أين وصلت الجهود العملية لإعادة التدوير.. وما دور العالم العربي فيها؟

أين وصلت الجهود العملية لإعادة التدوير.. وما دور العالم العربي فيها؟

النفايات أحد أكبر التحديات التي تواجهها مدن العالم لما يترتب على التخلص منها من تبعات بيئية واقتصادية، إلا أنها قابلة للتحول إلى مصدر مهم جدًا من مصادر الطاقة المتجددة.

وتشهد دول عدة حول العالم توجهًا طموحًا لإعادة تدوير النفايات الصلبة وتحويلها إلى طاقة، للحد من رميها في مكبات النفايات والتقليل من أضرارها البيئية.

تقنيات حديثة

وتستمر الجهود البحثية لإيجاد أفضل الحلول التقنية لإعادة التدوير، ويدخل في هذا الإطار تطوير فريق بحثي من جامعة "آلتو" الفنلندية، حديثًا لتقنية ذكاء اصطناعي مجانية تسمح للمقاولين بحساب كمية النفايات البلاستيكية المتولدة عن عمليات البناء، ما يتيح تحديد أمكنة إعادة التدوير اللازمة والزمن المناسب لها.

وفحص الباحثون لأول مرة كمية الرقائق البلاستيكية المستخدمة في بناء المجمعات السكنية، وأشاروا الى أن معرفة كمية النفايات في المراحل المختلفة من عملية البناء تمكن المقاولين من إعادة التدوير بفاعلية.

وتصل كمية هائلة من مواد البناء كألواح الجبس وخزائن المطبخ والأرضيات الخشبية ومواد الصوف العازل إلى مواقع البناء مغلفة بغطاء بلاستيكي. 

وقال الأستاذ الدكتور آنتي بيلتوكوربي، المشارك في الدراسة: "يتخلص المقاولون حاليا من النفايات البلاستيكية من خلال حرقها، عوضا عن رميها مع النفايات الأخرى، ومع أنه حل نهائي لكنه بالطبع ليس الحل الأفضل للبيئة"؛ وفقا لموقع تك إكسبلور.

وتضمن البحث ثلاثة مواقع بناء خرسانية، ومجمعا سكنيا مبنيا من الخشب، ودرس الباحثون مجموعات منفصلة من نفايات الرقائق البلاستيكية في مواقع البناء، وسجلوا أوقات إفراغ صناديق التجميع ووزن النفايات وبيانات عن كمية البلاستيك الملون والبلاستيك المتسخ.

وبلغ متوسط كمية النفايات البلاستيكية 0.33 كيلوجرام لكل مربع إجمالي من مساحة الشقق في المباني الخرسانية، ما يعادل 26.2 كيلوجرام لكل شقة، بينما أنتجت الشقق الخشبية 3.4 ضعف كمية النفايات بالمقارنة مع الموقع الخرساني، ويعود السبب إلى الحاجة لتغطية مواد الإكساء الخارجية بمواد بلاستيكية لحمايتها.

وفي حين كانت نسبة 15 إلى 30% من البلاستيك الملون والمتسخ هي الأكثر استخداما في التغليف، فإن تلوين البلاستيك أو الأوساخ الملتصقة به تصعب إعادة تدويره، إذ ينتج عنها بلاستيك رمادي سيئ.

تجارب عالمية

وتحتل اليابان مركزًا متقدمًا في نسبة النفايات التي تحولها إلى طاقة من مجموع النفايات الصادرة عن مدنها.

ويتباين حجم النفايات البلدية المستخدمة لتوليد الكهرباء في الدول الصناعية وفقًا للمساحات المخصصة للردم وتكلفة نقلها.

وفي الولايات المتحدة يُستخدَم 12.7% فقط من النفايات البلدية الصلبة لهذا الغرض، فيما ترتفع تلك النسبة إلى مستويات أعلى في الدول الأوروبية، إذ تتراوح بين 18% في بريطانيا و65% في السويد وتصل في سويسرا إلى 85%.

ويبلغ عدد محطات الكهرباء المُعتمِدة على استخدام النفايات وتحويلها إلى طاقة حول العالم نحو 668 محطة؛ منها 400 في القارة الأوربية و100 في اليابان و89 في الولايات المتحدة و79 في بلدان آسيوية.

وجميع تلك المحطات تعمل بتقنية حرق كتلة النفايات واستخدام إنتاجها الحراري المترتب عن حرق ما بين 200 طن و 10 آلاف طن من النفايات الصلبة يوميًا، في التدفئة وتوليد الطاقة الكهربائية.

مبادرات عربية

ولدول عربية عدة تجارب ناجحة في إعادة تدوير النفايات؛ ومنها تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سبق أن أطلقت منشأة "فرز" ذكية.

وتعيد المنشأة تدوير 1200 طن من النفايات الصلبة يوميًا وتحولها إلى طاقة، أي نحو 13% من إجمالي النفايات الناتجة في دبي بشكل يومي مع معدل استعادة للمواد يتراوح من 25 إلى 30%.

وتمتد المنشأة على مساحة 45322 مترًا مربعًا، بما يتماشى وهدف رؤية دبي 2021 المتمثل في إعادة تدوير وإعادة استخدام 75% من نفايات المدافن.

وبدأت إمارة دبي أيضًا ببناء أكبر محطة لتحويل النفايات إلى طاقة في منطقة الورسان، لتنير أكثر من 20 ألف منزل.

ونفذت دولة الإمارات، خلال الأعوام الأخيرة، سلسلة إجراءات للحد من التلوث البيئي وإعادة تدوير النفايات؛ والبلاستيكية منها بشكل خاص، لتحقيق استدامة في هذا المجال. طارحة برامج عدة؛ منها مشاريع متكاملة لإدارة النفايات في مختلف مدنها.

ونذكر أيضًا مشروع معالجة النفايات البلدية الصلبة لإنتاج الوقود البديل في إمارة أم القيوين، الرامي إلى معالجة النفايات البلدية الصلبة المتولدة في إمارتي عجمان وأم القيوين، واستثمارها في توفير الطاقة لمصانع الإسمنت المعتمدة على الفحم في عملياتها التشغيلية.

وفي العاصمة الاتحادية أبوظبي، تصل الطاقة الاستيعابية لمصنع الإمارات لإعادة تدوير البلاستيك، إلى 50 طنًا يوميًا؛ وفقًا لمركز أبوظبي لإدارة النفايات (تدوير).

وبدأت إمارة الشارقة أيضًا، بإنشاء محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة نظيفة ضمن مساعيها لتكون أول مدينة في العالم العربي تتفادى إرسال النفايات إلى المكبات.

أول مشروع سعودي

وفي إطار المساعي الرسمية لتخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتنويع مصادر إنتاج الطاقة، تسعى المملكة العربية السعودية إلى إطلاق أول محطة لمعالجة النفايات الصلبة وتحويلها إلى طاقة خلال العام 2023.

وذكرت الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير إن المشروع سيوفر فرصًا استثمارية كبيرة للشركات المحلية والدولية في قطاع التقنيات النظيفة وإدارة النفايات.

وأعلنت الشركة كذلك، عن بناء أول منشأة من نوعها لإعادة تدوير وفرز مخلفات الهدم والبناء في العاصمة الرياض، وتحويلها إلى مواد قابلة لإعادة الاستخدام لمشاريع الإسكان والبنية التحتية.

وكانت المملكة تعيد تدوير حوالي 10% فقط من المواد القابلة لإعادة التدوير، البالغ حجم إنتاجها السنوي نحو 50 مليون طن.

في حين تتخلص من حوالي 90% من المواد عن طريق الطمر، ما يلحق ضررًا كبيرًا بالبيئة، ويمنع الاستفادة من المواد القابلة لإعادة التدوير؛ وفقًا لدراسات أجراها صندوق الاستثمارات العامة.

وسبق أن أشار جيرون فنسنت، الرئيس التنفيذي للشركة، إلى أن الخطة المستقبلية للمنشأة تهدف إلى إعادة تدوير47% من حجم الإنتاج السنوي لنفايات البناء والهدم في الرياض البالغة نحو 5 ملايين طن سنويًا، ورفع وإزالة وإعادة تدوير نحو 20 مليون طن من مخلفات البناء والهدم المتناثرة في الأحياء والشوارع، بحلول العام 2035. 

مبادرة "كون" المغربية

وانطلقت في المملكة المغربية كذلك مبادرات مماثلة؛ منها مبادرة "كون" لإعادة تدوير النفايات وتحويلها إلى سلع قيِّمة، في الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمملكة وأكبر مدنها، في محاولة للحد من التأثيرات السلبية لتراكم النفايات؛ والبلاستيكية منها بشكل خاص.

وتضم مؤسسة "كون" 3 خطوط لإعادة تدوير نفايات البلاستيك والورق والنسيج، تستقبل كل يوم من 15 إلى 40 كيلوجرامًا من النفايات.

وتوفر المؤسسة فرص عمل لشباب وشابات في الدار البيضاء، ممن يحولون النفايات إلى سلع مفيدة بتصاميم معاصرة، تُباع في المتجر التابع للمؤسسة أو من خلال البيع الإلكتروني على شبكة الإنترنت.

الوعي البيئي في الكويت

وفي دولة الكويت، أطلقت شركة "أمنية" الناشئة، مبادرة صديقة للبيئة لإعادة تدوير البلاستيك من النفايات للتقليل من الأضرار البيئية الناجمة عنها، وتسريع تحللها وإيجاد استخدامات مفيدة لها بدلًا من تركها في الطبيعة واستغراقها قرونًا عدة لتتحلل.

ونظمت الشركة حملات لزيارة المنازل وتوعية الأهالي بضرورة فرز النفايات وحملات أخرى في أكثر من 90 مدرسة، لنشر الوعي البيئي بين الطلبة.

وأطلقت الشركة أول مصنع لإعادة تدوير البلاستيك في الكويت بعد تلقيها دعمًا ماديًا جزئيًا من الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com