الساعات الذكية.. تطور سريع ومنافسة محتدمة

ازدهر سوق الساعات الذكية بشكل كبير مؤخرا، واحتدمت المنافسة بين الشركات التقنية الكبرى لتحويل ساعاتها من مجرد منتج ثانوي يمكن الاستغناء عنه إلى قطع محورية مؤثرة في الحياة اليومية.

وانعكس هذا الاهتمام في صورة تطور كبير شمل مختلف التقنيات التي وصلت إليها الساعات الذكية الجديدة للعام الحالي، سواء على مستوى جوانب التصميم أو البرمجيات أو المستشعرات الصحية.

وباتت شركات مثل سامسونغ وأبل وغوغل تحرص على تضمين تلك المستشعرات المتطورة داخل هيكلها الضئيل ذي المساحة المحدودة، مع البرمجيات الذكية القادرة على إتمام معالجة البيانات بشكل فعّال وآني مع ترشيد استهلاكها من الطاقة.

تحرير الساعات الذكية من صورتها النمطية الخاصة بكونها منتجا يستهدف الباحثين عن الرفاهية والترف كان خطوة مميزة أسهمت مختلف الشركات الكبرى في إحداثها وجعلها ملموسة بشكل واضح بالنسبة لجمهور السوق التقني.

وشهد الربع الثاني من العام 2022 ارتفاعا في مبيعات الساعات الذكية نسبته 9.3% مقارنة بالربع الأول، حسب تقرير مؤسسة "كاناليس" الإحصائية.

وسجل العام الجاري طفرة كبرى في المزايا الصحية المقدمة لمستخدمي الساعات الذكية، وعلى رأسها تتبع المتغيرات الحيوية المختلفة، مثل قياس النبض وضغط الدم وكذلك متابعة حالة وكفاءة القلب.

ووصل التطور التقني في الساعات الذكية إلى تتبع دقيق لفترات التبويض لدى السيدات، إلى جانب مساعدة السيدات على متابعة الدورة الشهرية بشكل دقيق.

التواصل المستقل

وارتقت قدرات الساعات الذكية في تقديم مزايا دعم الاتصالات المتطورة لمستخدميها، فمؤخرا مع انتشار دعم الشركات للشرائح الافتراضية للاتصالات eSIM، أصبحت الساعات الذكية أكثر استقلالية وأقل اعتمادية على الاتصال بالهواتف.

وباتت الساعات الذكية تقدم مزاياها منفردة مثل استقبال وإجراء المكالمات وتبادل الرسائل النصية، واستخدام التطبيقات المختلفة عبر الاتصال بالإنترنت سواء عبر تلك التقنية، أو كذلك عبر استخدام الاتصال بالواي فاي.

واستطاعت الشركات الثلاثة، أبل وسامسونغ وهواوي، رفع مستوى المنافسة فيما بين ساعاتها الذكية عبر تزويد إصداراتها الجديدة بأحدث الإمكانيات والمزايا.

ونستعرض في التقرير التالي مجموعة من أبرز ساعات العام الجاري التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك قدرتها على فرض نفسها في سوق التقنية كأهم المنتجات الحالية في الأسواق.

وكانت شركات أبل وسامسونغ وهواوي وغوغل هي السباقة في حجز مكان لها في سوق الساعات، بينما تنافس من بعيد شركات مثل أوبو وهونور وشاومي وغيرها محاولة اللحاق بالركب.

عائلة "أبل ووتش 8"

قدمت أبل هذا العام عائلة ساعات جديدة هي Apple Watch 8 Series التي جاءت بإصدارين، الأول "أبل ووتش SE 2" والثاني "أبل ووتش ألترا".

جاءت "أبل ووتش 8" بزيادة في مساحة امتداد الشاشة قدرها 5%، مع مقاومة أفضل للمياه والأتربة والكسر، بجانب تقديم وضع توفير الطاقة Low-Power Mode، من خلال تقليل إضاءة الشاشة وإيقاف بعض المستشعرات، ما سيضاعف ذلك من عمر البطارية من 18 ساعة إلى 36 ساعة.

وتأتي الساعة الجديدة بخاصية جديدة لرصد درجة حرارة الجسم بدقة فائقة من خلال استخدام مستشعرين للأشعة تحت الحمراء، وزودت أبل ساعتها الجديدة بميزة التقاط الحوادث Crash Detection لرصد حوادث الطرق.

أما ساعة "أبل ووتش SE 2" الجديدة فجاءت بنفس مستشعرات "أبل ووتش 8"، إلى جانب شاشة أكبر بنسبة 30% وأداء أسرع من الجيل الأول بنسبة 20%، مع إمكانية الاختيار من أشكال مختلفة للوجوه بتصميمات تناسب الأطفال، وتسمح بدرجة تتبع دقيقة للأنشطة الرياضية، إلى جانب دعم ميزة الدفع الذكية من Apple Pay.

أما إصدار "أبل ووتش ألترا" فيقدم مستوى مميزا من التصميم والإمكانيات، حيث إن هيكلها بالكامل من التيتانيوم لتكون لديه صلابة وقدرة أكبر على مقاومة الظروف الصعبة من الأعمال الشاقة أو التحرك في الظروف البيئية الوعرة.

ولتقدم الساعة أداء مميزا زودتها أبل بطارية تحمل أكبر سعة في تاريخ ساعات الشركة، تقدم 36 ساعة من العمل، بما يتناسب مع احتياجات مرتديها من البقاء لتزوده بكافة البيانات المطلوبة خلال مهامه الصعبة في مختلف البيئات.

ومع تزايد الاعتماد على الساعات الذكية كأداة لمتابعة السلامة والصحة الشخصية، زودت الشركات ساعاتها بمزايا مثل التقاط السقوط Fall Detection، والتي ترصد سقوط مرتديها ومراسلة جهات الاتصال المحددة مسبقا وكذلك الاتصال بالطوارئ مع مشاركة الموقع الجغرافي للمستخدم لإغاثته.

وعبر وضع المساعد الصوتي الذكي على الساعات في سياق واحد مع توسيع دعم منصة Matter الموحدة للمنازل الذكية، أصبح بإمكان العديد من مستخدمي الساعات التحكم في الأجهزة المنزلية الذكية الداعمة للمنصة من خلال التفاعل بالأوامر الصوتية مباشرة.

أبل قامت بتقديم دعم منصة "ماتر" الذكية لساعاتها العاملة بنظام تشغيل watchOS 9 الأحدث، وبذلك ستكون هناك سهولة أكبر للتحكم في أجهزة المنازل الذكية.

عائلة "غلاكسي ووتش 5"

بينما قامت الشركة الكورية الجنوبية سامسونج بإطلاق عائلة ساعاتها الجديدة Samsung Galaxy Watch Series 5، التي تتضمن معالج سامسونج الخاص Exynos W920، وهو نفس معالج الجيل السابق من الساعة، بصحبة ذاكرة عشوائية 1 جيجابايت وذاكرة داخلية 16 جيجابايت، وتعمل الساعات الجديدة ببطاريات أكبر بنسبة 13% مقارنة بساعات جلاكسي ووتش 4، مع دعمها بقدرة أسرع على الشحن.

حاولت سامسونج تمييز الإصدار "البرو" من ساعاتها الجديدة عبر تزويده بهيكل من التيتانيوم، كما تخلت الشركة عن الحواف الدوارة، التي كانت تميز معظم ساعاتها الذكية على مدى السنوات الماضية.

وكانت سامسونج قد سبقت أبل إلى تقديم مستشعر قياس حرارة الجسم، من خلال استخدام تقنية الأشعة تحت الحمراء، وذلك ضمن حزمة مستشعراتها لقياس المتغيرات الصحية لجسم المستخدم BioActive، والتي تتضمن مستشعرات قياس نبض القلب ونسبة الأكسجين في الدم.

عائلة "هواوي جي تي 3 برو"

كانت ساعة HUAWEI WATCH D هي أبرز ما خرجت به الشركة الصينية خلال العام 2022، والتي تعتبر أول ساعة في العالم تقدم ميزة قياس ضغط الدم في الوقت الفعلي.

وإلى جانب قياس ضغط الدم تقدم ساعة هواوي الثورية ميزة تحليل تخطيط القلب، وهما ميزتان تتطلبان أجهزة دقيقة توجد في المستشفيات والمراكز الصحية، إلا أن ساعة هواوي جعلت الأمر أكثر سهولة.

وقبل ذلك، طرحت هواوي ساعاتها الذكية Huawei Watch GT 3 Pro والتي تأتي بباقة من المستشعرات الصحية الدقيقة مثل رسم القلب الكهربي وقياس مستوى الأكسجين في الدم عبر مستشعر SpO2 وكذلك متابعة دقيقة لكفاءة وأداء القلب، والكشف المبكر لتصلب الشرايين.

وتقدم الساعة أكثر من 100 وضع رياضي، بما في ذلك الجري وركوب الدراجات والسباحة والمزيد، إضافة إلى ميزات مثل تتبع سرعة الرياح واكتشاف الاتجاهات وغيرها.

يضاف لذلك وضع المدرب الذكي الذي يقدم برنامجا تدريبيا يقوم على تحليل النشاط الدوري للمستخدم وكذلك سجل تاريخ مسافات الجري التي قطعها والفترات التي استمر خلالها في ممارسة تمارين اللياقة والروتين اليومي للجري، مع وضع أهداف شخصية تناسب قدرات المستخدم.

إلى جانب ذلك فإن الساعة المميزة تقدم دقة فائقة في تحديد الموقع الجغرافي من خلال نظام ثنائي الحزم للتبع الجغرافي، وذلك عبر الاعتماد على نظام GNSS والذي يتضمن 5 أنظمة للأقمار الصناعية وهي GPS وBeidou وGLONASS وGalileo وQZSS.