كرة القدم الإنجليزية تسقط في أهم اختبار.. فهل تغفر لها الجماهير؟
من بين العديد من تسجيلات الفيديو المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة العزل العام في بريطانيا بسبب فيروس كورونا، كان هناك أحدهم يسخر من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بطريقة قاسية.
ويقوم الممثل الهزلي سايمون برودكين بمحاكاة ساخرة للاعب يبرر، بالإضافة لإهانة طفل صغير يلعب كرة القدم في الحديقة، حصوله على راتب يبلغ 200 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع بأنه في حاجة لسيارة جديدة كل أسبوع قبل أن يسخر من الرواتب الضعيفة لممرضات خدمة الصحة الوطنية ويطلب منهن تخفيضها.
واستخدم برودكين كرة القدم كهدف من قبل، إذ عقد مؤتمرا صحفيا هزليا ألقى خلاله دولارات على سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) وقتها، ورؤيته الآن للاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز كأهداف لسخريته مثل الرجل الذي تم إيقافه عن ممارسة أي نشاط متعلق باللعبة بعد مزاعم فساد توضح الكثير.
وبعد أسبوع من الجدل العلني حول رفض لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يبلغ متوسط أجورهم 240 ألف جنيه إسترليني شهريا، تخفيض رواتبهم بينما تستخدم الأندية الكبرى الأموال الحكومية لدفع رواتب موظفيها غير اللاعبين الذين تمنحهم إجازات إجبارية، لا يوجد الكثير من الشك في أن اللعبة ولاعبيها تلقوا لطمة قوية لصورتهم.
وقال بوبي بارنز وهو مسؤول في اتحاد لاعبي كرة القدم المحترفين "ينظر الناس إلى لاعبينا على أنهم أشرار لأنهم يتلقون رواتب جيدة في سن صغيرة. يتم تصويرهم على أنهم معدومو الضمير وهذا ظلم صارخ".
"رولز-رويس ذهبية"
وأضاف في مقابلة مع صحيفة "تايمز" "وكأن لاعبينا يشترون سيارات رولز-رويس ذهبية كل يوم. إنهم لا يفعلون ذلك".
ولا يوجد شك في أن العديد من لاعبي كرة القدم يقدمون مساعدات سخية، مثل أغلب الأندية المرتبطة ببرامج مجتمعية فعالة طيلة العام.
ومن الأمور المعبرة أن أحد نجوم المستقبل في اللعبة، وهو جود بلينغهام لاعب وسط برمنغهام سيتي الذي ارتبط بالانتقال إلى مانشستر يونايتد، مشترك بقوة في أعمال خيرية لمساعدة مدرسة في كينيا رغم أن عمره 16 عاما فقط.
والأزمة أن كل هذا العمل توارى في ظل المشاحنة العلنية حول المال بين اتحاد اللاعبين المحترفين ورابطة الدوري الممتاز والأندية، في وقت ترزح فيه العديد من الأعمال تحت وطأة العزل العام.
وأمس الأربعاء، أعلنت مجموعة من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز عن مبادرة "لاعبون متحدون" الخيرية للمساعدة في جمع أموال لصالح مؤسسات تدعم خدمة الصحة الوطنية، لكن الضرر الذي أصاب سمعتهم ربما يكون من الصعب إصلاحه.
وقال دارين إنيس مستشار الأزمات المتعلقة بالتواصل لدى فورتولد "أعتقد أن الدوري الإنجليزي الممتاز فقد السيطرة على سرد روايته الخاصة.
وأضاف "كان يجب أن يستبق الأحداث. كان ينبغي أن يضع عدة سيناريوهات ومن بينها التأثير على سمعته عند اتخاذ قرارات مختلفة".
رد فعل عنيف
لم يشعر اللاعبون فقط بأنهم تحت ضغط عنيف من الرأي العام.
وتراجع ليفربول بعد غضب تجاه قراره باستخدام الأموال العامة لدفع رواتب موظفيه غير اللاعبين بينما يستمر في دفع الأجور الهائلة للاعبي الفريق الأول.
وتمسك توتنهام هوتسبير، الذي افتتح الموسم الماضي استاده الجديد الذي تكلف مليار جنيه إسترليني، بموقفه باستغلال المساعدة الحكومية لدفع أجور الموظفين غير اللاعبين وسار نيوكاسل يونايتد على النهج نفسه.
وقال جوليان نايت عضو البرلمان عن حزب المحافظين ورئيس اللجنة المعنية بالرياضة في البرلمان: "للمرة الأولى يتوقف الدوري الإنجليزي الممتاز عن الدفاع عن المستضعفين".
وتابع "يجب أن يتوصلوا إلى طريقة لدفع رواتب طاقم النادي دون استغلال أموال الخطة الحكومية".
وربما كان من المدهش أن تتعامل صناعة تجلب قدرا هائلا من الإيرادات من اتفاقات البث التلفزيوني وتحظى بتغطية إعلامية تفوق أي رياضة أو عمل آخر بهذا الارتباك.
وقال كريس باكلي رئيس شركة سبورت أكيوتي للاستشارات: "ما يحدث يتعلق بفشل كرة القدم في توحيد الصف والتصرف بدون قيادة شاملة. والانطباع عنها أنها مجموعة من المؤسسات تهتم بمصالحها الشخصية فقط وبأجندات مختلفة".
لكن باكلي لا يعتقد أن تضرر السمعة سيؤثر على حضور الجماهير للمباريات.
وأضاف "الجماهير تتساهل كثيرا وأنا متأكد من تدفقها على الملاعب عندما تعود الحياة للمباريات".
وقال إنيس: "لكن بالنسبة للجمهور الأوسع نطاقا سيتعين على الدوري الممتاز واللاعبين بذل كثير من الجهد للتعافي من الضرر الذي أصاب صورتهم".
وأردف "فقدوا التواصل مع الجمهور الأساسي وربما يتعرضون للعقاب عن ذلك على المدى الطويل".
