد الفيفا - إذا لم يكن اللاعب مهتما.
وبمجرد تحديد ذلك، يتم وضع نهج رسمي تجاه نادي اللاعب، ويصبح بغيريستين الرجل الرئيسي، في البداية يستكشف موقف النادي، وبمجرد الاتفاق على الصفقة، سيمنح النادي البائع الإذن لسيتي بالتفاوض مع اللاعب، وسيبدأ بغيريستين وغوارديولا عملية إقناع اللاعب ووكيله بالانضمام إليه.
كما أن لدى برادة دور يلعبه، حيث يضمن اتباع العمليات الصحيحة، ويضمن بقاء إجمالي الصفقة وعروض الأجور ضمن الاستراتيجية المالية للنادي.
ويُعد فريق الاتصالات بالنادي أيضا جزءا من العملية، حيث يقوم بإلغاء الصفقات غير المناسبة التي يمكن أن تضر بالنادي أو علاقته مع الأندية الأخرى ولاعبيها.
كما أنهم يتخذون الترتيبات لكشف النقاب عن صفقة جديدة بمجرد الانتهاء منها وإتمام الفحص الطبي وتوقيع العقد.
