كيف تدمّر العواصف الشمسية شبكات الإنترنت والأقمار الاصطناعية؟

كيف تدمّر العواصف الشمسية شبكات الإنترنت والأقمار الاصطناعية؟

أفاد تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن العلماء يعملون حاليًا على استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بشكل أفضل بتأثيرات النشاط الشمسي والعواصف الشمسية على الاتصالات والأقمار الصناعية، وإعطاء الأرض المزيد من الوقت لإصدار إنذارات مبكرة لحماية الإلكترونيات.

وأشار التقرير إلى أن احتمالية تعطل شبكات الكهرباء وقطع خدمات الإنترنت عن ملايين المستخدمين حول العالم أمر ممكن، وهي مشكلة تتطلب شهورًا أو حتى سنوات من عمليات إعادة البناء.

العواصف الشمسية تهدد شبكات الكهرباء والاتصالات

وأفاد التقرير أنه على الرغم من أن احتمالات حدوث عاصفة شمسية كبيرة ذات تأثير واسع النطاق على شبكات الاتصالات والاقمار الصناعية منخفضة، إلا أن ذلك يعتمد بشكل كبير على عوامل عدة من بينها حالة المجال المغناطيسي لكوكب الأرض.

وأضاف التقرير أنه من شبه المؤكد أن شكلاً من أشكال هذه الكارثة سيحدث يومًا ما، كما يقول "إيان كوهين"، كبير العلماء وأستاذ الفيزياء الشمسية في مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية.

وبدأ عدد من الوكالات الحكومية الدولية، والمئات من العلماء المنتمين لهذه الوكالات بالعمل على دراسة عملية التنبؤ بتأثير النشاط الشمسي على كوكب الأرض، حيث يرى عدد من العلماء أن الذكاء الاصطناعي سيكون عنصرًا أساسًا في الجهود الرامية إلى إخطار كوكب الأرض مسبقًا بمثل هذه العواصف الشمسية وتأثيراتها المحتملة.

وتُعرف أخطر هذه العواصف الشمسية باسم "الانبعاث الكتلي الإكليلي" والتي تنبعث من خلالها عروض ضوئية خلابة الشكل والألوان، مثل الشفق القطبي المتدفق عبر السماوات، الذي يعرف أيضًا باسم الفجر الكاذب، ولكنها يمكن أيضًا أن تتسبب بحدوث نوع من الأزمات غير المتوقعة.

وأشار التقرير إلى أنه ينبعث من هذه العواصف كتل ضخمة من الجسيمات المشحونة من الغلاف الجوي عن طريق المجالات المغناطيسية المتغيرة، وذلك بسرعات صاروخية تزيد على 8000 مرة عن سرعة الصوت، ولكننا نادرًا ما ندركها لأنها تؤثر علينا فقط عندما تصطدم بالأرض.

"يمكن للعواصف الشمسية التي تحدث بالقرب من كوكب الأرض أن تسخّن الغلاف الجوي، مما يؤدي لتمدده ولاحقًا اصطدام بعض الأقمار الصناعية في مدارات منخفضة بسطح الغلاف الجوي".

كيف تؤثر هذه الجسيمات على شبكات الكهرباء والإلكترونيات؟

يقول التقرير إن لهذه الانفجارات الضخمة من الجسيمات تأثير خطير للغاية على شبكات الكهرباء والإلكترونيات؛ فعندما تصطدم هذه الجسيمات بكوكب الأرض فإن تفاعل المجال المغناطيسي للشمس مع مجالنا الأرضي يمكن أن يؤدي لحدوث تيارات كهربائية كبيرة على الأرض، وإذا سبق لك أن حركت مغناطيسًا ذهابًا وإيابًا عبر سلك نحاسي لإضاءة مصباح كهربائي في صف العلوم، سيكون هذا هو التأثير نفسه، ولكن على نطاق عالمي.

وأشار التقرير إلى أن العاصفة الشمسية يمكن أن تحفز حدوث تيارات قوية في خطوط الكهرباء بما يكفي لعرقلة آليات السلامة أو حتى إلحاق أضرار جسيمة بأجزاء من البنية التحتية لمحطات الطاقة في عالمنا.

وعلى الرغم من أن كابلات الألياف الضوئية الخاصة ببيانات الإنترنت والموجودة تحت سطح البحر لا تحمل الكهرباء، إلا أنها تحتوي على "مكررات إشارة كهربائية" وتعمل هذه المكررات على تعزيز الإشارة الضوئية أثناء انتقالها على طول الكابل، وإذا تم تعطيلها بسبب هذه الجسيمات سيتوقف الكابل عن العمل.

كما يمكن أن تشكل العواصف الشمسية أيضًا تهديدًا على الأقمار الصناعية في مدارات أعلى حول الأرض - مثل الأقمار الصناعية التي تزود نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) من خلال إحداث ارتفاع كبير في ما يسمى بـ"الإلكترونات القاتلة" ما يؤدي لإلحاق الضرر بها أو تعطلها.

وعلى الصعيد ذاته، يمكن للعواصف الشمسية التي تحدث بالقرب من كوكب الأرض أن تسخن الغلاف الجوي، مما يؤدي لتمدده ولاحقًا اصطدام بعض الأقمار الصناعية في مدارات منخفضة بسطح الغلاف الجوي. وقد حدث ذلك، في فبراير العام 2022، مما أدى إلى تدمير 40 قمرًا صناعيًا من نوع "ستارلينك."

متى تضرب العواصف الشمسية الأرض؟

وتختلف التقديرات حول عدد المرات التي تضرب فيها العواصف الشمسية الكبيرة كوكب الأرض.

وتشير الأبحاث التي أجراها "ديلوريس نيب"، الأستاذ في جامعة كولورادو، إلى أن العواصف الشمسية والتي يمكن أن تتسبب في حدوث "الشفق القطبي" المرئي تحدث مرة كل 60 عامًا تقريبًا.

ومن ناحية أخرى، يقدر كوهين أن عاصفة شمسية كبيرة تضرب الأرض كل 150 عامًا أو نحو ذلك.

وتعكس هذه التقديرات المختلفة جزئيًا أننا لا نملك تعريفًا رسميًا أو حتى جيدًا جدًا لعاصفة شمسية من نوع "كارينجتون"، التي سميت على اسم عالم الفلك البريطاني "ريتشارد كارينجتون" والتي ضربت الأرض العام 1859.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمر لا يتطلب عاصفة شديدة القوة لإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية لشبكات الاتصالات والأقمار الصناعية.

وبحسب التقرير ستكون الأقمار الصناعية التي تدور على ارتفاعات عالية فوق الأرض في ما يسمّى "بالمدار الثابت" هي أول من يشعر بآثار هذه العواصف الشمسية.

وقد يؤدي فقدان هذه الأقمار الصناعية إلى انقطاع خدمات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في جميع أنحاء العالم.

وأشار التقرير إلى أننا ندخل فترة ذروة النشاط الشمسي في دورتها التي تبلغ 11 عامًا، والتي ستحدث، في منتصف عام 2024، حيث أثبتت أنها بالفعل أكثر عنفًا من الدورات الشمسية في العقود الثلاثة الماضية.

ويقول "كوهين" إنه مثلما تشهد الأرض مواسم أعاصير، فإنه يمكننا القول إننا ندخل موسم العواصف الشمسية، وعندما يتعلق الأمر بالحدث الكبير التالي، يقول كوهين: "لا أعتقد أننا سنعود إلى العصر الحجري، ولكن هناك أحداثًا مهمة يمكن أن تحدث، وعلينا أن نكون مستعدين".

وأفاد التقرير بأنه في الوقت الحاضر، لا يوجد نظام إنذار قادر على إعطائنا إشعارًا مسبقًا قبل بضع ساعات من حدوث عاصفة شمسية مدمرة.

هل من تحذير مبكر؟

واقترحت وكالة الفضاء الأوروبية نظامًا للمساعدة في إصدار تحذير مبكر من خلال وضع قمر صناعي يُطلق عليه اسم "فيغيل" Vigil في مدار حول الشمس، ومن المحتمل أن يقدم للأرض تحذيرًا بشأن حدوث عواصف شمسية قبل ما يصل إلى 5 ساعات، وهو ما يكفي من الوقت للقيام بما يمكن أن يساعدنا في الحفاظ على الشبكات الإلكترونية، وذلك من خلال إيقاف تشغيلها جميعًا.

وفي المقابل، هناك آلية أسرع من ذلك يتم العمل عليها حاليا بحسب التقرير وهي الاستفادة من نموذج يعتمد على الذكاء الاصطناعي والذي تم كشف النقاب عنه، مؤخرًا، من قبل العلماء في مختبر "فرونتير ديفلوبمانت لابز" Frontier Development Lab وهو مشروع مشترك بين القطاعين العام والخاص الأمريكيين والذي يضم: وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ووزارة الطاقة الأمريكية.

ويستخدم هذا النموذج الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي آلية فحص تعمل على رصد تدفق الرياح الشمسية، وقياس الجسيمات التي تقذفها الشمس إلى الخارج إلى ما هو أبعد من مدار بلوتو.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com