المصريون يسخرون من هزائمهم الرياضية

القاهرة- الفريق المصري تعمد الهزيمة في مباراة السنغال بتعليمات من جهات سيادية، حتى لا يسافر إلى غينيا الاستوائية ويأتي بمرض الإيبولا إلى مصر ".. لم ترد هذه الكلمات في سياق مناقشة جادة تبحث أسباب هزيمة مصر أمام السنغال، ولكنها لا تعدو أن تكون كلمات ساخرة نقلها الطالب الجامعي خالد حمدي إلى أصدقائه من إحدى الصفحات التي يتابعها عبر موقع الفيسبوك.

وعقب هزيمة المنتخب المصري أمام السنغال في المباراة، التي جمعتهما السبت الماضي، ليغيب عمليا عن التصفيات المؤهلة لأمم أفريقيا 2015، لم يهدأ هاتف حمدي ذو العشرين ربيعا، فما أن أطلق حكم المباراة صافرة النهاية، حتى أخذ هاتفه يصدر إشارات صوتية تعلن عن استقبال حسابه بموقع الفيس بوك لتعليقات كان من بينها هذا التعليق.

ورغم حالة الحزن التي بدت عليه وهو يتفاعل مع أحداث المباراة مع مجموعة من أصدقائه في أحد المقاهي بمدينة 6 أكتوبر، إلا أن هذا التعليق وغيره من التعليقات الساخرة، كانت سببا لرسم البهجة على الوجوه بعد انتهاء المباراة، وتنافس الجميع لانتزاع الضحكات بتعليقات أكثر سخرية، دغدغوا بها مشاعر الهزيمة.

أحد هذه التعليقات، جاء على لسان المهندس الشاب محمد مرجان (23 عاما) الذي قال لأصدقائه: " التلفزيون المصري يعلن: منتخبنا فاز على السنغال وصعد لنهائيات كأس الأمم ولا صحة لما يتداوله المغرضون"، وذلك في إشارة إلى نفي التلفزيون المصري الدائم لأي تقارير سلبية يتم تداولها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وانتزع التعليق ضحكات مرجان ومتابعيه من عشاق كره القدم، ولم يقطع هذه الضحكات إلا تعليق زميلهم المحاسب باسم أبو الخير (22 عاما)، قائلا: "يا مستني مصر تكسب السنغال، يا مستني صافيناز تلبس الإسدال".

وازدادت وتيرة الضحك مع تعليق أبو الخير، وازدادت معه المنافسة في انتزاع الضحكات، فأخرج المحامي الشاب عمرو عاشور (24 عاما) من جعبته تعليقا رابعا قال إنه جاء في هاشتاغ "مصر والسنغال" على موقع تويتر.

وامتلأ الهاشتاغ، الذي تصدر "هاشتاغات" موقع تويتر الأحد، بالعشرات من التعليقات الساخرة، من حيث عدد المتفاعلين معه، وقال عاشور إن التعليق يحمل تلميحات سياسية.

ويقول التعليق: "وايه يعنى مصر ماتصعدش لأمم افريقيا ؟! ما عندك منتخب البرازيل وإسبانيا ماصعدوش في أي مرة لأمم أفريقيا".

ومثل سابقه يطلب المهندس هاني حامد (24 عاما) من زملائه التوقف عن الضحك، طالبا منهم الحديث بجدية، فيصمت الجميع للحظات منتظرين أن يسمعوا كلام جديا، غير أنه فاجئهم بقوله ساخرا : "الجمهور هو السبب .. عارفين ليه؟ اللاعبون تعودوا على اللعب بدون جمهور، تقوم تجبلهم 30 ألف مشجع أهم اتفزعوا".

وبسبب الأوضاع الأمنية في مصر تلعب مباريات الدوري العام بدون جمهور، وهناك مطالبات متصاعدة بعودتهم للملاعب، غير أن الأمن لا يزال متحفظا على ذلك.

وأثرت هذه الأوضاع - أيضا - على المناخ العام السائد في مصر، فلم تعد كره القدم ضمن أولويات اهتمام المصريين منذ قاموا بثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وتخلفت مصر عن التأهل لبطولتي كأس الأمم الإفريقية في عامي 2012 و2013، وأصبحت فرصتها في التأهل للبطولة القادمة في يناير/ كانون الثاني المقبل بعد الهزيمة من السنغال شبه معدومة.

وليست هذه المره الأولى التي يستقبل فيها المصريون الهزيمة بالسخرية، بل إنهم لجأوا إلى ذلك في مواقف كثيرة تاريخيا سواء في مجال الرياضة أو السياسة.

ورفض محمد فهمي أخصائي الطب النفسي بوزارة الصحة المصرية وصف ذلك بـ "الانهزامية " أو " اللامبالاة "، وعلق عليها بقوله : "إنها عبقرية المصريين".

وأضاف لوكالة الأناضول:" إننا نضحك حتى لا نبكي، ونسخر حتى لا نيأس، نمرح حتى لا نصاب بالاكتئاب، وهذه عبقرية من المفترض أن نحسد عليها".

وبعد تغلبه على منتخب مصر في القاهرة، بهدف نظيف السبت الماضي، لحق المنتخب السنغالي بنظيره التونسي في التأهل عن المجموعة السابعة إلى بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2015 بغينيا الاستوائية.

وبذلك، تضاءلت فرصة المنتخب المصري نحو التأهل إلى أمم أفريقيا للمرة الثالثة على التوالي.

والمنتخب المصري هو أكثر منتخبات القارة السمراء فوزا بلقب كأس الأمم الأفريقية، حيث فاز بها 7 مرات.