كيف تستخدم روسيا "التكنولوجيا الاستبدادية" للحد من انتشار فيروس كورونا؟‎
كيف تستخدم روسيا "التكنولوجيا الاستبدادية" للحد من انتشار فيروس كورونا؟‎كيف تستخدم روسيا "التكنولوجيا الاستبدادية" للحد من انتشار فيروس كورونا؟‎

كيف تستخدم روسيا "التكنولوجيا الاستبدادية" للحد من انتشار فيروس كورونا؟‎

أصبحت روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين رائدة في مجال التكنولوجيا الاستبدادية، ففي العام الماضي، وافق زعيم الكرملين على إجراءات من شأنها أن تمكن الحكومة من إنشاء شبكة إنترنت سيادية روسية، معزولة عن بقية العالم.

والآن منح وباء كوفيد-19 السلطات الروسية فرصة لاختبار سلطات وتكنولوجيا جديدة، ويشعر دعاة الخصوصية وحرية التعبير في البلاد بالقلق من أن الحكومة تبني قدرات مراقبة جديدة واسعة النطاق.

التعرف على الوجه

وربما تكون الأداة التكنولوجية الأكثر شهرة في ترسانة روسيا لمحاربة فيروس كورونا، هي نظام التعرف على الوجه في موسكو، والذي تم نشره في وقت سابق من هذا العام، مما اثار رد فعل غير عادي بين العامة، حيث رفع دعاة الخصوصية دعاوى قضائية بسبب المراقبة غير القانونية.

إلا أنه وفقًا لشبكة "سي إن إن"، أعطى الفيروس التاجي دفعة غير متوقعة لشعبية النظام الروسي، ففي الأسبوع الماضي، زعمت شرطة موسكو، أنها اعتقلت وغرّمت 200 شخص انتهكوا الحجر الصحي والعزل الذاتي، باستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه الذي يعتمد على 170 ألف كاميرا.

وبحسب تقرير إعلامي روسي، كان بعض المخالفين المزعومين، الذين تم تغريمهم في الخارج لمدة تقل عن نصف دقيقة قبل أن تلتقطهم الكاميرا.

وقال قائد شرطة موسكو "أوليغ بارانوف" مؤخرًا في مؤتمر صحفي "نريد أن يكون هناك المزيد من الكاميرات، حتى لا يتبقى ركن مظلم أو شارع جانبي"، مضيفًا أن السلطات تعمل حاليًا على تركيب 9000 كاميرا إضافية.

كما تم استخدام النظام أيضًا لتحليل الشبكات الاجتماعية، لأولئك الذين لديهم أو يشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا. إذْ وصف عمدة موسكو "سيرجي سوبيانين"، في مدونته الرسمية، كيف تتبعت السلطات البلدية امرأة صينية وصلت من بكين في فبراير الماضي.

وبينما أثبت الاختبار في نهاية المطاف أنها ليست مصابة بالفيروس، قال "سيرجي" إن السلطات حددت مكان سائق التاكسي الذي أخذ السيدة إلى المنزل من المطار، وصديقة قابلتها خارج مبنى شقتها في انتهاك للحجر الصحي، وجمعت بيانات عن 600 شخص يعيشون في المبنى.

ومن ثم هناك استخدام تكنولوجيا تحديد الموقع الجغرافي لتتبع ناقلي فيروس كورونا، والتي يراها علماء الأوبئة ومحللو البيانات كأداة مهمة لتتبع تفشي المرض، وتحديد موقعه.

إلا أن روسيا اتبعت نهجًا مميزًا في هذا الصدد، إذْ أمر رئيس الوزراء "ميخائيل ميشوستين" في وقت سابق من هذا الأسبوع، وزارة الاتصالات الروسية بطرح نظام تتبع يعتمد على "بيانات تحديد الموقع الجغرافي من مزودي خدمات الهاتف المحمول لشخص معين" بحلول نهاية هذا الأسبوع.

وبعبارة أخرى، فإن البيانات التي يغطيها النظام لن تكون عن شخصيات مجهولة الهوية، ووفقًا لوصف الحكومة، سيتم استخدام المعلومات التي يتم جمعها بموجب نظام التتبع لإرسال الرسائل النصية إلى أولئك الذين احتكّوا بحاملي الفيروس، وإبلاغ السلطات الإقليمية حتى يتمكنوا من وضع الأفراد في الحجر الصحي.

روسيا ليست الوحيدة

ولم تؤد مثل هذه الإجراءات إلى نقاش عام يذكر، حيث لا تعتبر روسيا الدولة الوحيدة في العالم التي زادت قدرات المراقبة لكبح انتشار الفيروس.

ففي إسرائيل، قام جهاز "شين بيت" الأمني بتركيز برنامج مراقبته القوي على تتبع تحركات مرضى فيروس كورونا، في آلية مشابهة لتلك المستخدمة في روسيا، حيث يتم استخدام بيانات الهاتف وبطاقة الائتمان لرسم خرائط التعقب، ثم يعمل المسؤولون الصحيون بعد ذلك على تنبيه وحجر الأشخاص الذين كانوا على بعد مترين من المرضى لمدة 10 دقائق أو أكثر.

وقالت وزارة الصحة في بيان، إن المعلومات لن تستخدم إلا من قِبل المتخصصين، وسيتم حذفها بعد 60 يوما، ولكن الجماعات الحقوقية قدمت عريضة ضدها إلى محكمة العدل العليا، التي حذرت من أنها ستغلق البرنامج ما لم يكن هناك مزيد من الرقابة عليه.

وفي يوم الخميس، قال برنامج "شين بيت" في بيان إنه ساعد السلطات الصحية على تحديد وعزل أكثر من 500 من السكان الذين تبين أنهم مصابون بالفيروس التاجي.

وفي كوريا الجنوبية، استخدمت الحكومة البيانات من معاملات بطاقات الائتمان، وتحديد الموقع الجغرافي للهاتف ولقطات المراقبة، لجمع معلومات تفصيلية عن مرضى كورونا، دون التعرف عليهم بالاسم، وفقًا لموقع إلكتروني حكومي.

وكانت النتيجة خريطة تُمكّن الناس من معرفة ما إذا كانوا على مقربة من ناقل فيروس كورونا، وأدت البيانات التفصيلية إلى شكوى بعض المرضى من كشف هويتهم دون موافقتهم، مما دفع السلطات لتقليص مشاركتها للبيانات.

وأفادت وكالة "رويترز" أن شركات الهاتف المحمول في الاتحاد الأوروبي تشارك البيانات مع السلطات الصحية في إيطاليا وألمانيا والنمسا، للمساعدة في مراقبة مدى امتثال الناس للتباعد الاجتماعي.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تتطلع حكومة الولايات المتحدة إلى استخدام بيانات مجهولة المصدر تم جمعها من قِبل عمالقة التكنولوجيا لأغراض مماثلة. ولكن في روسيا، يقلق نشطاء الدفاع عن الخصوصية، من أن استخدام الدولة لتكنولوجيا التعرف على الوجه يقع فيما يعرف بالمنطقة الرمادية القانونية، مشيرين إلى أن فرض إجراءات أكثر صرامة وسط انتشار الفيروس التاجي، يمكن أن يسمح للدولة بممارسة المزيد من السيطرة على مواطنيها حتى بعد انتهاء الوباء.

ما بعد كورونا

وقال "ساركيس داربانيان"، وهو محامٍ في "روسكومسفوبودا"، وهي منظمة غير حكومية تتبع حرية الإنترنت في روسيا: "يكمن الاختلاف في الدول التي لديها ثقافة خصوصية أعلى وتقييدًا كبيرًا للوصول إلى هذه البيانات واستخدامها. والشيء الأكثر رعبًا، هو أن الوباء سينتهي يومًا ما، لكنني متأكد من أن هذه الإجراءات ستبقى."

وفي تلك الأثناء، تخطط روسيا لتوسيع أنظمة المراقبة الحالية مع تزايد عدد حالات فيروس كورونا، ومع ذلك لا يعتبر نظام مراقبة موسكو كاملا. وخارج العاصمة الروسية، يقتصر نظام التعرف على الوجه على المطارات ومحطات السكك الحديدية، ولكن الحكومة تقول إنها تستعد للاستفادة من أدوات المراقبة الأخرى في محاولة لوضع خرائط لأنماط انتشار الفيروس.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com