من جنازة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة
من جنازة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلةرويترز

لماذا يُقتل الصحافيون بدم بارد؟

في كل حرب تدور يعاني الصحافيون الأمرين نتيجة تعرضهم لاعتداءات. فالاعتداءات التي تطال الجسم الصحافي العربي وحتى العالمي كبيرة، والحماية المقررة لهم بموجب القانون الدولي الإنساني يفترض أنها "مفهومة للدول والمنظمات والجيوش". لكن ما يجري على الأرض في كثير من الأحيان يخالف هذا الواقع، ويضعهم في دائرة النزاع والصراع على الرغم من أنهم ليسوا جزءًا من الحدث، وإنما هم ناقلون للحدث.

وبالعودة إلى البروتوكول الأول من اتفاقية جنيف، للعام 1977، وتحديدًا المادة 4 / أ منه، فقد نصت على الحماية القانونية المقررة للصحافيين والإعلاميين في مناطق النزاع. هذه المادة التي تعتبرهم بمثابة مدنيين، لا بل أن بعض فقهاء القانون الدولي الإنساني يعتبرون أن "الحماية التي يجب أن تتوافر لهم هي حماية أكبر من المدنيين انطلاقًا من الخطورة التي يتعرض لها العاملون في هذه المهنة".

وفي هذا، لا بد من الإشارة إلى معلومات "خطيرة" لليونيسكو في تقريرها الأخير الصادر حول المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون؛ حيث أشار التقرير إلى مقتل أكثر من 86 صحافيًا، العام الماضي؛ أي بمعدل صحفي واحد كل 4 أيام، ارتفاعًا من 55 حالة قتل حدثت خلال العام 2021، نتيجة للمخاطر الجسيمة، وحالات الضعف التي لا يزال الصحافيون يواجهونها أثناء عملهم، لا سيما في الأماكن التي يعملون في إطارها ضمن مناخ "غير آمن".

يُقتل الصحافيون في مناطق النزاع ولا بواكي لهم، والخطورة التي يتعرضون لها كبيرة وبحاجة إلى رد فعل من المنظمات المحلية والإقليمية والدولية فيما يتعرضون له من قتل وعنف، وهو أمر لن يتحقق دون رد فعل قوي من الدول، لا سيما التي تتدخل دومًا كوسيط في حل النزاعات الدولية، ومثال ذلك ما تعرض له زملاء صحافيون لقوا حتفهم في غزة، خلال اليومين الماضيين، لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم مارسوا مهنتهم في نقل الحقيقة.

إن أهمية ضبط السلوك الإجرامي تجاه الصحافيين في مناطق النزاع، ينطلق من أهمية الإعلام في نقل الصورة الشمولية الصحيحة من جهة، ومن جهة أخرى نظرًا لما يشهده العالم، اليوم، من تطور وتقدم في المجالات الإعلامية حتى أصبح النقل للبيانات والمعلومات والأخبار يتم بكل سهولة، ومن خلال الوسائل الرقمية، والتقنيات الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي زاد من أهمية العمل الصحافي المهني المحترف.

إن القانون الدولي الإنساني، يعد مظلة واسعة، وقد نشأ في إطار الحفاظ على كرامة الإنسان وآدميته وحمايته في أوقات النزاعات المسلحة سواء كانت هذه النزاعات أهلية، أو دولية. ومن هنا، فإن توسيع مظلته وتعزيز حماية الصحافيين، اليوم، ضرورة ليقوموا بعملهم بعيدًا عن الإجرام الذي يرتكب بحقهم في أوقات النزاعات المسلحة.

والحاجة، اليوم، مُلحّة إلى ضرورة ضبط الدول والجماعات المتناحرة في سلوكها تجاه الصحفيين. كما لا بد من حملة توعية شاملة بضرورة حماية الصحفي لا سيما في مناطق النزاع. حملة تبدأ من الحكومات ولا تنتهي بأفراد المجتمع والجيوش وهو أمر ينطلق من مسؤولية المنظمات والجهات الدولية، وبغير ذلك سيموت عدد أكبر من الصحفيين كما هو كل عام، وربما لا يتسع لعددهم تقرير اليونسكو الجديد.

المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبّر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com